د. فائزة عبدالرقيب : فتحي بن لزرق… نموذج لترهيب الأقلام الحرة بين فساد الداخل وضغوط الخارج
منذ 2 ساعات
د
فائزة عبدالرقيب لا يمكن لاي مشروع سياسي، مشروع دولة أن ينهض او يحقق تطلعات ابنائه في ظل بيئة يسيطر عليها الاقتحام المسلح والتضييق على الاصوات الصحفية المؤثرة
فما حدث لصحيفة عدن الغد ورئيس تحريرها الاخ فتحي بن لزرق يجسد مثالا صارخا على محاولات كسر القلم الحر، وتطويع الرأي العام قسرا نحو مسارات لا تخدم المواطن ولا نجاح ذلك المشروع
الاخ فتحي بن لزرق ومؤسسة عدن الغد ارتبطا معا بمعادلة واضحة: قوة الطرح وشجاعة مواجهة القضايا الساخنة
فمنذ سنوات، شكلت عدن الغد منصة للرأي الجريء، وفضاء رحبا لعرض معاناة الناس، واليوم ومع تسارع ظهور ملفات الفساد وتورط شخصيات نافذة في السلطة، بدا أن الصحيفة تخوض معركة مفتوحة مع منظومة الفساد المترسخة
تزامن ذلك مع الاصلاحات المالية والادارية التي يقودها دولة رئيس الوزراء سالم بن بريك، ما جعل حراك الصحيفة اكثر سخونة وتأثيرا
فقد وقفت بجانب المواطن، ودعمت معركته المعيشية عبر الضغط الاعلامي لتخفيض اسعار المواد الغذائية والتموينية، وفضح التجار والمتلاعبين بقوت الناس
كما فتحت ملفات فساد تطال شخصيات في هرم السلطة، ممن اسهموا في افشال المؤسسات ونهب المال العام واغراق المواطن بأعباء اضافية
لكن، بدلا من أن تُقابل هذه الجهود بالدعم، تعرضت الصحيفة ورئيس تحريرها لممارسات اقرب الى الارهاب الاعلامي: استدعاءات قسرية، تهديدات مسلحة، واساءة علنية امام زملائه والعاملين معه
اي بيئة صحفية هذه التي يُزج فيها بالقلم الى حلبة بلا قانون، حيث يتشارك المتورطون في العنف والنهب والكذب ساحة واحدة، بينما يُحاصر الصحفي بسلاح من الامام والخلف، وتغلق امامه ابواب الحرية بوجه الزنزانة؟إن من يسعى لتكميم الافواه ومصادرة القناعات الحرة، او يقبل الدعم من قوى غارقة في الفساد والنهب، إنما يساهم في تقويض اي مشروع، فالقضية لا تُبنى على الترهيب، ولا تُصان عبر تكميم الصحف، بل بالعكس: قوتها في الانفتاح على النقد، والاعتراف بالخطأ، وفتح الملفات امام الرأي العام
كما أن الاعتداء على عدن الغد ورئيسها ليس استهدافا لفرد بقدر ما هو محاولة لوأد فضاء الرأي الجريء في عدن
وهو اجراء مؤسف له و غير مسئول ينبغي أن يتوقف امامها الجميع بوعي ومسؤولية، لأن الارهاب الفكري والاعلامي لن يخدم إلا مشاريع الفساد، بينما يظل المواطن الخاسر الاول وسوف يظل الوطن مثقلا بأزمات الداخل قبل تحديات الخارج
إن ما يتعرض له الاخ فتحي بن لزرق يمثل اختبارا جادا لمدى ايمان الجميع بحرية الصحافة ودورها في بناء الدولة
فحماية القلم الحر مسؤولية جماعية، واي تساهل في ذلك لن يضر بشخص او صحيفة بعينها فحسب، بل سيصيب المشروع الوطني بأكمله في الصميم