د. عبده سعيد مغلس : الرئيس رشاد العليمي.. صبر الدولة الأخير في وجه الانقلاب والفوضى

منذ ساعة

د

عبده سعيد مغلس هذه قراءة لمشهد الأزمة التي أختلقها المجلس الانتقالي بتصرفه الأحادي

1- مقدمة

  في أشد لحظات الانكسار الوطني، حين تتكاثر السكاكين وتُفتح الجبهات من كل اتجاه، لا يبقى في الميدان إلا الرجال الذين يؤمنون بالدولة بوصفها قدرًا لا خيارًا، وفي خضم الأزمة الراهنة التي تعصف باليمن سياسيًا واقتصاديًا وخدميًا، يقف فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي لا كخطيب يوزّع الوعود، بل كقائد يتحمّل ثمن القرار، ويواجه الحقيقة العارية مهما كانت قاسية

وفي لحظات الانهيار الوطني، لا تُقاس القيادة بحدة الخطاب ولا بسرعة القرارات، بل بقدرتها على منع السقوط الكامل حين تتكاثر الانقلابات، وتشتعل الجبهات، وتُستنزف الدولة من الداخل قبل أن تُهزم من الخارج

واليمن اليوم يقف عند هذه اللحظة الفاصلة؛ لحظة تَختبر فيها الدولة قدرتها على البقاء، لا قدرتها على تسجيل انتصارات سريعة

في قلب هذا المشهد المعقّد، يقف فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي لا بوصفه رئيس مرحلة انتقالية فحسب، بل بوصفه صبر الدولة الأخير في مواجهة انقلاب مسلح من جهة، وفوضى سياسية وسلوكيات أحادية من جهة أخرى، رجل اختار أن يتحمّل كلفة الصبر والحكمة، في وقت كان فيه الانفجار أسهل سياسيًا، لكنه كان الأكثر تدميرًا وطنيًا

2- دولة مثقلة بالإرث، ماذا ورث الرئيس رشاد العليمي فعليًا؟تسلّم الرئيس رشاد العليمي دولة منهكة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حرب طويلة، اقتصاد شبه منهار، مؤسسات مشلولة، خدمات هشة، وشرعية مستنزفة بالصراعات الداخلية، وتعدد مراكز القرار، لم يرث دولة تعمل بكفاءة، بل دولة تحاول البقاء واقفة

لم يتسلّم الرئيس رشاد العليمي دولة مستقرة ولا مؤسسات معافاة، لقد تسلّم وطنًا منهكًا، واقتصادًا منهارًا، وموارد مستباحة، ومشهدًا سياسيًا هشًا، تمزّقه المشاريع الضيقة، ومع ذلك، رفض طريق الهروب، ورفض بيع الأوهام لشعب أنهكته الأكاذيب، اختار طريقًا أصعب، ترميم الدولة من داخل الحطام، وإدارة الأزمة بعقل بارد، وحكمة وحنكة، وقلب مشغول بمصير اليمن كله، لا بمكاسب لحظة

ومنذ اللحظة الأولى، وضع استعادة هيبة الدولة وتماسك مؤسساتها في صدارة أولوياته، مؤمنًا أن أي معالجة اقتصادية أو سياسية لا تستند إلى دولة قوية لن تكون سوى مسكنات مؤقتة

وهذا السياق ضروري لفهم كل قرار اتُخذ لاحقًا، بعيدًا عن القراءات السطحية التي تحاكم النتائج دون النظر إلى حجم الخراب المتراكم

3- لحظة الحقيقة الوطنية، وبروز رجل الدولة حامل المشروع الوطني

 في اللحظات الفاصلة من تاريخ الأمم، لا يعود الحياد فضيلة، ولا الصمت حكمة، هناك لحظات تُجبر الجميع على الاختيار إما دولة جامعة، أو فوضى تلتهم ما تبقّى من الوطن

 واليمن اليوم يقف عند هذه اللحظة الحرجة، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية مع التحديات السياسية، وتتسلل المشاريع الضيقة لتنهش جسد الدولة المنهك، في هذا المشهد المعقّد، يبرز فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، بوصفه عنوانًا لمعركة بقاء الدولة، لا رجل مرحلة عابرة، بل حامل مشروع وطني، يحاول إنقاذ اليمن من السقوط النهائي والتفتت

