حين تصبح القوة عبئاً: قراءة في مشهد الجيوش المتكاثرة في اليم
منذ 2 ساعات
في اليمن، إنشاء جيش من المحاربين أسهل من بناء حديقة عامة
هنا تُزرع البنادق أكثر مما تُزرع الأشجار، وتزدهر الرايات ومشاريع العنف أسرع من ازدهار المدن نفسها وهذه معضلة يمنية تاريخية
في هذا البلد، يستطيع أي شيخ قبلي او ديني أن يُشكّل قوة عسكرية خلال وقت قصير، متى ما توفرت الشروط المعروفة: مالٌ عابر للحدود، وسلاح مهرب في بلدٍ مفتوح الحدود ، وخطاب تعبوي يشيطن الآخر ويبرر إقصاءه
في عام 2014، كان المشهد العسكري في اليمن محصوراً بين ترسانة علي عبدالله صالح من جهة، ومليشيا الحوثي من جهة أخرى
أما بقية المحافظات فكانت تعتمد على مقاتلين محليين بأسلحة خفيفة، دون تدريب حقيقي أو تنظيم واسع(مقاومه شعبيه)
بعد أحد عشر عاماً، تغيّر كل شيء
جيوش بمئات الآلاف: للسلفيين تشكيلاتهم، وللمجلس الانتقالي أحزمته وقواته، ولطارق صالح قواته، وللمقاومة تشكيلاتها، وللقبائل جيوشها وهناك قوات وزارة الدفاع اليمنية وهي الأقل تسليحاً في الخارطة العسكريه
لكل طرف قواته، وسلاحه، وأعلامه، وقادته، ورواتبه التي تُصرف غالباً بعملة أجنبية
في المحافظات الجنوبية، يبرز تفوق واضح للمجلس الانتقالي وقوات العمالقة على بقية المكونات
تفوق قائم على القوة العسكرية، وانتشار المدرعات، والدعم المباشر الذي يتلقونه من دولة الإمارات
لكن التجربة اليمنية القريبة تقول إن هذه الهيمنة غير مستقرة، وإن ميزان القوة في اليمن قابل للتغيير في أي لحظة
من يملك فائض القوة اليوم، قد يكتشف غداً أن هذا الفائض نفسه كان سبب هزيمته، وأن الغرور الذي غذّته القوة هو ما قاده إلى الإنحسار
القوة الحقيقية يا اصدقاءنا في الإنتقالي لا تُقاس بعدد المدرعات، ولا بارتفاع نبرة التهديد، ولا بحجم المال والتأييد الخارجي
القوة تبدأ حين تُستعاد السياسة، ويُفتح باب الحوار والشراكه، ويُفهم أن إلغاء الآخر وهمٌ باهظ التكلفة وقد جرب الحوثي ذلك بدعم ايران ومحاورها وفشل
المجلس الانتقالي، إن أراد مستقبلاً مستقراً، يحتاج إلى قدرٍ من التواضع أمام الجنوبيين واليمنيين عموماً وان يسحب قواته من المهره وحضرموت وشبوه وابين وعدن لأنها مدن لا تشبهه ولا يشبهها
والا فالتجربة تقول ان اليمن بلد تتكاثر فيه الجيوش بسرعة مذهلة، ومن يتقوى بالسلاح على الناس اليوم، قد يواجه قوى اكبر منه وأقوى خلال أشهر قليلة
الظلم لا يقود الا الى سلسله من الحروب والتدخل الخارجي يحول البلد الى ساحة حرب بالوكالة
والخاسر الأكبر هو الشعب اليمني