د. مصطفى الجبزي : ترشيد الإنفاق..الاستجابة غير المدروسة
منذ 7 أيام
د
مصطفى الجبزي تقول الحكومة إنها ستُقلِّص سفريات الوزراء وكبار أعضاء الحكومة لتقليص النفقات غير الضرورية
هذا خبر جميل
لكن يبدو أنه يأتي استجابةً لضغطٍ شعبي – وشعبوي – تجاه محاربة الفساد
شعبوية نقد الفساد تقود إلى شعبوية القرار السياسي
هل نعلم كم تمثل نفقات سفريات كبار موظفي الدولة من إجمالي الموازنة؟ وهل نعلم كم هو الفاقد من تحصيل الإيرادات بسبب تعدد الجهات وضعف كفاءة التحصيل؟ وهل يمكن عقد مقارنة بين النقطتين؟الحكومة التي تعمل بلا إحصاءات دقيقة تصبح خاضعة لـ “المحاكم الشعبية”، ولغريزة الطعن في النزاهة إلى حدّ الاتهام المبالغ فيه وستجد نفسها في يوم من الايام محاصرة مشلولة فلا هي أوجدت الموارد
ولا هي استطاعت القيام بمهامها
فهي تبحث عن رضا عاجل، وإن لم يكن مبنيًا على أسس صحيحة
وأنا أُعذر الحكومة في ذلك، وأعذر رئيس الوزراء الذي يريد أن يظل سجله نظيفًا ومتفاعلاً مع صوت الشارع
لكن الاستجابة غير المدروسة دعايةٌ لا تقلّ عن دعاية تهمة الفساد
يعني: كله دعاية في دعاية
لو كان لدى الحكومة إحصاءات أدق لعرفت تكلفة السفر بدقة، وبلغت المواطنين بها، وتمكنت من دراسة الفائدة مقابل الكلفة
الدولة، في أحد مظاهرها، هي التمثيل
نعم: التمثيل والظهور، لأنه تجسيدٌ فيزيائي لمفهومٍ مجرّد
سبق أن كانت الخارجية والسفارات هدفًا لدعاية الإنفاق غير المبرر وغير اللازم، حتى أوشكت السفارات أن تصبح خالية، بل إن موظفيها بلا رواتب منذ أكثر من سنة، بينما انشغلت الحكومة بإظهار الادخار الذي حققته
وقد تحقق الادخار عبر ترك السفارات فارغة! فهل هذا هو المطلوب؟إن تقليص هذا التمثيل، سواء في الدبلوماسية أو في حضور الفعاليات الدولية، يعمّق الفراغ التمثيلي الذي ستملؤه – بالطبع – سرديات المنظمات الدولية وغير الحكومية، التي تُرى نفسها وتد خيمة النظام الدولي والحاكم الفعلي وكأنه، إلى جانب جماعات الضغط الحوثية التي لديها حضور ناعم وتشارك في نقد فساد الحكومة ولا ترى نفسها