خارطة السلام في اليمن.. طريق غامض بلا ملامح

منذ 6 أشهر

تعز – أريج قائد – فهمي عبدالقابض جاء تبني السعودية لخارطة الطريق الخاصة بالسلام في اليمن بعد التقارب السياسي بين جماعة الحوثي والسعودية بوساطة عمانية، تجسدت في زيارة وفد سعودي عماني إلى صنعاء خلال شهر أبريل/نيسان عام 2023

كان هناك تفاهمات حول مختلف القضايا، اعتبرت منطلقًا للمفاوضات بين السعودية وسلطنة عمان وجماعة الحوثي -بغياب الجانب الحكومي- للتوصل إلى إحياء عملية السلام في اليمن تلخصت فيما بعد في جملة ”خارطة الطريق السعودية”

كل ذلك جاء كثمرة للتقارب السياسي الإيراني السعودي بواسطة الصين، وبالتالي فإن خارطة الطريق السياسية هي وليدة تفاهمات اللاعبين الإقلميين الرئيسين في الصراع اليمني، وتلبي مصالحهما بدرجة رئيسية

كما أن غياب الجانب الحكومي عن المشاورات واللقاءات في سلطنة عمان والتي أفضت إلى ملخص مسودة لخارطة الطريق السعودية، لم يكن له تفسير منطقي باعتبار المعني الأول بالتوصل إلى مسودة اتفاق يُنهي الصراع هو الحكومة التي تمثل اليمنيين، أو على الأقل نسبة كبيرة منهم

وهؤلاء يأملون بتحقيق السلام وفق ثوابت وطنية والمرجعات السياسية الثلاث، وهي المبادرة الخليجية (2011)، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014)، وقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصا القرار رقم 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم)، وهو ما ترفضه جماعة الحوثي

وهذا يفسر أن تكون التفاهمات الحوثية السعودية بواسطة عمانية خارج إطار هذه المرجعيات التي تتمسك بها الحكومة في التوصل لأي حل سياسي

ما يقود إلى تساؤلات حول طبيعة ومحتوى خارطة الطريق السعودية في اليمن، وأهم بنودها، وإمكانية تحقيقها لآمال اليمنيين في تحقيق سلام شامل مستدام

كما أن ثمة استفسارات حول الضغط الأممي والسعودي على الحكومة في وقف أي إجراءات اقتصادية، وفتح المجال لمزيد من الرحلات الجوية في الوقت الذى قامت فيه جماعة للحوثي باحتجاز 4 طائرات

وهو ما يشير إلى أن ما تم “طبخه” -إن جاز التعبير- في خارطة السعودية يعني مزيدًا من التمكين السياسي لجماعة الحوثي على حساب ما تريده الحكومة، التي قد لا تقبل بالخارطة في حال أنها لم تستند للمرجعيات السياسية الثلاث

ما هي خارطة الطريق السعودية؟سياسيون يمنيون اعتبروا خارطة الطريق مجرد افتراض أو وهم غير حقيقي، أو على الأقل بمويخرج للنور حتى الآن، مشيرين إلى عدم علمهم بشي عنها

وهو ما جعل سفير اليمن لدى المملكة المتحدة الدكتور ياسين سعيد نعمان، يقول: “نحن بانتظار توضيح ومعلومات حول خارطة الطريق السعودية من وزارة الخارجية”

وأضاف نعمان في تصريح لـ«المشاهد»، أنه لا يمكن الحديث حول مجريات الأمور إلا بعد الاطلاع عليها

من جانبه، ينفي القيادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، وجود شيء يسمى بـ”خارطة الطريق”، ويرى أنه لا خوف عما يتم الحديث عنه من خارطة الطريق السعودية، كونه كلام إعلامي، ولا يوجد في الواقع ما يسمى بخارطة الطريق بشكل رسمي

وأوضح أنه لو توجد معلومات واضحة عن نوع وتفاصيل وبنود هذه الخارطة وما تستند عليه وما تتضمنه، يمكن حينها الحديث عنها، وأنها طُبقت أم لم تطبق، بحسب حديثه مع «المشاهد»

لكن الناشط السياسي والاجتماعي عبدالقادر الجنيد قال: إن خارطة الطريق السعودية إذا تم إنعاشها ستُمكّن جماعة الحوثي أكثر وستتيح أمامه فرصًا كثيرة وستخنق الجميع

ولفت لـ«المشاهد» إلى أن خارطة الطريق جاءت دون علم ولا مشاركة الحكومة اليمنية ولم تُحط بها علمًا

الجنيد أشار إلى أن الخارطة جاءت بعد عام من المباحثات الحوثية السعودية، ومصالحة السعودية وإيران في الصين، وزيارات ومباحثات حوثية سرية وعلنية للرياض، حتى اكتمل المشهد بولادة خارطة الطريق دون معارضة من الحكومة

