د. عبدالقادر الجنيد : الريال المنهار… لماذا ارتفع فجأة؟ ولماذا يضطهدون الباعة الصغار؟

منذ 4 ساعات

د

عبدالقادر الجنيد سكان مناطق الشرعية في حالة نشوة بشأن تحسن سعر الريال

هل يمكن أن يتحول الانهيار الاقتصادي إلى انتعاش في أيام؟وهل تكفي العصا والعساكر لتغيير أسعار السوق؟خلال أسبوع واحد، الريال استعاد نصف قيمته المفقودة منذ عامين

كان الريال السعودي يساوي ٧٦٠ ريال يمني وهبط خلال أيام إلى تحت ٤٠٠ ريال يمني

نستطيع أن نؤكد أن استدامة مثل هذه القفزات غير ممكنة

وهذه هي محاولة لفهم ما يحدث

عامل الوقت مهم لتفسيرات تغيرات الاقتصاد*هناك شبه قانون في أمور الإقتصاد يقول أن تفسير ما يحدث في نفس اللحظة،  أو ما سوف يحدث في المستقبل؛ ينتهي بأن يكون تفسيرا غير صحيحا

التفسيرات الصحيحة جدا في الإقتصاد تكون دائما بأثر رجعي وبعد فحص كل الجوانب وبعد ظهور العواقب الوخيمة لكل عامل، أو التيقن من الآثار الجيدة لكل جانب

الاقتصاد علم يعتمد بشدة على البيانات، وهذه البيانات تكون دائمًا متأخرة

إذا كان الاقتصاديون شطار في تحليل الحاضر والمستقبل، فلما كان العالم قد قاسى كل تلك الأزمات الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية التي تتكرر كل عدة أعوام

الاقتصاد، عاجز عن التنبؤ بدقة لأن الاقتصاد يعتمد على عوامل بشرية ونفسية وسلوكية وسياسية غير قابلة للقياس الدقيق أو التنبؤ الكامل (حروب، قرارات سياسية مفاجئة، أزمات ثقة، قسوة، عدم اكتراث،… الخ)

نحن، قد عشنا ما يكفي من الوقت مع انهيار الريال لنفهم سبب بؤسه وبؤسنا

وسوف نحاول تبسيط الموضوع بكلمات سهلة

ولكن لم يمض ما يكفي من الوقت لفهم ما يحدث الآن أو ما سوف يحدث

**أولا: الإيرادات وانهيار الريال**١- الجمارك*دخل الجمارك في موانئ عدن والمخاء وحضرموت وغيرها، لا تذهب إلى البنك المركزي في عدن

٢- الضرائب*تحصيل الضرائب، كانت دوما مسألة شائكة وتحوم حولها الشكوك

ولكن ما يتم تحصيله كان يذهب للبنك المركزي

هذه الأيام، لا يصل للبنك المركزي في عدن إلا الفتات

٣- النفط والغاز*نحن نعرف أن الحوثي قد تمكن من خنق حكومة ودولة شرعية اليمن وحرمانها من إثنين مليار دولار سنويا بتهديد موانئ تصدير النفط والغاز

ولكن هناك دخل كبير من النفط والغاز المحلي

وهناك استيراد نفط وغازدخل آبار النفط والغاز المحلية والمصافي والاستيراد ، لا تذهب إلى البنك المركزي في عدن

**ثانيا: الجبايات والإتاوات وانهيار الريال**الجبايات والإتاوات، هي سرقة أفراد الدولة باستعمال أدوات الدولة للمواطنين في وضح النهار

لا تستطيع أن تسافر أو تتنقل أو تنقل أي شيئ أو تنقل أي قات أو طعام أو بضاعة محاية أو بضاعة مستوردة بدون المرور في سلسلة من نقاط الجبايات وفرض الإتاوات وتلقي الإهانات

هذه كلها، ترفع أسعار السلع وتتسبب بالغلاء وتدهور الأحوال المعيشية وبالتالي تضعف حركة البيع والشراء وتتسبب بركود الأسواق وتفشي البطالة

ارتفاع أسعار السلع، يعني انهيار القيمة الشرائية لريال اليمن

**ثالثا: القطط السمان وانهيار الريال**١- تعريف القطط السمان*القطط السمان، هو مجموع الناس الذين تتجمع عندهم يوميا ملايين الريالات الطازجة بدون أي مجهود

القطط السمان، أقوياء ومتنفذون

٢- القطط السمان: صغار وكبار*القطط السمان فوق سلطة القضاء وفوق القانون

يستندون على قوة السلاح الشخصي، وقوة النفوذ المحلي، وقوة الوجاهة المحلية

القطط السمان، فوقهم قطط منفوخة

معهم قططا أكبر تمكنهم من استخدام هيبة إسم الدولة، وتغاضي مركز الدولة عن مساءلتهم لأسباب قلة الحيلة أو لأسباب سياسية

وتقتسم القطط الأكبر مع الأصغر المكاسب والغنائم

**رابعا: طبع البنكنوت وانهيار الريال**طبع الريال، هو مجرد طبع ورقة

بعض الدول، تطبع الورقة وتستعمله في الإنفاق على الجيش والخدمات وتتسبب بانهيار العملة والاقتصاد والجيش والبلاد

نحن لا نعرف أرقام طبع الريال ولا إغراق البلاد بالسيولة النقدية الناتجة عن طبع الريال