4- لا للانقلاب ولا للفوضى

 وإذا كانت مواجهة انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية واجبًا وطنيًا لا خلاف عليه، فإن التحدي الأخطر تمثّل في السلوكيات الأحادية داخل معسكر الشرعية نفسها، هنا، اتخذ فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي موقفًا وطنيًا واضحًا وحازمًا في مواجهة تصرفات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تجاوزت منطق الشراكة، وسعت إلى فرض الأمر الواقع بالقوة المسلحة

قالها العليمي بوضوح لا دولة تُدار بالتفرد، ولا شراكة تُبنى بالإكراه، ورفض تحويل الخلافات السياسية إلى أدوات لتمزيق الدولة، وأصرّ على أن أي إدارة للمحافظات أو المؤسسات يجب أن تتم عبر مجلس القيادة الرئاسي والدستور، لا عبر السلاح أو الضغوط، بهذا الموقف، لم يدافع عن شخصه، بل عن فكرة الدولة الجامعة التي تحمي الجميع دون استثناء

5- المعركة مع الانقلاب ومع الفوضى معًا

وإن كانت مواجهة انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية، معركة واضحة العنوان، فإن التحدي الأخطر تمثّل في محاولة فرض الواقع بالقوة المسلحة داخل معسكر الشرعية نفسها، هنا اتخذ العليمي موقفًا لا لبس فيه، لا دولة تُبنى بالفرض، ولا شراكة تُدار بالأمر الواقع، وفي مواجهة التصرفات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، كان موقف فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي ثابتًا فقد رفض أي خطوات خارج إطار الدستور ومجلس القيادة الرئاسي، والمرجعيات من المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية، حتى قرار تسليم السلطة واتفاق الرياض، والتأكيد أن إدارة المحافظات والمؤسسات لا تكون بالقوة، بل بمؤسسات الدولة والتوافق والشراكة الوطنية

لم ينجرف فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي إلى خطاب التخوين والتشنج ولا إلى إشعال صراعات داخلية، لكنه في الوقت نفسه لم يساوم على هيبة الدولة، خاطب الداخل والخارج بوضوح: أي مشروع يتجاوز الدولة هو خدمة مجانية للانقلاب، وأي تمزيق للصف الوطني هو طعنة في ظهر اليمنيين جميعًا، شمالًا وجنوبًا

6- المملكة العربية السعودية سند الشرعية وعمق الدولة في قلب هذه المعركة، لا يمكن تجاهل الدور المحوري الصادق الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في دعم الشرعية اليمنية، فمنذ اللحظة الأولى، كانت المملكة سندًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا للدولة اليمنية، وحائط صد في وجه محاولات إسقاطها أو تفكيكها

لم يكن دعم الرياض دعمًا لأشخاص، بل للدولة اليمنية ومؤسساتها، ولخيار الاستقرار في مواجهة مشاريع الفوضى، وقد شكّل هذا الدعم وبرعاية خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ركيزة أساسية مكّنت القيادة الشرعية، وعلى رأسها فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، من الصمود في وجه الانهيار، ومواصلة معركة استعادة الدولة رغم تعقيد المشهد

7- أثر التصرف الأحادي للمجلس الانتقالي على تماسك صف الشرعيةإن أخطر ما يواجه الشرعية اليوم ليس فقط انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية، بل تفكك الجبهة المناهضة له من الداخل، فالتصرفات الأحادية التي ينتهجها المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض أمر واقع أمني وإداري خارج مؤسسات الدولة، أضعفت مفهوم الشراكة الذي قام عليه مجلس القيادة الرئاسي، وحوّلت الخلاف السياسي إلى صراع صلاحيات يستهلك طاقة الشرعية ويقوض ثقة الداخل والخارج بها

هذه السلوكيات لا تضرب فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي شخصيًا، بل تضرب هيبة الدولة ومفهومها ومؤسساتها، وتخلق سابقة خطيرة مفادها أن السلاح والإعلام قادران على تجاوز الدولة، والنتيجة المباشرة هي تشتيت الجهد الوطني، وتعطيل المؤسسات، وإضعاف القدرة على اتخاذ قرار موحد في لحظة مصيرية

 8- كيف يخدم هذا التصرف الأحادي الإرهاب الحوثي عمليًا؟في السياسة، لا تُقاس النوايا بالخطاب، بل بالنتائج، وكل نتيجة للتصرف الأحادي خارج الدولة تصبّ - بقصد أو دون قصد - في مصلحة جماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، فحين تنشغل الشرعية بإدارة أزمات داخلية، يربح الحوثي الوقت، ويعيد التموضع، ويعزز سرديته بأن خصومه عاجزون عن إدارة دولة

كما أن نقل بوصلة الصراع من معركة استعادة الدولة إلى “معركة داخل معسكر الشرعية” يمنح الحوثي هدية استراتيجية مجانية، تفكيك خصومه لأنفسهم بأيديهم، وإضعاف الضغط العسكري والسياسي عليه، وتخفيف العزلة الدولية المفروضة عليه

9- حين يُخنق التحرير من الداخل، كيف تحوّل تعطيل مؤسسات الشرعية إلى طوق نجاة للإرهاب الحوثي؟منذ سنوات، تحوّل تعطيل عمل رئاسة الدولة والحكومة والمؤسسات إلى أداة ضغط سياسي، لا إلى وسيلة تصحيح، هذا التعطيل الذي بدأ منذ عهد الرئيس السابق هادي، واستمر بأشكال مختلفة، أصاب جوهر الشرعية بالشلل، وأفشل أي محاولة لتحقيق استقرار حقيقي في المناطق المحررة

الخدمات تدهورت، الثقة الشعبية تآكلت، والاستثمار والدعم الخارجي تراجعا، لأن الدولة بدت عاجزة عن إدارة مناطقها، وفي السياسة، حين تفشل الشرعية في تقديم نموذج حكم، فإن خصمها مهما كان انقلابيًا يستفيد، هكذا مُنح الحوثي أخطر ما يحتاجه، خصمٌ يظهر منقسمًا وعاجزًا، وغير قادر على الانتقال من إدارة الأزمة إلى فعل التحرير

10- التصرف الأحادي ومعركة الصلاحيات: كيف تآكلت هيبة القرار الجماعي؟لم يكن الخلاف داخل معسكر الشرعية خلاف برامج أو رؤى فقط، بل تحوّل في محطات كثيرة إلى تصرف أحادي يتجاوز مؤسسات الدولة وقرارها الجماعي، بهدف فرض الأمر الواقع، وخلق ترتيبات أمنية وإدارية خارج إطار الدولة، أضعف مجلس القيادة الرئاسي، وأفقد الشراكة معناها الحقيقي، وحوّل الخلاف السياسي إلى صراع نفوذ يستنزف الجميع

هذه السلوكيات لا تضرب شخص فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، بل تضرب فكرة الدولة ذاتها، لأنها تكرّس منطق أن القوة والإعلام قادران على تجاوز المؤسسات، وهو منطق يناقض جوهر الشرعية التي قامت لمواجهة الانقلاب لا لمحاكاته

 11- خرق المرجعيات، من مخالفة قرار نقل السلطة إلى الالتفاف على اتفاق الرياض

التصرف الأحادي الذي قام به المجلس الانتقالي خرق لقرار نقل السلطة وانقلاب ناعم على اتفاق الرياض

التصرف الأحادي الذي يمارسه المجلس الانتقالي الجنوبي، لا يمكن اختزاله في كونه خلافًا سياسيًا أو تباينًا في الرؤى، بل هو مخالفة صريحة لمرتكزين قانونيين شكّلا أساس الشرعية الحالية، قرار نقل السلطة واتفاق الرياض، فقرار نقل السلطة لم يمنح أي طرف حق التفرد أو إدارة الجغرافيا بالقوة، بل أسّس لمرحلة قيادة جماعية تحت سقف الدولة، مرجعيتها الدستور، وغايتها استعادة اليمن لا إعادة تقسيمه، كما أن اتفاق الرياض لم يكن تسوية مؤقتة، بل عقد شراكة وطنية ملزم، ينص بوضوح على توحيد القرارين الأمني والعسكري، ودمج التشكيلات، وإنهاء مظاهر الأمر الواقع