وبحسب الجنيد، فإن بنود خارطة الطريق السعودية تتضمن بندًا عن المرتبات، التي ستدفعها السعودية لكل الموظفين والجنود في كافة نحاء اليمن لمدة 6 شهور، (150 مليون دولار شهريًا)

بالإضاقة إلى رفع القيود على مطارات وموانئ الحوثيين، وهذا -بحسب الجنيد- سيحول الجماعة الحوثية إلى “دولة” ويرفع عنها تصنيفها كـ”حركة إرهابية”، كما سيجلب العتاد والأسلحة والصواريخ مباشرة لميناء الحديدة، وسيضاعف القوة العسكرية للحوثي

كما تتضمن الخارطة، وفقًا للجنيد، إعادة الإعمار، حيث ستصرف مئات المليارات من الدولارات بإشراف الحوثي، وستتضاعف أثناء إعادة الإعمار إمكانيات الجماعة

وذكر أن هناك بند رحيل القوات الأجنبية، حيث سيختفي النفوذ السعودي والإماراتي في اليمن، ولن تكون هناك أي قوى تناوئ الحوثيين، أو تمنع تغلغل النفوذ الإيراني، وربما هذا هو أكبر أخطاء السعودية وهو إعاقة قيام جيش يمني وطني تحت قيادة واحدة، بحسب الجنيد

كما نوه إلى بند المسائل الاقتصادية والإنسانية تحت إشراف أممي، ما يعني تنفيذ طلبات الحوثي بالحصول على جزء كبير من إيرادات النفط والغاز من أراضي الحكومة مقابل توقفه عن قصف الموانئ لاستئناف التصدير

واستبعد الجنيد أن يتم تنفيذ بند الحوار السياسي بعد ثلاث سنوات؛ لأن القوى السياسية والعسكرية المناوئة للحوثي ستكون حينها قد ضعفت بدرجة كبيرة، أو تلاشت

تحول موقف الرياضالصحفي والمحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي، قال إن سياسة السعودية كأحد أهم الأقطاب المؤثرة في الملف اليمني داخليًا وخارجيًا أخذت منذ اتفاق استوكهولم تنحى منحى دعم التسوية السياسية بين الحكومة والحوثيين

وقال لـ«المشاهد» إن ذلك حدث بعد توسع العمليات العسكرية الحوثية خارج الجغرافيا اليمنية، وأصبحت تطال الأعيان والمنشآت الاقتصادية السعودية والمناطق السكنية

وأضاف: بعد تشكيل المجلس الرئاسي، أبريل/نيسان 2022، وعودة العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية في مارس/آذار 2023، انتقلت الرياض خطوة نحو الخروج من كونها طرفًا في الحرب وداعمة للحكومة، إلى أن تصبح طرفًا وسيطًا، وللتمهيد لذلك تمت الزيارات المتبادلة بين مسؤولين سعوديين وقادة الحوثيين

تنازلات ومكاسبويتابع الفاتكي: الحكومة اليمنية فقدت بالتدريج أوراقًا كثيرة، سياسية واقتصادية وعسكرية، وجعلتها أكثر استجابة لتوجيهات وضغوط الإقليم والمجتمع الدولي، وضاقت مساحة المناورة لديها أكثر فأكثر

ويرى أن قدرات الحكومة الاقتصادية شُلّت بعد توقف تصدير النفط والغاز نتيجة قصف الحوثيين موانئ التصدير، وباتت الحكومة معتمدة على التمويل الخارجي، خاصةً من السعودية، وبالتالي بات استجابة وتعاطي الحكومة مع الموقف السعودي من الصراع اليمني أمرًا محتومًا

وبيّن أن التراجع عن قرارات البنك المركزي اليمني التي أراد من خلالها فرض عزلة مالية دولية على الحوثيين، وتقوية الموقف التفاوضي للحكومة، كشف مدى انسياق الحكومة مع الرياض في أي مفاوضات أو مواجهات مع الحوثيين

فالرياض أقنعت الحكومة على التراجع عن قرارات “مركزي عدن”؛ منعًا لعودة التصعيد العسكري مع الحوثيين، سيما بعد تهديدات الجماعة باستهداف السعودية

الصحفي صدام الحريبي اعتبر التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية للحوثيين بضغوطات سعودية وخارجية، مقدمة لتنازلات أكبر من خلال الخارطة التي يضغط الخارج على السعودية لإجبار الحكومة القبول بها، ليس لتمكين الحوثي فقط، بل وتسليمه البلاد

موقف الشعبيعتقد المراقبون أن توجس اليمنيين من أي تسوية مع الحوثيين، توجس مشروع، ما لم تضمن تلك التسوية نزع مخالب الجماعة العسكرية والاقتصادية، وبغير ذلك فإن الإقليم والمجتمع الدولي يُسوّق لسلام هش يقوّض آمال اليمنيين في إنهاء الحرب للأبد

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير