د. فارس البيل : خسائر الانتقالي ومكاسب الرئيس العليمي ! ماذا بعد تهوّر الانتقالي وإعادة بعث الوطنية اليمنية؟

منذ ساعة

من حيث لم يرد المجلس الانتقالي الجنوبي، جاءت تحركاته الأخيرة لتُعيد ترتيب المشهد اليمني على نحوٍ لم يكن في صالحه، بل على عكس ما كان يراهن عليه

فبعد سنوات من التنازع والجمود والتراخي السياسي، فجّر هذا السلوك الصاخب حالة وعي وطني كانت كامنة تحت المعاناة، وأعاد الاعتبار لقيم الدولة والسيادة والوحدة الوطنية بمعناها المجتمعي والثقافي لا السياسي

لقد حظيت القضية الجنوبية، طوال المرحلة السابقة، بتعاطف واسع من اليمنيين، حتى من أولئك المختلفين معها أيديولوجيًا

كان ذلك التعاطف نابعًا من قناعة عامة بضرورة إيجاد حل عادل ينهي المعاناة ويغلق باب الصراع

بل وصل التعاطف لدرجة القبول بالانفصال بأي صيغة انتهازية كانت أو غير موضوعية

غير أن ممارسات الانتقالي الأخيرة، القائمة على الابتزاز السياسي والاستحواذ و(التحركات الأحادية)، بددت هذا الرصيد لديه، وأسقطت التعاطف الشعبي الذي كان يشكّل أحد أهم مكاسبه المعنوية، وورقته الرابحة أمام الداخل والخارج

اليوم، عادت الوحدة اليمنية إطاراً وطنياً للتداول كقيمة وطنية جامعة، لا بوصفها شعارًا إكراهيًا، بل كخيار شعبي بصيغة التلاحم لا القسر السياسي، في مواجهة مشاريع التفرد والاستحواذ

وتبلورت قناعة عامة مفادها أن حل القضية الجنوبية يجب أن يتم في إطار وطني شفاف، ترتضيه الجماهير، لا أن يُختزل في كيان واحد يدّعي تمثيل الجنوب كله

أما وهم السيطرة الكاملة على الجنوب، الذي بدا ممكنًا في لحظة سابقة، فقد أصبح خارج الحسابات الواقعية الآن

 في المقابل، تبدو الشرعية اليمنية وقد تخلّصت من عبء ثقيل لازمها طويلًا

إذ اضطرت، لسنوات، إلى مراعاة تعنت الانتقالي وابتزازه تحت عناوين وحدة الصف وعدم تفجير الخلافات

غير أن حماقة الانتقالي نفسها أراحت الشرعية من هذا القيد، وأفقدته رصيد الصبر والحكمة الذي منحه إياه الرئيس رشاد العليمي، والذي قدّم تنازلات كبيرة تغليبًا لمشروع استعادة الدولة والاصطفاف الوطني، ولو على حساب صلاحياته وموقعه السياسي

الأخطر على الانتقالي أنه خسر موقعه لدى المملكة العربية السعودية، الداعم الإقليمي الكامل للشرعية اليمنية

فقد أدركت الرياض حقيقة مغازيه وتحركاته، وبدأت مراجعة جادة لمواقفه ومستوى التزامه ضمن التحالف

وحين يخسر أي طرف دعم المملكة، يصبح السؤال: ماذا ربح من خسر المملكة؟أما على المستوى الشعبي، فقد أعادت هذه التطورات الروح الوطنية إلى الشارع اليمني بعد حالة من الإحباط واليأس والانكفاء

 فقد اصطف اليمنيون من الشمال للجنوب، من مختلف المناطق، إلى جانب الدولة وسيادتها، ورفضوا الانتهازية السياسية التي تتغذى على الأزمات

وكان لافتًا هذا الفرز الواضح للمواقف، حيث انكشفت قلة المتاجرين بالشعارات، بعد أن بدا ضجيجهم في وقت سابق وكأنه موجة كاسحة، وتعروا أولئك البائعين بالدين، وسقطت وجوههم، وفقدوا احترامهم !وهذا رصيد

جماهيري مهم في صف الرئيس العليمي والحكومة كان قد خفت

كما مثّل استيقاظ الأحزاب والقوى السياسية من حالة السكون مكسبًا مهمًا جديداً، فبعد أن اكتفت هذه الأحزاب طويلًا بدور المتفرج، وجدت نفسها اليوم أمام لحظة وطنية فارقة، تفرض عليها إعادة تقييم مواقفها والانتقال من الموت السياسي إلى الفعل السياسي المسؤول، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الذاتية

