د. عبدالقادر الجنيد : ثمانية لطفاء وكيماويات الحوثي: حكاية الخلاف السعودي–الإماراتي في اليمن
منذ 4 ساعات
د
عبدالقادر الجنيد أول خبر اليوم، هو طارق صالح، يقطع إحدى سلاسل الإمداد للحوثي اللازمة للتصنيع الحربي
قرأت الخبر في عكاظ و الشرق الأوسطوهذا فتح لي سلسلة من الملابسات تقودنا للخلافات السعودية الإماراتية ودورها في فشل المواجهة بين الشرعية اليمنية والحركة الحوثية
موضوع اليوم، هو مغامرة مثيرة للجدل ولكننا سوف نحاول أكبر قدر من اللطافة و اللياقة وفوقهما المنطق لتجنب المكارحة والجدل وإثارة الشقاق
والمدخل لهذا الموضوع هو القبض في عرض البحر على شحنة عسكرية مهربة للحوثي
أولا: أزمة اليمنفي رأيي أن العوامل المؤثرة في أزمة اليمن، هي:١- عوامل قوة الحوثيين(قائد واحد- قرار واحد- منطقة أراضي عسكرية واحدة)٢- عوامل ضعف الشرعية(ثمانية قادة- انعدام القرار- الكانتونات)٣- عواقب خلاف السعودية والإمارات(تضعف الشرعية وتقوي الحوثية)الكلام عن عوامل قوة الحوثيين، لا يثير الجدل ولا الاعتراض
الكلام عن عوامل ضعف الشرعية، يثير الجدل ويصل إلى درجة الهجوم والسباب
الكلام عن الخلاف (الصراع) الإماراتي/السعودي في اليمن، أيضا يثير الجدل ويصل إلى درجة الهجوم والسباب
ثانيا: الإمداد والتصنيع الحربي الحوثي١- ورش وليست مصانعهو ليس تصنيعا حربيا بالمعنى الحرفي للمصطلح
هو ورش تصنيع وربط وتجميع متقدمة — أي: تحويل مكونات مدنية وعسكرية إلى منظومات سلاح قابلـة للاستخدام
هذا يتطلب مهندسين مهرة، قدرات لحام وتجهيز هيكلي، وإمداد مستمر من مكونات مستوردة
ورغم بدائية هذه الورش، إلا أنها تمنح الحوثيين قدرة رمزية على الردع وتبقيهم داخل معادلة التهديد، لا الضحية
لن نرفع من قدرة الحوثي ولن نبخس من قيمته
٢- الشحنة الحوثية المقبوض عليهافي ٩ اكتوبر ٢٠٢٥، تم ضبط 24 برميلاً من مادة «فينول + فورمالدهيد» البوليمرية المستخدمة في مقاومة الحرارة وعزل هياكل الصواريخ والطائرات المسيّرة— ومشتقات تستعمل لإخفاء الصواريخ والمسيرات من عن الرصد الراداري
— ملابس وكمامات للحماية
— بدلات وخوذ ومناظير ميدانية ومعدات غطس بحرية، ولفائف أقمشة مموهة،— كميات من المهام العسكرية الأخرى، تدل على تجهيز ورش تصنيع عسكري بمناطق الحوثيين
٣- كيف جاءت الشحنةسواء كانت من الصين أو إيران، لا يهم
وعموما هذه تفاصيل معروفة تدخل فيها غسيل الأموال، والحوالات، التمويه وإخفاء المنشأ، والعبور إلى عدة موانئ قبل الوجهة النهائية سواء في جيبوتي أو بتفريغها إلى قوارب خشبية صغيرة في عرض البحر حتى تصل إلى وجهتها النهائية على نقطة ساحلية تحت سيطرة الحوثي
٤- الحوثية: حليف واحد وقائد واحد وقرار واحدبالنسبة لي، فإن ما يهمني، هو أن الحوثيين، معهم حليف إيراني يدربهم ويزودهم ويحاول أن يوفر لهم قدرات ذاتية محلية
وأن الحوثي وحليفه، في حالة تناغم وانسجام
