د. عبدالقادر الجنيد : حرب لعدة أسابيع … نتانياهو يطمح بأن يتجرع خامنئي كأس السم بنفسه
منذ 5 ساعات
د
عبدالقادر الجنيد في اليوم الرابع لحرب اسرائيل على إيران، لا يبدو أن هناك علامات على قرب نهاية الحرب، رغم الأذى والأضرار والخسائر
سوف نزور اليوم اللطافة السعودية والتهديدات الأمريكية التي تمنع انتشار حرائق الحرب إلى المنطقة
ثم نتكلم عن انتهازية ترامب الذي يريد أن يرتزق ويتكسب من الحرب المشتعلة هذه الأيام
ثم عن تصميم اسرائيل ومدى قدرة إيران على التحمل
**أولا: لطافة سعودية وتهديدات أمريكية**اللطف السعودي:أعلنت السعودية اليوم أنها تتكفل بإعادة ٧٧ ألف حاج إيراني إلى بلادهم على نفقتها بنقلهم جوا من المدينة المنورة إلى مطار عرعر بالقرب من حدود العراق ثم برا بالحافلات إلى العتبات الشيعية لمراقد آل البيت في النجف وكربلاء وبعدها إلى بلادهم
وربما تكون المملكة السعودية هي من تكفلت أصلا بمصاريف كل الحجاج الإيرانيين منذ البداية
هذه لفتة رقيقة جدا من ولي العهد السعودي تجاه إيران
ويمكن اعتبارها مجرد علامة صغيرة ضمن سلسلة طويلة عمرها ثلاث سنوات من حركات اللطافة السعودية على طريق اتجاه عام بخطب ود إيران
المنطقة كلها فوق برميل بارود وجاهزة للاشتعال وأكبر أولويات المملكة هذه الأيام هو عدم انتشار الحرائق إلى السعودية أو إلى الخليج بفعل حرب اسرائيل مع إيران
إيران، أيضا سوف تحتاج مساعدات كبرى دبلوماسية ومالية من دول الخليج وعلى رأسها السعودية بعد انتهاء الحرب، والمتوقع أن تحصل عليها
وهكذا تكسب السعودية شهادة حسن سلوك من الغرب، وتحتفظ بعلاقة مع إيران ما بعد الحرب، وتخرج من النار بلا حريقتهديدات ترامب:إذا أضفنا لذلك أن أمريكا قد أوضحت بأنها سوف تهاجم إيران إذا قامت بمهاجمة القواعد الأمريكية أو إذا قفلت مضيق هرمز عند مدخل الخليج أو إذا هاجمت آبار النفط في السعودية والإمارات، فإننا نستطيع القول بأن إيران قد فقدت أهم أوراق ضغطها بمزيج من اللطافة السعودية والتهديدات الأمريكية كما سبق وأن فقدت أوراق ضغط وكلائها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا الذين فتكت بهم اسرائيل
خطر الحوثيين في اليمن على اسرائيل، يمكن اعتباره مجرد لسعات حشرة قمل في ظهر جمل ضخم
مجموع تأثير اللطافة السعودية والتهديدات الأمريكية، قد نجح في منع كارثة على المنطقة وعلى الاقتصاد العالمي
**ثانيا: انتهازية ترامب**ترامب، مبسوط جدا من النجاح الإسرائيلي بقتل جنرالات إيران واختراق مؤسساتهم العسكرية والنووية والأمنية والمخابراتية وقد عبر عن هذا بالكثير من التصريحات الواضحة
ولكنه لا يريد القضاء على الزعيم المرشد العام خامنئي- كما طلب منه نتانياهو - لأنه مازال بحاجة إليه ليفاوضه ويحصل منه على جوائز وغنائم هو الوحيد الذي يمكنه تقديمها
خامنئي، قد بكون المدخل لتحقيق المجد الشخصي لترامب ولتقديم الجوائز والغنائم لأمريكا
وبالتأكيد أن عمليات نقل الذخائر الأمريكية من مطارات أمريكا إلى اسرائيل- بغرض شن حرب كبرى على إيران كانت ضخمة منذ أول يوم في رئاسة ترامب ومازالت مستمرة إلى هذا اليوم
وفي نفس الوقت، لا يريد ترامب أن تتوقف اسرائيل عن ضرب إيران لأنه يتوقع أن وزير خارجية إيران عباس عراقجي سوف يعود لاهثا متقطع الأنفاس لمفاوضة مبعوثه ستيف ويتكوف وهو خمدة وجاهز لتنفيذ شروطه بوقف تخصيب اليورانيوم تماما داخل إيران
ترامب، هو الوحيد الذي يستطيع أن يوقف هذه الحرب بالضغط على ناتنياهو ولكنه لن يقوم بهذا أبدا إلا بعد أن يستسلم عراقجي لطلبات ويتكوف
وهذا هو أصلا نفس طلب نتانياهو
**ثالثا: تصميم نتانياهو على تحطيم خامنئي**١- خطر إيران*اسرائيل، تعتبر إيران عدوها الأول
قد قضت اسرائيل على قدرة ومحاولة أي بلد عربي مجاور لها يحاول مقاومة اسرائيل أو يرحم ويتعاطف مع الفلسطينيين وفجأة ظهرت لها إيران ووكلاؤها من الميليشيات العربية
وتمكنت إيران من الوصول إلى عتبات امتلاك السلاح النووي
٢- نتانياهو: يستطيع*أكبر سبب على الإطلاق عند نتانياهو لشن الحرب على إيران، هو أنه يستطيع
أي اعتداء أو أي هجوم، إنما يتم لأن المعتدي يستطيع الأذية
