د. مصطفى الجبزي : ملحوظات على هامش المشهد في تعز
منذ 2 ساعات
د
مصطفى الجبزي كل قضية جنائية قابلة للتوظيف السياسي عندما تنهار الثقة بين المجتمع والسلطة
وكل قضية جنائية قابلة لأن تكون عملة سياسية عندما تختل العلاقة داخل السلطة، وتكون سلطة تغلُّبٍ وإقصاء، ويغيب الحوار المجتمعي والمشاركة البنّاءة
كل جريمة جنائية هي موضوع سياسي عندما تسقط الأحزاب في وحل النكايات
كل جريمة جنائية تتحول إلى معركة صفرية عندما لا تعي الأحزاب والقوى السياسية دورها السياسي، وترى أن الأزمان هي ساحة لمعارك صفرية
جريمة مقتل افتهان المشهري كشفت الغطاء عن المغطّى السياسي في تعز
هي جريمة بشعة، وأكثر من جنائية، لأنها تأتي في سياق متصل من الفشل السياسي وتابعه الفشل الامني والتطبيع مع مافيا القتل والنهب والتهرّب من مواجهة الحقائق في تعز
وأول حقيقة: أن استمرار الحصار وتقسيم المدينة والمحافظة يعني تآكل شرعية الأطراف المنخرطة في الدفاع عن تعز وخصمًا من رصيدهم، لسببين:لم تكتمل مهمة التحرير،ولا سيكتب النجاح في الإدارة
ثاني حقيقة ان بناء جيش مهني يقتضي كبح العصبية وتحويل الوحدات العسكرية إلى شللية حزبية او مناطقية
كان صالح لديه جيش عتي لكنه غير صالح للدفاع عن البلاد وعن الوطن
فهل من معتبر
ثالث الحقائق تقول إن الحرب هي المؤقت الضروري المفروض، وإذا تحوّل المؤقت إلى دائم، فإنه فسادٌ بلا شك
الإصلاح – نُحسبه حزبًا كبيرًا، ماكينة سياسية على امتداد البلاد، أثرة لضمان وحدتها – لكنه بدا، في التداعيات الإعلامية والسياسية لمقتل افتهان المشهري، أصغر مما هو في الأذهان
غضوب، منغلق لا يحتمل نقدا أو اشارة وبلا استعداد للمراجعة
استنفر الإصلاحيون لتبرئة أنفسهم وحزبهم وقياداتهم في تعز على حساب تعز نفسها
المُفَسْبِك العادي يَشْتِم، والمُفَسْبِك الراقي يَسْفَه الآخرين أو يُنْتَقِص من الجريمة
لم اكتب عن الإصلاح خلال السنوات الماضية ورغم حرصي على إلا اكون عضوا في اي زفة ولا مشاركا في اي ترند
وربما حان الوقت للكتابة انطلاقا من روحية المسؤلية والكلمة الصادقة
…
ظهور الإصلاحيين على وسائل التواصل كان مرتبكًا؛ تحركوا بغريزة الخوف لا بالغريزة السياسية
نعم ونعرف هذا ، يعيش الإصلاحيون على أعصابهم منذ سنوات طويلة؛ انخرطوا في المعركة الوطنية منطلقين من خوفٍ خاص ضمن الخوف العام
لم يغادرهم الخوف الخاص، بل تعاظم في سياق احترابٍ وجدوا أنفسهم هدفًا مشتركًا لأطراف عديدة
هذا الاستنفار يفتح باب التأويل؛ فسنوات التقارب بين الأطراف السياسية اليمنية كانت غير مجدية وسطحية جدًا، مجرد طلاء مائي يزول مع أول عاصفة
حالة التربّص هي الأساس، ولا مجال معها لحوار حقيقي وشراكة فاعلة في إدارة المرحلة
الشارع في تعز ينفلت من يد الإصلاحيين، وهذا يُنذر بفترة صعبة في تعز، عنوانها: المكايدات السياسية