التصرف الأحادي الذي قام به المجلس الانتقالي وتحريض الناس، لا يمثّل مجرد تجاوز سياسي، بل خرقًا صريحًا لمرجعيتين قام عليهما الإطار الحالي للشرعية، قرار نقل السلطة واتفاق الرياض، كلاهما أسّسا لقيادة جماعية، وشراكة ملزمة، وتوحيد القرارين الأمني والعسكري

إن القفز على هذه المرجعيات عبر فرض ترتيبات أمنية وإدارية خارج مؤسسات الدولة، لا يمثل فقط إخلالًا بالاتفاقات، بل تقويضًا مباشرًا للأساس القانوني الذي قامت عليه الشرعية ذاتها، والخطورة هنا أن هذا المسار، إن تُرك دون تصحيح، يفتح الباب أمام منطق “الشرعية الانتقائية”، حيث يلتزم الطرف بالاتفاق حين يخدمه، وينقلب عليه حين يُقيّده ويلزمه، وهذا، في منطق الدول، ليس شراكة ولا سياسة، بل انزلاق نحو فوضى مقنّعة تٌهدد فكرة الدولة من جذورها، وتٌهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي

وفي هذا السياق، فإن تمسك فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي بمرجعيات نقل السلطة واتفاق الرياض لا يُعد تشددًا سياسيًا، بل دفاعًا عن الشرعية نفسها، وعن آخر إطار جامع يمنع تحوّل الخلافات إلى انقلابات ناعمة تُدار باسم الشراكة بينما تهدمها في الواقع

 12- الأمن القومي اليمني والسعودي والعٌماني في مهب التفكك

الأمن القومي اليمني لا ينفصل عن محيطه، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية وعُمان، فإضعاف الدولة اليمنية، وتفكيك قرارها، ينعكس مباشرة على أمن الحدود، والسواحل، والممرات البحرية، أي تعدد لمراكز القرار، أو ازدواج في السيطرة، يخلق ثغرات تستفيد منها المليشيات والقوى المعادية

ومن هذا المنطلق، فإن وحدة الشرعية ليست شأنًا داخليًا فقط، بل مصلحة إقليمية مباشرة، لأن الدولة اليمنية الموحدة هي خط الدفاع الأول ضد تمدد الفوضى والتهديدات العابرة للحدود

وتصرف الانتقالي الأحادي هدد الأمن القومي اليمني والسعودي والعٌماني

13- البيان السعودي اليوم رسالة دعم للدولة لا للفوضىفي هذا السياق، جاء البيان الصادر اليوم عن وزارة خارجية المملكة العربية السعودية، ليعيد الأمور لمسارها، وليؤكد بوضوح سياسي محسوب، دعمها للشرعية اليمنية، ووحدة مؤسساتها، ورفض أي مسارات تُضعف الدولة أو تخرج عن الأطر والمرجعيات المتفق عليها، وتعول المملكة بأن يبادر المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد، وخروج قواته بسلاسة وبشكل عاجل من محافظتي حضرموت والمهرة، ودلالة هذا البيان لا تكمن في توقيته فحسب، بل في رسالته، المؤكدة أن استقرار اليمن يمر عبر مؤسساته الشرعية، وقيادته المعترف بها، لا عبر فرض الأمر الواقع أو إدارة الخلافات بالقوة

هذا الموقف يعكس إدراكًا عميقًا بأن أي إضعاف للشرعية هو إطالة لأمد الحرب، وأن صيانة الإطار الجامع للدولة هو المدخل الوحيد لأي حل مستدام

14- الرئيس رشاد العليمي والقضية الجنوبية، محاولة الحل من داخل الدولة لا على أنقاضها

في تعاطي فخامته مع القضية الجنوبية، أدرك فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، أن الإنكار أو القمع ليسا حلًا، وأن المظالم لا تُمحى بالشعارات، لذلك سعى إلى نقل القضية من منطق الشارع والفرض، إلى منطق الدولة والمؤسسات، ضمن مجلس القيادة الرئاسي والمرجعيات المتفق عليها وحل القضية الجنوبية ضمن مخرجات الحوار الوطني، وحاول فتح مسارات سياسية، وتقديم معالجات واقعية، لأن هدفه لم يكن كسب جولة سياسية، بل منع انفجار جبهة داخلية جديدة

15- التنازلات التي أُسيء فهمها، لماذا لم يكن صبر العليمي ضعفًا؟قدّم فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي تنازلات محسوبة، وأصدر قرارات لمعالجة ملفات حساسة، من تعيينات وإنصاف من تعرّضوا للإقصاء أو التسريح، في محاولة لرأب الصدع وبناء الثقة، وتعميق التشارك والمشاركة، هذه الخطوات فُسّرت لدى البعض على أنها ضعف، لكنها في منطق الدولة إدارة كلفة لا استسلام

القوة ليست في كسر الشريك، بل في منع انهيار الدولة بسبب صراع داخلي، وفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، في هذا السياق، اختار احتواء الأزمة بدل تفجيرها، لأنه كان يدرك أن أي صدام داخلي شامل سيمنح الحوثي نصرًا مجانيًا، ويقضي على ما تبقى من الشرعية

16- من يخدم الحوثي؟ قراءة في النتائج لا في الشعارات

السياسة تُقاس بالنتائج، كل تعطيل للمؤسسات، كل صراع داخلي، كل تصرف أحادي خارج الدولة، يصب عمليًا في مصلحة مليشيا الحوثي الإرهابية، لا لأنها الأقوى عسكريًا فحسب، بل لأن خصومها ينشغلون بأنفسهم، ويظهرون عاجزين أمام شعبهم والعالم، وهكذا يُخدم الانقلاب بالأخطاء المتراكمة

17- الرئيس رشاد العليمي وإدارة الأزمة:1- إدارة الأزمة من داخل الدولة: حين اختار العليمي منطق المؤسسات لا ردّات الفعل

 منذ تفجّرت الأزمة الأخيرة بالعمل الأحادي للمجلس الإنتقالي بتقسيم الدولة، تعامل فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي معها بوصفها اختبار دولة لا مجرد أزمة سياسية عابرة

 داخليًا، حرص على إبقاء المعالجة ضمن إطار مؤسسات الدولة، مجلس القيادة الرئاسي، الحكومة، والسلطات الدستورية، رافضًا الانزلاق إلى منطق البيانات المتبادلة أو الصدامات الإعلامية التي تُفقد الدولة هيبتها، هذا النهج لم يكن ترفًا سياسيًا، بل رسالة واضحة بأن الخلاف مهما بلغ يجب أن يُدار من داخل الدولة لا على حسابها

 خارجيًا، فعّل المسار الدبلوماسي والإقليمي، واضعًا الشركاء أمام صورة واضحة، أزمة داخل معسكر الشرعية لا تُحل بالفرض، ولا تُدار بالقوة، بل بالعودة إلى المرجعيات، بهذا التوازن، حافظ على وحدة الخطاب الرسمي، ومنع تحويل الأزمة إلى ذريعة لإضعاف الاعتراف الدولي بالشرعية

2- الالتفاف الوطني، حين تتكلم مؤسسات الشرعية بصوت واحد

 الدلالة الأهم في مسار الأزمة لم تكن في التصريحات الفردية، بل في الالتفاف الوطني المؤسسي حول رئاسة الدولة

فبيانات مجلس النواب اليمني، ومجلس الشورى اليمني، ومواقف التكتل الوطني للأحزاب والمكوّنات السياسية، إضافة إلى مؤسسات الدولة المختلفة، عكست حقيقة سياسية بالغة الأهمية، أن الأغلبية الساحقة داخل الشرعية ترى في التصرف الأحادي خطرًا على الدولة، وترى في فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي مرجعية التوازن وحارس الإطار الجامع