كل الإعتبارات والإدعاءات الأخرى، إنما هي تبريرات وتنميقات وزخرفات
نتانياهو، تخلص من أخطار إيران القادمة من لبنان ومن سوريا، واخترق إيران من داخلها على مدى سنين طويلة، وتيقن أن إيران قد أصبحت في غاية الضعف وأنها جاهزة لتفترسها اسرائيل
٣- تصميم نتانياهو*اجتماع خطر إيران على اسرائيل مع استطاعة نتانياهو على أذية إيران، هو سبب هذه الحرب
نتانياهو، مصمم على أذية إيران مهما طال الوقت
نتانياهو، كان يتوقع أن يناله الأذى من إيران أكثر بكثير مما يحدث لإسرائيل الآن وكان مستعد لتحمل الثمن
الانتقام الإيراني الحالي من اسرائيل، غير كاف لأن تتوقف اسرائيل عن ضرب إيران
لا يبدو حتى الآن أن نتانياهو سوف يتخلى عن تصميمه على الاستمرار بالحرب مهما طال الوقت
**رابعا: قدرة خامنئي على التحمل**١- ولاية الفقيه*نحتاج أولا أن ندرك أن خامنئي ليس مجرد زعيم دولة أو رئيس نظام
إنه مزيج من بابا الفاتيكان و الزعيم المطلق لدولة مثل الصين أو روسيا
اذي يريد أن يتخطى سلطة خامنئي الروحية والمادية، عليه أولا أن يتجاوز تأثير ١٥٠,٠٠٠ من رجال الدين الملالي المعممين،ويتجاوز ملايين من تنظيم الباسيج الذي يتواجد داخل كل أسرة وكل حي سكني وكل قرية في طول البلاد وعرضها،ويتجاوز القوة العسكرية للحرس الثوري الإيراني الذي هو أقوى من الجيش والذي يمتلك ثلاثة أرباع الناتج القومي الإيراني GDPإذا أرادت انتهازية ترامب الحصول على غنائم من إيران، فإن عليه أن يكسر أولا إرادة ولاية الفقيه
إذا أراد تصميم نتانياهو أن يمنع تخصيب اليورانيوم تماما داخل إيران، فإن عليه أن يكسر أولا إرادة ولاية الفقيه
٢- تغيير النظام في إيران*إيران دولة كبيرة مليئة بالثروات وتعداد سكانها ١٠٠ مليون
تغيير النظام، لا يمكن أن يتم إلا إذا اتحد الحرس الثوري مع الجيش مع الباسيج في نفس الوقت بغرض الانقلاب على ولاية الفقيه وعلى الزعيم المطلق، وهذا مستحيل
إذا حدث المستحيل وتم تحطيم الجيش والحرس الثوري والباسيج في نفس الوقت، فسينفرط عقد الدولة الإيرانية وسوف تتفسخ إلى انفصاليين من الآزاريين والأكراد والعرب والبلوش، كما تفسخت أوضاع اليمن وليبيا والسودان
على ما يبدو فإن أمريكا وكل دول الخليج لا يريدون أن يحدث لإيران ما قد حدث في بلد مثل اليمن على سبيل المثال لأن هذا قد يهدد الاستقرار ويعصف بكل المنطقة وكل ثرواتها
هناك من يحلم بظهور قائد عسكري قوي يقضي على الجميع ويقبل صداقة اسرائيل وأمريكا وأوروبا على غرار النموذج في مصر كما يقول جون بولتون مستشار ترامب في فترته الرئاسية الأولى، ولكن لا يبدو أن هذا ممكنا حسب ما شرحنا
٣- خامنئي يتجرع السم*هناك محللون يقولون بأن خامنئي المخترع الأول والمؤسس ل ولاية الفقيه كان قد رأى أن إيران قد تعبت من ثمان سنين من الحرب مع صدام حسين وقرر الموافقة على التوقف عن الاستمرار بالانتقام من العراق، وشبه ثقالة الأمر معه بأنه يشعر بأنه يتجرع كأس السم
المؤشرات من داخل إيران، تدل على أن الأذى الذي تقوم به اسرائيل كبير ولكن لم يصل بعد لدرجة أن تقوم ولاية الفقيه بتجرع كأس السم
نتانياهو وترامب، ينتظران أن يتجرع خامنئي كأس السم ويوافق على شروط اسرائيل وأمريكا
ويقولان أن هذا الأمر سوف يحتاج لعدة أسابيع
**خامسا: نهاية تدخلات إيران في اليمن**أيا كانت نتيجة الحرب هذه، فإنه من المؤكد أن دور إيران في اليمن قد انتهى تماما
قد انتهت الفائدة من الحوثيين
قد انتهت أطماع إيران التوسعية
قد انتهت الطموحات الجيوسياسية في البحرين الأحمر والمتوسط وأفريقيا
لكن على ما يبدو فإنه لا يوجد أحد في مجلس الرئاسة اليمني يفكر بالأوضاع القادمة
ولا يبدو أن أحدا داخل السعودية يفكر بمصير اليمن بعد خروج إيران
ولا يبدو أن هناك من يفكر بمحاولة التخلص من الحوثيين
ولا يبدو أن اليمنيين الموالين للسعودية والإمارات يفكرون باليوم التالي
ولا يبدو أن اليمنيين يتكلمون مع السعوديين
أكبر سلبيات العلاقة بين السعوديين و أصدقائهم اليمنيين، هي أنهم لا يتكلمون معا،… وإذا تكلموا فإنهم لا يعرفون كيف يكون الكلام،… ولا من يجب أن يتكلم مع من