**خامسا: الحوثي يتلاعب باقتصاد الشرعية**١- اقتصادان متعاديان داخل اليمن*هناك بنك مركزي صنعاء وبنك مركزي عدن

هناك ريال الحوثي:  الطبعات القديمة جدا وإصدارات جديدة هناك ريال الشرعية: طبعات قديمة فقط وطبعات جديدة

٢- الحوثي سرق ريالات الشرعية*الحوثي، مازالت معه مئات المليارات من ريالات الشرعية استولى عليها من البنك المركزي يوم استيلائه على صنعاء، ويستعملها بإغراق أسواق الشرعية بالسيولة وبالمضاربة عن طريق الصرافين بشراء الدولارات

٣- الحوثي يصدر بضائع أكثر للشرعية*صادرات الحوثي من القات والخضروات والفواكه وغيرها إلى أسواق الشرعية، ضخمة

يبيعها الحوثي في أسواق الشرعية ويستلم الثمن بريال الشرعية

ويحول قيمة ما باعه في نفس اليوم إلى ريالات سعودية ودولارات أمريكية تساهم في رفع الطلب على العملة الصعبة وفي نفس الوقت انهيار الشرعية

**سادسا: تفسيرات دراما ازدهار ريال اليمن **لا يمكن تفسير ازدهار الريال المفاجئ الدرامي إلا بانخفاض غير مفهوم للطلب على شراء الدولار

١- الإيرادات*هل قامت السلطات المحلية، فجأة وفي لحظة واحدة،  بتجميع إيرادات ٢٧٤ جهة إيرادية وتسلم دخل السنة كاملا إلى البنك المركزي في عدن

هذا لا بمكن أن يتم حتى لو أرادوا

٢- خوف قطط سمان*هل تخاف القطط السمان؟هل توقف الشراء اليومي للدولار من قبل قطط سمان الشرعية

حتى لو حدث هذا فعلا، فإن الريال لن يزدهر بهذه الصورة خلال هذا الوقت القصير

٣- القات الحوثي*لم يحدث اختفاء مفاجئا للحوثيين الذين يبيعون القات والخضروات في أسواق الشرعية

٤- صرافون حوثيون مندسون*هل هناك اختفاء مفاجئ للصرافين الحوثيين في عدن الذين يتزودون بريال الشرعية المسروق لشراء الدولار

هذا يمكن أن يثبت السعر ولكن لا يوجد بداخله لأن يرفع سعر ريال اليمن بمقدار ٥٠٪؜

٥- ارتفاع سعر الفائدة*إذا حدثت شحة مفاجئة في تواجد الريال اليمني، تجعل الناس يعزفون عن شراء الدولار فإن الطلب على الدولار سينخفض وبالتالي تنخفض معه قيمته

إذا حدثت أوضاع جديدة تجعل الراغبين في شراء الريال اليمني أكثر من عدد الراغبين بالتخلص منه، وهذا هو ما يقصدونه بالتخلص من السيولة النقدية

هذا عادة يتم برفع سعر الفائدة في البنك المركزي  الذي يجعل الناس يدخرون في الودائع البنكية ويعزفون عن الاستهلاك والإنفاق

ونحن لم نسمع من البنك المركزي عن ارتفاع سعر الفائدة

 ٦- عظمة مفاجآت الزبيدي والمحرمي والمعبقي*هناك دعايات بأن الصرامة المفاجئة لعضوي مجلس الرئاسة عيدروس الزبيدي وعبدالرحمن المحرمي والذكاء المفاجئ لمحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، هي أسباب انتعاش وازدهار ريال اليمن المفاجئ

لا يوجد شيئ إسمه عظمة مفاجئة ولا ذكاء مفاجئ

حتى روبل الإتحاد السوفييتي كان ينهار أمام قانون العرض والطلب، حيث كان سعره يتحدد من ساعة إلى ساعة ومن يوم إلى يوم في السوق السوداء

٧- تدخل السعودية*هل هناك إغراق مفاجئ للأسواق بالدولار والريال السعودي من قبل شقيقتنا وحليفة اليمن: السعودية؟هذا، لم يحدث ولن يحدث بما يكفي ليرفع سعر الريال هكذا

٨- أغرب شيئ: لا يوجد تفسير رسمي*المفروض أن يشرح لنا المجلس الرئاسي والحكومة ومحافظ البنك المركزي ما حدث وما يحدث وما سوف يحدث

ولكن هذا لم يحدث من قبل ولن يحدث اليوم

ملاحظة هامة*كل التفسيرات التي نذكرها، الآن، لازدهار الريال، لا تصمد

**سابعا:  اضطهاد البائعين الصغار بين الانهيار والازدهار**غابت الحكومة والدولة وانهار الريال، وكانوا يلعنون البائعين الصغار ليل نهار

هناك عدم ارتياح من استيقاظ السلطات المحلية المفاجئ بضجيج ارتفاع قيمة الريال وهجومهم على الباعة الصغار

هذا يدخل فقط في أبواب: استضعفوه فوصفوه

البحث عن كبش فداء

الإضطهاد والتنمر

إدعاء البطولة السلطة والحكومة في غير محله

 إظهار لشهامة ونجدة للمواطن الفقير بضرب البائع الصغير إغفال للقطط السمان والمضاربين ومن يستولي على دخل الإيرادات الجمارك والضرائب وآبار مياه الشربعدم فهم قانون العرض والطلب

خاتمة*قيمة العملة لا تُصنع بالجنود والعصي، بل بالإصلاحات الحقيقية… وإلا فالانهيار سيعود أسرع مما نتخيل

وقبل كل هذا نريد فعلا أن نفهم من الحكومة أن تشرح لنا ما الذي يحدث للريال