ذوي الإعاقة باليمن في يومهم العالمي: تهميش وغياب عن مهمة “بناء السلام”
منذ 6 ساعات
عبدالناصر أحمد عقلان يحتفل العالم، اليوم الأربعاء، الثالث من كانون الأول/ديسمبر باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو يومٌ خصصته الأمم المتحدة عام 1992 كتوجهٍ عالمي للفت الأنظار نحو قضايا المعاقين، والعمل على حشد جهود الدول والمجتمعات، والنظر نحو احتياجات ومتطلبات شريحة مجتمعية غالبًا ما تعيش في الظل، صوتهم غائب في واقع الظروف السياسية المستقرة، أما في ظروف الطوارئ والحروب تذهب حقوقهم في مهب الرياح
نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم يصل إلى 15%، وبلغ عدد المعاقين في اليمن 4
5 مليون شخص، بحسب آخر تقارير أممية، ويتوقع أن يفوق عددهم ما تم رصده عبر مراكز ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة
لم تعد هذه الشريحة الواسعة في الواقع تبحث عن حقوقهم المكفولة في الاتفاقيات والقوانين المنحصرة بالرعاية الصحية وحق الوصول ومنح التعليم والمساواة وبرامج الإدماج
وظلت هذه الفئة في اليمن تعاني من الإقصاء السياسي والحرمان من المشاركة في صناعة القرار، وظل هذا التهميش مستمرًا وما زال
“يبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن نحو أربعة ملايين ونصف مليون وظلت هذه الفئة في اليمن تعاني من الإقصاء السياسي والحرمان من المشاركة في صناعة القرار، وظل هذا التهميش مستمرًا وما زال”ومع دخول اليمن في حربٍ منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، ودخول مختلف الأطراف في مفاوضاتٍ لتحقيق السلام؛ ظلت فئة ذوي الإعاقة في اليمن مغيبةً تمامًا عن أي مشاركةٍ في مسار تحقيق السلام في اليمن، وهذا يعني تغييب قضاياهم في أي عمليةٍ سياسية ترسم مستقبل للسلام في اليمن
كما ضاعفت الحرب من معاناة ذوي الإعاقة في اليمن بشكل أكبر، حيث أدّت إلى توقف الكثير منهم عن التعليم وتضرر العديد منهم اقتصاديًا؛ ما انعكس بشكل سلبي على وضعهم الصحي والنفسي؛ وأدّت الحرب إلى انهيارٍ شبه كاملٍ للخدمات الصحية والتعليمية وخدمات التأهيل
وهو ما تسبب بنقصٍ حادٍ في الأدوية والأدوات المساعدة (مثل الكراسي المتحركة)، وصعوبة الوصول إلى المرافق الصحية والتعليمية؛ بسبب غياب التجهيزات المناسبة
وضاعفت الحرب من أعداد المعاقين في اليمن، فقد أشارت تقارير محلية إلى أن 40 % من إجمالي عدد المعاقين في اليمن اكتسبوا شكلًا من أشكال الإعاقات المصاحبة لهم بقية حياتهم؛ بسبب الحرب ومخلفاتها من الألغام والأجسام غير المتفجرة وقصف الطيران
ولهذا؛ فإن غياب ذوي الإعاقة عن الإسهام الفاعل سياسيًا وثقافيًا في صناعة القرار وبناء السلام في اليمن يعني استمرار معاناتهم وتجاهل حل قضاياهم الإنسانية الملحة
“وضاعفت الحرب من أعداد المعاقين في اليمن؛ بسبب مخلفات الألغام والأجسام غير المتفجرة وقصف الطيران؛ غياب ذوي الإعاقة عن الإسهام الفاعل سياسيًا وثقافيًا في صناعة القرار وبناء السلام في اليمن يعني استمرار معاناتهم وتجاهل حل قضاياهم الإنسانية الملحة”لقد ظل ذوو الإعاقة خلال السنوات الماضية خارج إطار المشاركة السياسية أو التمكين في بناء قدراتهم، وتم تمثيل مشاركة ذوي الإعاقة بأشخاصٍ من غير هذه الفئة؛ ما جعل إبراز قضايا ذوي الإعاقة هامشيًا، أو إن جاز التعبير، ناقصًا
تجري الأطراف المتصارعة جولات مباحثات برعايةٍ أممية وإقليمية على أصعدةٍ ومستويات مختلفة بمشاركة أطيافٍ حزبيةٍ وسياسية، تركزت تلك المباحثات على الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، لكن هناك تغييب متعمد لبعض المكونات المجتمعية للمشاركة في طرح مقترحاتهم ورؤيتهم لإرساء السلام وإعادة الإعمار، أهم تلك المكونات شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة وجرحى الحرب، وذلك من خلال ممثليها من منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، مع أن هذا الحق “مشروع” وكفلته الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية النافذة، أيضًا باعتبارهم أكثر فئات المجتمع تضررًا من استمرار وتيرة الحرب