هذا الالتفاف لا يمكن قراءته كمجرد تضامن بروتوكولي، بل بوصفه تصويت ثقة سياسي للرئيس رشاد العليمي، وفي نهج إدارته الأزمة، ورسالة داخلية وخارجية بأن الشرعية - رغم الجراح- ما زالت تمتلك مركز قرار، وأن محاولات تجاوز هذا المركز لن تمر دون كلفة سياسية

 3- الدبلوماسية تثبيت الرواية وحماية الشرعية

 تحرك فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي خارجيًا مع الإقليم والعالم بوعي رجل الدولة، لا بردود فعل، أعاد تقديم القضية اليمنية للعالم باعتبارها معركة دولة ضد انقلاب، لا نزاع مصالح، هذا الحضور الدبلوماسي أسهم في تحصين الشرعية، وفضح المشاريع التي تحاول القفز على الدولة، وأمّن غطاءً سياسيًا ودبلوماسيا واقتصاديًا بالغ الأهمية في مرحلة حرجة

 4- لقاءات السفراء، تثبيت الشرعية دوليًا وعزل السلوك الأحاديفي موازاة المسار الداخلي، جاءت لقاءات فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية، وسفراء الاتحاد الأوروبي، لتؤكد أن إدارة الأزمة لم تُترك للصدفة، هذه اللقاءات لم تكن شكلية، بل هدفت إلى تثبيت ثلاث رسائل مركزية:أولها: أن وحدة اليمن واستقراره خط أحمر دوليًا

ثانيها: أن أي تصرف أحادي خارج مؤسسات الدولة يُعد خروجًا عن مرجعيات الحل السياسي

ثالثها: أن الشرعية بقيادة فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، ما زالت الطرف القادر على إدارة الدولة والشراكة السياسية

  وقد انعكس ذلك في بيانات متعاقبة شددت على وحدة اليمن، واستقرار مؤسساته، وضرورة الالتزام بالمرجعيات، بما يعني عمليًا عزل السلوك الأحادي سياسيًا، ونزع أي غطاء دولي محتمل عنه

5- دلالة البيانات الإقليمية والدولية، إجماع على الدولة لا على الأمر الواقعتقاطعت مواقف عدة أطراف دولية وإقليمية في اتجاه واحد، لكل منها دلالته الخاصة:1- بيان دول مجلس التعاون الخليجي: حمل رسالة إقليمية واضحة بأن أمن اليمن واستقراره جزء من أمن المنطقة، وأن وحدة دولته وأرضه ومؤسساته وسلامته واستقراره، شرط لأي مسار سياسي أو أمني مستدام

2- بيانات ومواقف السفراء: أكدت أن الشرعية هي الإطار المعترف به، وأن الخروج عن مرجعيات الحل يهدد العملية السياسية برمتها، وأن وحدة اليمن وسلامته وسيلة السلام والاستقرار

3- موقف الاتحاد الأوروبي: شدد على الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، ورفض أي خطوات تُضعف الدولة أو تقوض الشراكة السياسية

4- بيان مجلس الأمن الدولي الأخير: جاء ليضع سقفًا دوليًا صارمًا، بتأكيده على المرجعيات المتفق عليها، ووحدة اليمن، ورفض أي مسارات أحادية تُقوّض الاستقرار

هذا التلاقي في المواقف لا يُفهم إلا باعتباره ثمرة لإدارة دبلوماسية واعية قادها فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، نجح من خلالها في نقل الأزمة من كونها نزاعًا داخليًا قابلاً للتأويل، إلى قضية واضحة المعالم دولة وشرعية في مواجهة سلوك أحادي يهدد تماسكها

6- خلاصة هذا المسار: إدارة أزمة لا صناعة أزمة ما يميز إدارة فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي للأزمة هو أنه لم يسع ليصنع عدوًا داخليًا جديدًا، ولم يُحوّل الخلاف إلى معركة كسر عظم، بل عمل على احتوائه سياسيًا، وعزله دوليًا، وتحويل كلفته على من يصرّ عليه، فداخليًا، حافظ على مؤسسات الدولة؛ ووطنيًا، حشد الالتفاف السياسي؛ ودوليًا، ثبّت المرجعيات وعزل السلوك الأحادي

