د. عبدالقادر الجنيد : ماكينة الحشد الحوثية:  بين الطاعة القسرية وروح القطيع

منذ 10 ساعات

د

عبدالقادر الجنيد الحوثي، يستطيع حشد أعداد كبيرة من الناس كل يوم جمعة وفي مناسباته

هل الناس مقتنعون؟وكيف يستطيع القيام بهذا كل أسبوع وفي كل مناسبة؟ حتى ولو الناس مقتنعون، فإنه لا يمكن تجميعهم كل أسبوع بهذة الطريقة وبهذه الأعداد كل أسبوع

أنا عشت بين هؤلاء الناس

ما أعرفه عن هؤلاء الناس، يجعلني أستطيع أن أجزم أن هؤلاء اليمنيين- من أبناء جلدتي- لا يمكن أن يجتمعوا هكذا، تحت مثل هذا الحوثي، ويزعقون الصرخة الخمينية

هذه مسألة يجب أن نحاول فهمها

معرفة الواقع الاجتماعي والنفسي لليمنيين تجعلنا نرى المفارقة الكبيرة:شعب بطبيعته حر، عنيد، عصيّ على الانقياد الأعمى، ويُعرف تاريخيا بميله للاستقلالية والمجادلة… كيف إذن نراه محتشدا تحت لواء الحوثي، يصرخ بشعارات مستوردة، وبحماس يبدو للعين الخارجية كأنه حقيقي

كلاب راعي الأغنام*ما يفعله الحوثي يكاد يكون نسخة طبق الأصل لما يفعله الراعي بالأغنام والكباش بواسطة كلاب الصيد في اللقطات التي نشاهدها في كليبات الڤيديو عند إخراجها من الحظيرة ومنع شرودها بعيدا في المرعى ثم إعادة تجميعها مرة أخرى وسواقتها في رحلة العودة ثم إدخالها الحظيرة بنفس اليسر والسهولة

الحوثي، هو الراعي الذي قد استولى على اليمن وعلى ما يعتبرهم قطيع الأغنام

الماكينة الحوثية، هم كلاب الراعي Shepherd Dogs الذين يسوقون الأغنام

حشود الناس، هم قطعان الكباش والأغنام

نحن، هنا لا نقصد الإهانة أو التحقير لا للحوثي (الراعي)،ولا لأدوات وماكينة الحوثي (كلاب الرعي)،ولا للحشود من عموم الناس (القطيع)

نحن، حتى مستعدون لإبداء الإعجاب بقدرات ماكينة الحشد الحوثية، هذه

الغرض، هو فقط محاولة الوصف والشرح والفهم

**ماكينة الحشد الحوثية**١- رأس الماكينة: *عبد الملك الحوثي- مجلس الجهاد- المشرفون- اللجان الشعبية

٢- نواة ماكينة الحشد:*السلاليون ويتمسح بهم ويلحسهم المتحوثون والمنتفعون والمتسلقون

 هؤلاء مضمونون وهم موجودون في قلب الحشد وأطرافه، ويحضرون تلقائيا بطلب وبدون طلب

٣- أدوات الماكينة:*الجهاز البيروقراطي للحكومة: وزراء- محافظون- مدراء أمن،…الشيخ والعاقل:أنا أكاد أجزم أن شيخ القبيلة وعاقل القرية وعاقل الحارة في المدينة وعاقل السوق أهم من الوزير والمحافظ

الوزير والمحافظ، لا يستطيعون الوصول لعموم الناس إلا عن طريق شيخ القبيلة وعاقل القرية وعاقل الحارة وعاقل السوق، الذين يعيشون بين الناس ويعرفون حاجاتهم وطلباتهم ونقاط ضعفهم ومخاوفهم

هؤلاء من ابتكارات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقد ورثهم الحوثي ويستعملهم نسخة طبق الأصل

٤- لوجيستيات الماكينة:*ميزانيات مالية

شاحنات نقل مكشوفة- سائقين، وقود،…٥- حوافز الماكينة:*وعود مؤجلة؛ التوظيف، وسلال الغذاء، والمعونات الدولية،  والوساطات وإنجاز مهمات في الدوائر الحكومية

أجرة فورية؛ فلوس مصروف يوم الحشد- وجبة غداء- تخزينات قات- رحلة جماعية مع الأهل والجيران والأصدقاء

٦- طُعْم الماكينة:*هذا إغواء يشبه الطُعْم المشبوك في خطاف سنارة صيد السمك

من المفيد الحوثي أن يكون هناك شيئا مكروها عند الجمهور لينددوا به ويصرخون ضده؛ مثل العدوان السعودي الصهيوني، المرتزقة،  أمريكا، اسرائيل، ظلم الفلسطينيين

ويمكن استعمال الدين، الرسول، الوطنية، القومية، وحتى الأممية؛ ليصرخوا تحت راياتها ويافطاتها

٧- قلة حيلة الناس داخل الماكينة:*هناك غياب البديل السياسيفي المناطق الخاضعة لهم، لا يوجد صوت معارض قوي على الأرض، وهذا يجعل الناس بلا خيارات واضحة للتعبير عن رفضهم

ولا يوجد ما يجعل الناس يشعرون بالحياء أمام ما قد يقوله باقي أهل اليمن عن حشودهم وصراخهم مع الحوثي

ولا يوجد ما يجعل الناس أن هناك من قد يأتي لينقذهم من مأساتهم وبؤسهم واضطرارهم للصراخ مع الحوثي

٨- قبضة الماكينة:*إقرأ الفاتحة وادع الله وبيدك صميلهذا يعني إعطهم الراية والصرخة والشعار وإذا لم يكن هذا كافيا، فلابد من الشهيق والزفير وممارسة النخيط والهنجمة والتهديد والوعيد

عندما لا تفلح كلاب الراعي بإغواء الكباش فإنها قد تكشر عن أنيابها بدون أن تستعملها

٩- اضطرار الناس لدخول الماكينة*لا يمكن للمواطن العادي أن ينجز معاملاته مع الدوائر الحكومية ولا أن يستقر أطفاله في المدرسة إذا لم يكن متجاوبا مع هذه الآلة العملاقة

١٠- روح القطيع تتقمص الماكينة*وبعد تجميعهم فوق شاحنات النقل، وتزويدهم بالرايات الخضراء واليافطات وتلقينهم الصرخات والشعارات، تتقمصهم روح القطيع والإحساس بالعمل الجماعي وأنهم في مهمة مشتركة ينبغي إنجازها

الحشود الكبيرة تُذيب الفرد في الجماعة، وتمنحه إحساسا زائفا بالقوة واليقين

هذا ما يفسر “الصرخة الجماعية” التي تخفي بؤس الأفراد خلف نشوة لحظية

وعندها تزمجر حشود الحوثي بصرخة طهران الخمينية في ميدان السبعين في صنعاء وفي عواصم المحافظات

خاتمة*ما يحدث لليمنيين في ميادين تجميعهم في الميادين يهتفون ويزعقون الصرخة الخمينية، كل يوم جمعة وفي المناسبات الحوثية، هو نوع من السَّخَرَة وممارسة العبودية

وحتى يدخل في باب الحرام

قواعد الفقه، تقول: ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”

رسول الله النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- علمنا أن الحياء لا يجوز أن يُستعمل لإكراه الناس على قبول ما لا يريدون

والحشد تحت الإكراه أو الخوف يتنافى مع حرية الإنسان التي أقرها الشرع