حمزة الجبيحي : تعز.. مدينة الحياة بين الحصار والفوضى!!

منذ 5 ساعات

حمزة الجبيحي تعيش مدينة تعز، عاصمة الثقافة اليمنية، واقعاً معقداً يختلط فيه صوت الحرب بأنين الحصار، وسط معاناة إنسانية متصاعدة وأمل لا ينطفئ في قلوب سكانها الذين يواجهون قسوة الظروف بإصرار على الحياة

منذ أكثر من عشر سنوات، تعيش تعز تحت حصار خانق تفرضه ميليشيا الحوثي على مداخلها الرئيسية، ما جعل التنقّل من وإلى المدينة أمراً بالغ الصعوبة، وأدى إغلاق الطرق الحيوية إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، حيث ارتفعت أسعار الغذاء والوقود، وتراجعت الخدمات الأساسية إلى أدنى مستوياتها، ويضطر السكان إلى سلوك طرق جبلية وعرة تستغرق ساعات طويلة للوصول إلى المدن المجاورة ما يضاعف معاناة المرضى والطلاب والعاملين

صحيح ان فتح منفذ الحوبان ساهم في الحد من معاناة التنقل إلى حد كبير إلا أنه يظل مصدر تهديد على أمن تعز يتمثل في احتمالية تسرب الخلايا الحوثية إلى المدينة، ولذا صار لزامًا على الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تكون أكثر شدة ويقظة

الوضع الأمني داخل المدينة يشهد بين الحين والآخر حالات اغتيال وتوترات، في ظل محاولات متواصلة من السلطات المحلية والعسكرية والامنية لضبط الأمن وإعادة الاستقرار

لا ننكر أن الحرب والحصار له تداعياته لكن ذلك لا يعفي الجيش والأمن بتعز من القيام بواجباتهما على أكمل وجه من خلال سرعة القبض على القتلة والمجرمين والمتسترين عليهم كائنا من كان!! بل وفضحهم وتنفيذ محاكمات مستعجلة وعلنية، وانصاف الشهداء سواء شهداء الجيش الوطني أو شهداء الاختلالات الأمنية كافتهان المشهري ومرسال وغيرهم من الذين سقطوا على ايادي اجرامية وفوضوية، مع تنفيذ المطالب المشروعة للمواطنين!تعاني المدينة من نقص حاد في الكهرباء والمياه والدواء، بينما تعمل المستشفيات بإمكانيات محدودة وسط انقطاع متكرر للإمدادات الطبية، كما تشهد أحياء عدة أزمة مياه خانقة بعد توقف بعض الآبار الواقعة على خطوط التماس، ورغم الجهود المحلية للسلطات ولمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لتخفيف المعاناة، إلا أن الحاجة ما تزال تفوق القدرات المتاحة

أما الوضع الاقتصادي، فهو لا يقل صعوبة، إذ تراجعت حركة التجارة بشكل كبير، وتوقفت أغلب المشاريع الاستثمارية، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتدهور مستوى المعيشة للمواطنين

رغم كل ذلك، تظل تعز مدينة تنبض بالحياة

فالحركة الثقافية والتعليمية فيها لم تتوقف تماماً، وما زال شبابها ينشطون في مبادرات تطوعية لإصلاح الطرق وتنظيف الأحياء ودعم الأسر المحتاجة

وتعلق المدينة آمالها على تحرير ما تبقى منها من براثن الميليشيا الحوثية ورفع الحصار واستئناف مشاريع الإعمار، على ان يكون ذلك بتوجُّه مباشر من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وان تحظى تعز بدعم الاشقاء وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي لم تألُ جهدا في دعم اليمن بشكل مستمر ولامحدود، لتستعيد تعز مكانتها كعاصمة للثقافة والعلم والإبداع في اليمن

تبقى تعز اليوم رمزاً للصمود والإصرار على البقاء ورغم الجراح والدمار، فإن أبناءها يواصلون الحياة بثقة في أن فجر التحرر من الكهنوت قادم، وأن المدينة التي قاومت العدو قادرة على النهوض من جديد وبناء مستقبل أفضل لكل أبنائها