سيكون الشارع مضمارَ استعراضِ قوة، وستعمل ماكينة الهراء الحزبي
وبالتالي، ستكون التبعات على الجبهات المرابطة خطيرة
الحزب سياسيًا منفصل عن الحزب في الميدان
قادة الميدان يستحوذون على القرار بعيدًا عن الحسابات السياسية الوطنية؛ انغمسوا في حسابات القاع، بمقاربة أمنية لا سياسية
الإصلاح معنيّ بإعادة تقييم تحالفاته الاجتماعية في تعز، والتي تأتي على حساب كل الرصيد النضالي
يبدو جُملة إن الإصلاح حضورٌ وازن في تعز مجرد إطراء عابر، لكنها حقيقة سياسية لها متطلبات أخرى، أولها: تحمّل مسؤولية هذا الحضور
لم تكن الوطنية في الخطاب الاسلاموي السياسي راسخة، وهذه خصيصته الايديولوجية وليس في الأمر عيب طالما كانت منطلقاته شاملة ولديه كغيره مشروع عابر للأوطان، لكن الإصلاح في اليمن يجعلها كذلك او يحاول منذ عشر سنوات فالدفاع عن الجمهورية هو الملاذ السياسي بالنسبة له من الخوض في حرب طائفية تقزمه وتحرمه من امتداده في البلاد ويقتص منه شعبيته في مناطق سيطرة الحوثي
واذا كان قد التحم بالنزعة الجمهورية ضمن هذا الهدف فعليه الا يحتكرها لان المناضلين من اجل الجمهورية يمكن ان يكونوا من كل المشارب، وتضحياته من اجل الجمهورية هي جزء من كل لا يطلب بها باستحقاق خاص اكثر من اقامة نظام جمهوري والدافع عن دولة اليمنيين
…
لماذا ينفلت بعض المتدينين عند غضبهم إلى قاع الابتذال اللفظي؟من أين يأتي مخزون العنف اللفظي هذا عند أناس كانت كل تربيتهم تقوم على ترويض النفس وكبح الانفعال وعفّ اللسان، ثم في أول لحظة عصبية يخرج أقذع الكلام؟منذ عشر سنوات وأنا أتابع صفحات الفيسبوك، وأنظر في المعارك الضارية، وأضع هذا السؤال نصب عيني
تربّى اليساريون على كسر القواعد الاجتماعية وابتذال الشتائم، وجعلها وجبة يومية
كانت هذه الصورة النمطية لهم
لكن المنتسبين إلى أحزاب وجماعات الإسلام السياسي تربّوا بطريقة معاكسة؛ فلماذا إذًن إذا انفعلوا فتحوا نار الشتائم الشنيعة واللمز بالآخرين؟تفسيري المبدئي: أن المنتمي لا يرى في الآخر المختلف نظيرًا، بل عدوًا
وفي العدو تجوز ما لا يجوز مع الأخ والنظير
اللغة عندها تتحول إلى وسيلة صراع، وكلما كانت مقذعة كانت أنجع للانتصار
ثم إن التربية على التعفف لم تكن أكثر من غلالة يفرضها الالتزام التنظيمي والخطاب الداخلي، أما الخطاب المُوجَّه للآخرين، فغير ملزِم بهذه التعاليم
هذا الخطاب البذيء، القادح في أصول الناس وطهارتهم وسلامة عقولهم، وتفسير كل اختلاف على انه غياب للعقل هو انعكاس لعنفٍ مصدره تربية تَفْصِل الناس إلى فُسطاطين: نحن والآخر المختلف ك
والمختلف لا شيء
والصراع المندلع يُبيح كل الأدوات في لعبةٍ صفرية
وهنا تتشابه الخطوط الحزبية، حيث الأصل فيها الاختلاف ضمن ضوابط لا تُلغي الآخر، والمعركة الإيديولوجية التي تستبيح الآخر وتُلغيه