خالد بن حمد المالك : وعلى نفسه جنى المجلس الانتقالي
منذ 2 ساعات
على مدى أسابيع كانت المملكة في حركة دائمة تحاول منع التصعيد في جنوب اليمن بعد احتلال المجلس الانتقالي لمحافظتي حضرموت والمهرة، وتدعو إلى ضبط النفس، والحوار السلمي، وتحذِّر من خطورة عدم انسحاب قوات الانتقالي من المحافظتين إلى ما كانت عليه، غير أن صوت الحكمة، لم يُصغ إليه، والدعوة إلى الحوار السلمي فُسَّر على أنه ينم عن ضعف، وأن أي مبادرة لإنهاء هذه الأزمة كما لو أنها تحْرِم المجلس الانتقالي من امتيازات حققها بانقلابه على الشرعية
كان تقدير المجلس الانتقالي خاطئاً، بما في ذلك تقديره لدعم دولة الإمارات له لإرباك أمن اليمن، ودول المنطقة، وبخلط الأوراق، بما لا سابق له، ورسم واقع جديد في جنوب اليمن لا يخدم سوى إسرائيل والحوثيين، ويضر بأمن واستقرار المملكة، على نحو تُفسِّره مواقفه وإصراره على عدم الانسحاب، ثم مساندته بالسلاح الثقيل من أبوظبي، دعماً وتعضيداً من دولة الإمارات لتكريس هذا الانقلاب من طرف واحد، وبقرار انفرادي
* *لكن ما حدث جاء على غير ما توقعوه، وما سوف يأتي لاحقاً بعد القضاء على السلاح القادم من ميناء الفجيرة، إذا ما كرَّرت الإمارات بتزويدها للمجلس الانتقالي بالسلاح، لأن التعامل حينئذ سيكون أشد، وأمضى، وأبلغ، وللتأكيد فإن بقاء الوضع على ما هو عليه في حضرموت والمهرة لن يستمر، ولن يتم التسامح معه، ولن يُمهل حتى يُكرِّس الانتقالي قواته، مدعوماً من الإمارات، طالما رأت فيه الرياض ضرراً على أمنها، ودعماً لإسرائيل، وخدمة للحوثيين، ومساساً بوحدة اليمن، وتفريطاً بالتفاهمات على قاعدة إنهاء الصراع بين اليمنيين في الشمال والجنوب
* *لم تتأخر قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن) برئاسة المملكة، من التعامل مع هذا التطور الخطير، فمع تحرّك ووصول سفينتين محملتين بكمية كبيرة من الأسلحة والعربات الثقيلة كانت قادمة من ميناء الفجيرة بالإمارات إلى ميناء المكلا في حضرموت لدعم قوات المجلس الانتقالي، دون الحصول على تصاريح رسمية من القوات المشتركة للتحالف، ما اضطر التحالف لأن يقوم بتنفيذ ضربة جوية (محدودة) بناءً على طلب من رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، مستهدفاً بها الدعم العسكري للمجلس الانتقالي القادم من الإمارات
* *ولم تتردد المملكة هي الأخرى من خلال بيان وزارة الخارجية عن إعلان أسفها لما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية مع محافظتي حضرموت والمهرة، والتي تعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة، وأن ما قامت به الإمارات بالغ الخطورة، وأن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر، وسوف يتم اتخاذ ما يلزم حياله من إجراءات
* *وامتداداً لذلك جاء موقف المملكة أيضاً داعماً لرئيس مجلس القيادة الرئاسي وحكومته، والتزامها بأمن اليمن واستقراره وسيادته، وأن على قوات دولة الإمارات العسكرية الخروج من اليمن خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي للمجلس الانتقالي، تنفيذاً لطلب من رئيس القيادة العليمي، الذي أعلن إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، وإعلانه حالة الطوارئ في كل أراضي الجمهورية، بدءاً من يوم أمس ولمدة 90 يوماً، وحظر جوي وبحري وبري لمدة 72 ساعة
* *وقد جاءت هذه التطورات المتسارعة في جنوب اليمن، إثر وصول معدات عسكرية من الإمارات إلى المكلا، دعماً للمجلس الانتقالي، وما صاحبها من تدخل عسكري من التحالف، وقيام رئيس مجلس القيادة باليمن العليمي بإلقاء كلمة متلفزة ضمنها أن دور الإمارات أصبح موجهاً ضد الشعب اليمني، واصفاً سلوك الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على حضرموت والمهرة، ورفضه الانسحاب، بأنه تمرّد مرفوض، وليس له من تبرير
* *وما حدث أمس من قصف جوي لعربات وأسلحة قتالية استند على موقف مجلس الأمن ومضامين قراره 2216 وعلى طلب المجلس القيادي والحكومة الشرعية، منعاً لتقسيم اليمن، وحماية لأمنه وأمن دول المنطقة، والحيلولة دون مزيد من التصعيد، وكبح جماح المغامرين محلياً، والطامعين خارجياً ممن لهم مصالح في اليمن، ولديهم أهدافهم للإضرار بالمملكة التي تقع حدودها مع اليمن على امتداد مسافة تصل إلى 700 كلم
* *التقدير الذي لقيته المملكة من القيادة اليمنية، ومن الحكومة الشرعية، ومن مجلس حضرموت الوطني، وفي كل البيانات التي صدرت من الجانب اليمني الجنوبي، ممن هم ضد الانفصال، وضد سيطرة المجلس الانتقالي، وضد التدخل الإماراتي، والإشادات بدعم المملكة لليمن تاريخياً، هو تأكيد على أن ما قام به المجلس الانتقالي، إنما هو إساءة لليمن، واتجاه منه نحو التصعيد، تنفيذاً لأجندة خارجية، وانقلاباً على التفاهمات، واحتكاراً للسلطة والقرارات، بما لا مصلحة لليمن فيه، وإنما هو خدمة لأعداء دول المنطقة، والمستفيد منه إسرائيل والحوثيون
* صحيفة الجزيرة