في هذا السياق، استعاد الرئيس رشاد العليمي زمام المبادرة

فقد تحرر من عبء المجاملات السياسية الزائدة، وأصبح أكثر قدرة على ممارسة صلاحياته كاملة، دون منحها لمن يطعن في الشرعية أو يسيء إليها

والالتفاف الشعبي الحالي يمنحه فرصة تاريخية لاتخاذ خطوات حاسمة تعيد للدولة حضورها الفاعل في حياة الناس

والفرصة سانحة الآن كما لم تكن من قبل للرئيس العليمي لتنقية الشرعية من أكوام الفساد المتراكمة منذ انطلاقة الحرب،ولا أتصور أن يجد الرئيس العليمي فرصة كهذه، وهو الخبير بمكامن الفساد ونوايا المفسدين، ليصلح قوام الشرعية ويخلصها من المسيئين لها ومن أدوائها التي أضرت بالقضية الوطنية بمثل ما أضرت مليشيا الحوثي أو أكثر ! دوليًا، أعادت هذه الأحداث الاعتبار لمجلس القيادة الرئاسي باعتباره المسار الشرعي الوحيد للتعامل مع القضية اليمنية

وتراجع منسوب الرهان على مسارات موازية أو حساسيات مصطنعة

 كما أن الموقف القوي للرئيس العليمي والحكومة من المملكة العربية السعودية يعزز فرص الاستقرار والحضور الفاعل للقيادة والحكومة في المراحل القادمة، ويفتح أفقًا أوسع أمام الحكومة للعمل بدعم إقليمي واضح وسخي

خلاصة القول: ما جرى لم يكن مجرد أزمة عابرة، بل لحظة كاشفة أعادت ترتيب الأولويات، ووضعت الجميع أمام اختبار وطني حقيقي

إما دولة جامعة تستعيد حضورها، أو مشاريع ضيقة لفظها الشارع قبل أن تسقط سياسيًا

وما حدث على سوئه؛ كان لصالح اليمن في إعادة تقييم العمل للدفع به بقوة وانجاز دون مكابح ، لتحقيق الاستقرار وعودة الدولة اليمنية بدعم سخي كامل من المملكة وبمساحة أوسع للرئيس العليمي والحكومة لتحقيق ما فاتهم

من حيث لم يرد المجلس الانتقالي الجنوبي، جاءت تحركاته الأخيرة لتُعيد ترتيب المشهد اليمني على نحوٍ لم يكن في صالحه، بل على عكس ما كان يراهن عليه

فبعد سنوات من التنازع والجمود والتراخي السياسي، فجّر هذا السلوك الصاخب حالة وعي وطني كانت كامنة تحت المعاناة، وأعاد الاعتبار لقيم الدولة والسيادة والوحدة الوطنية بمعناها المجتمعي والثقافي لا السياسي

لقد حظيت القضية الجنوبية، طوال المرحلة السابقة، بتعاطف واسع من اليمنيين، حتى من أولئك المختلفين معها أيديولوجيًا

كان ذلك التعاطف نابعًا من قناعة عامة بضرورة إيجاد حل عادل ينهي المعاناة ويغلق باب الصراع

بل وصل التعاطف لدرجة القبول بالانفصال بأي صيغة انتهازية كانت أو غير موضوعية

غير أن ممارسات الانتقالي الأخيرة، القائمة على الابتزاز السياسي والاستحواذ و(التحركات الأحادية)، بددت هذا الرصيد لديه، وأسقطت التعاطف الشعبي الذي كان يشكّل أحد أهم مكاسبه المعنوية، وورقته الرابحة أمام الداخل والخارج

اليوم، عادت الوحدة اليمنية إطاراً وطنياً للتداول كقيمة وطنية جامعة، لا بوصفها شعارًا إكراهيًا، بل كخيار شعبي بصيغة التلاحم لا القسر السياسي، في مواجهة مشاريع التفرد والاستحواذ

وتبلورت قناعة عامة مفادها أن حل القضية الجنوبية يجب أن يتم في إطار وطني شفاف، ترتضيه الجماهير، لا أن يُختزل في كيان واحد يدّعي تمثيل الجنوب كله

أما وهم السيطرة الكاملة على الجنوب، الذي بدا ممكنًا في لحظة سابقة، فقد أصبح خارج الحسابات الواقعية الآن