وأن مع الحوثيين، قائد واحد داخل اليمن يسمع كلام الإيرانيين وهو قادر لأن يقول للشيء أن يكون، فيكون
ما يهمنا، هو التعرف على صلب قوة الحوثي
ثالثا : نجاح كانتون إماراتي بعيون سعودية١- الخبر كما هوطارق صالح، وكانتون المخاء، والتمويل الإماراتي، قبضوا على كيماويات مهربة للحوثيين تستعمل في صناعات الصواريخ
هذا نجاح واضح لكانتون المخاء الإماراتي تحت إمرة طارق صالح
٢- الخبر في صحيفتي عكاظ و الشرق الأوسطالعنوان: اليمن يحبط شحنة كيماويات متطورة إلى الحوثيين، تستخدم في تصنيع الصواريخالصحيفتان السعوديتان، نسبتا القبض على كيماويات الصواريخ الحوثية المهربة إلى المقاومة الوطنية اليمنية بالتعاون مع القوات البحرية وشعبة الاستخبارات وخفر السواحل
ونقلتا الخبر عن الإعلام العسكري اليمني
٣- تعليق على صياغات الصحيفتين السعوديتينأ- نفس الصياغة تقريبا، في الصحيفتين، وهذا يسمح بأن نشير إلى أن المدير الإعلامي، هو نفس الجهة
الصياغة تمنح الانطباع بأن الإنجاز يخص اليمن عموما، لا فصيلا مدعوما إماراتيا
ب- عنوان الخبر يقول أن اليمن هي التي حققت الإنجاز وليس طارق ولا الكانتون المخاوي ولا الإمارات
ج- إسم المقاومة الوطنية، ليس مشهورا بما فيه الكفاية بين اليمنيين
الإسم المشهور هو قوات طارق صالح التابعة للإمارات
ولا أتوقع أن يعرف القارئ السعودي أو الإقليمي ما تعنيه المقاومة الوطنية اليمنية على الإطلاق
د- طارق صالح أو الإمارات، كانوا سيفضلون لو أن هذا النجاح ينسب لهم
طارق صالح، هو من أبرز رجال الإمارات داخل اليمن، وذِكره صراحة في إنجاز نوعي قد يُظهر تفوق الجناح الإماراتي ميدانيا على القوات التابعة للسعودية أو المجلس الرئاسي
رابعا: المبالغة بالشك في الخلاف السعودي- الإماراتيالخلاف السعودي- الإماراتي، هو قمة الخلل البنيوي” داخل اليمن، الذي لا يريد أحد الاعتراف به علنا
١- أسئلة وإجابات*هل أنا قد بالغت بالشك والارتياب والبارانويا؟— لا
*هل أنا قد بالغت في أهمية الخلاف السعودي الإماراتي؟— لا
*هل الخلافات السعودية الإماراتية داخل اليمن، بسيطة؟— لا
*هل يصل الخلاف إلى درجة أن يشتغلوا ضد بعضهم؟— نعم
*هل هذا الخلاف يخدم الحوثيين؟— نعم
*هل هذا الخلاف يتسبب بزيادة فشل دولة الشرعية اليمنية؟— نعم
* هل من اللائق والمصلحة الكلام في مثل هذه المواضيع؟— نعم
٢- ماذا أريد؟أنا بالتأكيد لا أريد أن أستفز طارق صالح ولا الإمارات ولا للسعودية
أنا أريدهم كلهم— ومع غيرهم— أن يخدموا اليمن
ولكن في نفس الوقت أريدهم أن يعرفوا— هم وغيرهم— نتائج وعواقب ما يفعلوه باليمن واليمنيين، وبطريقة لائقة
خامسا: ثمانية رؤساء لطفاء وأذكياءسوف نبدأ بعضو المجلس الرئاسي طارق صالح، لأنه نجم هذا اليوم ولأن كانتون المخاء هو الذي قبض على الشحنة الحوثية
١- طارق صالح:لطيف وذكي
قابلته مرتين، في الرياض وفي المخاء