 بهذا المعنى، لم يكن الرئيس رشاد العليمي رئيسًا يطفئ حريقًا، بل رجل دولة يمنع حريقًا أكبر، وفي زمن تُدار فيه الأزمات بالانفعال، اختار أن يديرها بالعقل، واضعًا مصلحة اليمن ووحدته فوق كل حساب

18- الالتفاف حول الرئيس العليمي واجب وطني وقرار سياسي حاسم وضرورة وجودية وصمام أمان

إن الالتفاف حول فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي اليوم ليس اصطفافًا ضد طرف، بل اصطفاف مع الدولة، فكل تصرف أحادي يضعف الشرعية، ويقوّي الحوثي، ويهدد الأمن القومي اليمني والسعودي والعٌماني معًا

1- والسؤال الذي يجب أن يُطرح بوضوح:هل نريد دولة تواجه الحوثي بصف واحد، أم ساحات متنازعة تمنحه النصر دون قتال؟في هذه اللحظة الحرجة، لا يملك اليمن ترف التجارب، ولا رفاهية الصراعات الثانوية، والالتفاف حول قيادة الدولة، ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، لم يعد خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية

2- سؤالين منهجيين:1-    لماذا الالتفاف حول الرئيس رشاد العليمي اليوم ضرورة وطنية؟إن الالتفاف حول ا فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي اليوم ليس ترفًا سياسيًا، ولا اصطفافًا عاطفيًا، بل واجب وطني لحماية ما تبقى من الدولة فالرجل يخوض معركة مزدوجة، ضد انقلاب مسلح من جهة، وضد الفوضى والتفرد من جهة أخرى، في وقت ينهار فيه الاقتصاد ويئن فيه المواطن

 البديل عن دعمه ليس قيادة أخرى، بل فراغ قاتل، وانقسام أعمق، وانتصار مجاني لأعداء اليمن، وفي زمن تتكاثر فيه المشاريع الصغيرة، يظل الرئيس العليمي عنوان مشروع الدولة الواحدة، مهما كانت التحديات

هذه ليست معركة رئيس، بل معركة وطن، ومن لا يقف اليوم مع الدولة، سيقف غدًا أمام أنقاضها

2-    لماذا يمثّل العليمي صمام أمان في هذه اللحظة؟في مقابل هذا المشهد، يبرز الرئيس رشاد العليمي بوصفه صمام التوازن الأخير، فهو رجل دولة يدرك أن الانهيار الداخلي أخطر من الهجوم الخارجي، وأن ضبط الخلاف داخل إطار الدولة هو شرط النصر، لا عائقًا له

وتمسكه بالمرجعية الدستورية، ورفضه منطق التفرد، وسعيه المستمر للحفاظ على وحدة مجلس القيادة، ليس ضعفًا ولا ترددًا، بل حسابات رجل الدولة الذي يدرك أن أي انفجار داخلي سيُغرق الجميع بلا استثناء

ختم القول:الرئيس رشاد العليمي… صبر الدولة الأخيرفي زمن الانقلابات المتعددة، يبقى أخطرها ذاك الذي يُدار باسم الشراكة بينما يهدمها في الواقع، وفي لحظة كهذه، لا يُقاس القادة بحدة ردودهم، بل بقدرتهم على إبقاء الوطن واقفًا بينما يتنازع الجميع على أنقاضه

وفي المحصلة، ما يفعله فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي اليوم ليس إدارة أزمة عابرة، بل محاولة إنقاذ دولة من التفكك ومنعها من الانهيار، صبره ليس ترددًا، وحكمته ليست ضعفًا، بل إدراك عميق بأن أخطر المعارك هي تلك التي تُخاض لمنع الانهيار الداخلي

الالتفاف حوله اليوم ليس اصطفافًا شخصيًا، بل اصطفاف مع فكرة الدولة، ومع آخر إطار جامع يمنع تحول اليمن إلى ساحات متنازعة، ففي زمن تتعدد فيه الانقلابات بأسماء مختلفة، يبقى صبر الدولة - حين يقوده رجل دولة متمرس - هو خط الدفاع الأخير عن الوطن