 في المقابل، تبدو الشرعية اليمنية وقد تخلّصت من عبء ثقيل لازمها طويلًا

إذ اضطرت، لسنوات، إلى مراعاة تعنت الانتقالي وابتزازه تحت عناوين وحدة الصف وعدم تفجير الخلافات

غير أن حماقة الانتقالي نفسها أراحت الشرعية من هذا القيد، وأفقدته رصيد الصبر والحكمة الذي منحه إياه الرئيس رشاد العليمي، والذي قدّم تنازلات كبيرة تغليبًا لمشروع استعادة الدولة والاصطفاف الوطني، ولو على حساب صلاحياته وموقعه السياسي

الأخطر على الانتقالي أنه خسر موقعه لدى المملكة العربية السعودية، الداعم الإقليمي الكامل للشرعية اليمنية

فقد أدركت الرياض حقيقة مغازيه وتحركاته، وبدأت مراجعة جادة لمواقفه ومستوى التزامه ضمن التحالف

وحين يخسر أي طرف دعم المملكة، يصبح السؤال: ماذا ربح من خسر المملكة؟أما على المستوى الشعبي، فقد أعادت هذه التطورات الروح الوطنية إلى الشارع اليمني بعد حالة من الإحباط واليأس والانكفاء

 فقد اصطف اليمنيون من الشمال للجنوب، من مختلف المناطق، إلى جانب الدولة وسيادتها، ورفضوا الانتهازية السياسية التي تتغذى على الأزمات

وكان لافتًا هذا الفرز الواضح للمواقف، حيث انكشفت قلة المتاجرين بالشعارات، بعد أن بدا ضجيجهم في وقت سابق وكأنه موجة كاسحة، وتعروا أولئك البائعين بالدين، وسقطت وجوههم، وفقدوا احترامهم !وهذا رصيد

جماهيري مهم في صف الرئيس العليمي والحكومة كان قد خفت

كما مثّل استيقاظ الأحزاب والقوى السياسية من حالة السكون مكسبًا مهمًا جديداً، فبعد أن اكتفت هذه الأحزاب طويلًا بدور المتفرج، وجدت نفسها اليوم أمام لحظة وطنية فارقة، تفرض عليها إعادة تقييم مواقفها والانتقال من الموت السياسي إلى الفعل السياسي المسؤول، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الذاتية

في هذا السياق، استعاد الرئيس رشاد العليمي زمام المبادرة

فقد تحرر من عبء المجاملات السياسية الزائدة، وأصبح أكثر قدرة على ممارسة صلاحياته كاملة، دون منحها لمن يطعن في الشرعية أو يسيء إليها

والالتفاف الشعبي الحالي يمنحه فرصة تاريخية لاتخاذ خطوات حاسمة تعيد للدولة حضورها الفاعل في حياة الناس

والفرصة سانحة الآن كما لم تكن من قبل للرئيس العليمي لتنقية الشرعية من أكوام الفساد المتراكمة منذ انطلاقة الحرب،ولا أتصور أن يجد الرئيس العليمي فرصة كهذه، وهو الخبير بمكامن الفساد ونوايا المفسدين، ليصلح قوام الشرعية ويخلصها من المسيئين لها ومن أدوائها التي أضرت بالقضية الوطنية بمثل ما أضرت مليشيا الحوثي أو أكثر ! دوليًا، أعادت هذه الأحداث الاعتبار لمجلس القيادة الرئاسي باعتباره المسار الشرعي الوحيد للتعامل مع القضية اليمنية

وتراجع منسوب الرهان على مسارات موازية أو حساسيات مصطنعة

 كما أن الموقف القوي للرئيس العليمي والحكومة من المملكة العربية السعودية يعزز فرص الاستقرار والحضور الفاعل للقيادة والحكومة في المراحل القادمة، ويفتح أفقًا أوسع أمام الحكومة للعمل بدعم إقليمي واضح وسخي

خلاصة القول: ما جرى لم يكن مجرد أزمة عابرة، بل لحظة كاشفة أعادت ترتيب الأولويات، ووضعت الجميع أمام اختبار وطني حقيقي

إما دولة جامعة تستعيد حضورها، أو مشاريع ضيقة لفظها الشارع قبل أن تسقط سياسيًا

وما حدث على سوئه؛ كان لصالح اليمن في إعادة تقييم العمل للدفع به بقوة وانجاز دون مكابح ، لتحقيق الاستقرار وعودة الدولة اليمنية بدعم سخي كامل من المملكة وبمساحة أوسع للرئيس العليمي والحكومة لتحقيق ما فاتهم