قلت له: المفروض أننا، الآن، في نفس الصف بعد أن قام الحوثي بقتل عمه الرئيس صالح
لم يهاجمني أي أحد على الإطلاق بنفس القسوة، كما يهاجمني موظفي الإعلام التابعين للعميد طارق صالح
ولكن هذا ليس مهما
كلهم من تعز، وكلهم يهاجمونني بطريقة محمومة وغير مفهومة
مرة أخرى، هذا غير مهم
ما هو مهم، هو أن الخلاف الأساسي الحالي ليس شخصيا ولا مناطقيا ولا على المبادئ
الخلاف هو على فكرة الكانتونات وعلى أغراض الحليف وعلى ما يريدونه من تعز، وقد أُضيف فوق كل هذا الخلاف على مؤسسة الرئاسة و المجلس الرئاسي
٢- عيدروس الزبيدينعم، هو لطيف أيضا وذكي ويمكن التحدث معه
قابلته وتناقشنا طويلا في نيويورك
قلت له، أنت من منطقة الضالع التي تبعد عن مكان مولدي مسافة ساعة بالسيارة
وأضفت: الضالع- ما شاء الله- قد تأمنت من الحوثي أما تعز فإنها محاصرة وممزقة وتحتاج قوة الضالع
قال: مرحبا
ابدؤوا الحرب ونحن معكم
أنا انبهرت بكل هذا اللطف الزائد
الخلاف مع عيدروس ليس لأنه غير لطيف
الخلاف، هو على الكانتونات و على الانفصال وعلى مؤسسة الرئاسة
٣- سلطان العرادة، فرج البحسني، عثمان مجلي، عبدالله باوزير
كلهم لطفاء وأذكياء
قابلتهم وتناقشت معهم كلهم
المتحفظ الوحيد والذي قابلته ولمست لطفه ولكنه لم يحرص على مناقشتي، هو عبدالله با وزير
ولا يمكن أن يوجد أي خلاف جدي بيني وبينهم
ربما نختلف على فكرة المجلس الرئاسي،٤- رشاد العليميهذا صديقي منذ ٢٥ سنة
وهو كتلة من اللطف والذكاء تسير على الأرض
لطف وذكاء، يجعلني أبتسم داخليا بينما هو يرى وأنا أرى قدر الاختلافات بيننا، ولكنه ينجح دائما بإكمال الساعة أو الساعتين أو الثلاث في جو ابتسام ولطافة وذكاء، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف
أتمنى لو نحل الخلاف الحالي الأعظم بيننا، وهو: فكرة المجلس الرئاسي
وغياب مؤسسة الرئاسة
وغياب صانع القرارخاتمة: اليمن تحتاج ابتكارنحتاج لابتكار، لا يجبرنا على الغطس في أوحال مجادلات ومكارحات حول المجلس الرئاسي
ولكن في نفس الوقت، يمنح دولة الشرعية مؤسسة رئاسة فعلية ترسم السياسات، وتضع خيارات صنع القرار، يختار منها الرئيس وحده القرار
الرئيس، من يتخذ القرار وليس السبعة الأعضاء وليس الحلفاء
الرئيس، وحده وليس الثمانية من يتخذ القرار ومن يتحمل مسؤوليته
لطافات وتحيات وتمنياتكلهم لطفاء وأذكياء، وأنا أحب أن أبقى لطيفا أيضا، لكن اليمن اليوم تحتاج إلى ما هو أكثر من اللطف — تحتاج إلى مؤسسة رئاسة تقرر وتتحمل المسؤولية
لا بد من ابتكار جديد، يمنح الرئيس القدرة على القرار، دون أن يلغى الآخرون، بل ليكون القرار يمنيا واحدا، في وجه صراع الكانتونات وتنازع الحلفاء
كلهم لطفاء وأذكياء، لكن اليمن لا تُبنى باللطف فقط، بل بمؤسسة تُقرر وتُحاسب
ويمكن أن أرسل التحية إلى كل أعضاء المجلس الرئاسي والرئيس مع التمني أن يبحثوا في مسألة ابتكار مؤسسة رئاسة