كما أن المعاقين لهم رؤيةٌ مختلفة عن غيرهم بما يلمسونه في حياتهم الخاصة وبما يتواءم مع متطلباتهم، فعندما تتفق أطراف الصراع على فتح الطرقات ويكتفوا بهذا الاتفاق، يحتاج الأشخاص ذوي الإعاقة في تلك الطرق إلى منحنياتٍ في الأرصفة ولوحات إرشادية وغيرها من التفاصيل الهامة تعينهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، هذا يترتب على كافة الأصعدة ومستويات المشاورات
اليمن وقّع على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها في العام 2008، وهي اتفاقيةٌ تضمن مشاركتهم الكاملة والفعّالة في جميع جوانب الحياة، من ضمنها الجوانب السياسية؛ وعلى ضوء تلك الاتفاقية صُممت قوانين محلية واستراتيجية وطنية تكفل مشاركة هذه الشريحة على كافة الأصعدة؛ إلا أن دورهم اتسم بالتهميش والإقصاء الممنهج، رغم أنهم من الفئات الأكثر تأثرًا بالصراع، ولديهم القدرة على المساهمة في إيجاد حلولٍ شاملةٍ ومستدامة، خاصةً في بناء السلام واتخاذ القرار، ويحتاج هذا بشكل أساسي للعمل على نقلهم من مربع المستفيدين من المساعدات الإنسانية إلى خانة صناع القرار، واعتبارهم شركاء أساسيين في وضع استراتيجيات المستقبل
“كونهم أكثر الفئات تأثرًا بالصراع، ولديهم القدرة على المساهمة في بناء السلام واتخاذ القرار، وتقديم حلول مستدامة؛ يحتاج نقل ذوي الإعاقة من مربع المستفيدين من المساعدات الإنسانية إلى خانة صناع القرار، واعتبارهم شركاء أساسيين في وضع استراتيجيات المستقبل وإيقاف الحرب”خرائط السلام المطروحة على طاولة المشاورات المقدمة من أطراف الصراع والرعاة أسقطت حق بعض الفئات المجتمعية في الداخل اليمني من المشاركة في المباحثات وطرح رؤيتها عن جولات المفاوضات، ضمن تلك الفئات شريحة المعاقين؛ مما سيؤدي وبشكل تلقائي إلى إهدار حقوق هذه الفئة الهامة والواسعة من المجتمع والتي تضررت بشكل مباشرٍ من استمرار الحرب
لدى الأشخاص ذوي الإعاقة رؤيةٌ مختلفة على كافة المستويات، يستطيعون من خلالها المساهمة بشكل فعّال في العملية السياسية بشكل عام، ربما يعود ذلك إلى ما واجهوه في مراحل حياتهم المليئة بالتحديات والعوائق المختلفة عن غيرهم، ويمكن أن يساهموا في تحقيق السلام من خلال تبني حملات المناصرة وممارسة الضغط المشروع على الأطراف المختلفة ونشر التوعية حول ما تنتجه الحروب، وتبني مبادراتٍ مجتمعيةً متخصصة في نشر ثقافة السلام والتعايش
فهناك عدد من اليمنيين من ذوي الإعاقة خبراء دوليون وسفراء للنوايا الحسنة للسلام، استطاعوا إيصال قضاياهم ومطالبهم إلى الأمم المتحدة ومنظمات دولية وطالبوا بأخذها على محمل الجد
يرى نشطاء ومناصرو قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة أن رسم أي خططٍ مستقبليةً واستراتيجيات سياسية تُعنى بإرساء السلام في اليمن دون مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وجرحى الحرب قد تكون خططًا مؤقتة وهشة قابلة للانهيار في أي لحظة، وتفتقر إلى مبادئ الحوكمة وإسقاط حقوقهم المكفولة بكافة الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية
“رسم أي خططٍ مستقبليةً واستراتيجيات سياسية تُعنى بإرساء السلام في اليمن دون مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وجرحى الحرب قد تكون خططًا مؤقتة وهشة قابلة للانهيار في أي لحظة”كما أن المعاقين بحاجةٍ إلى منحهم الفرصة في صنع القرار والعملية السياسية والترشح في المناصب القيادية والمشاركة في جولات المفاوضات وإدماج ممثلين عنهم بشكل مباشر وفعّال
وعلى أطراف الصراع المتحاورة في جولات السلام ورعاة تلك المباحثات من المجتمع الدولي عدم تحييد وتهميش أي فئةٍ مجتمعية من المشاركة للوصول إلى السلام، وتخصيص مقاعد على مختلف مستويات الحوار لتلك الفئات، على وجه الخصوص ممثلي للأشخاص ذوي الإعاقة وجرحى الحرب، كما يجب وضع رؤيتهم ومتطلباتهم في مقدمة جداول الأعمال، أيضًا قد تسهم عرض قصصهم الإنسانية ومعاناتهم التي عاشوها خلال زمن الحرب في تسريع إحلال السلام المحلي وتقارب وجهات النظر المختلفة بينهم
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
com احصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن