رويترز: تمدد المجلس الانتقالي جنوب اليمن يعيد شبح الانقسام والحرب
منذ 3 ساعات
بعد سنوات من الهدوء النسبي، عاد المشهد اليمني ليزداد تعقيدًا مع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي توسيع سيطرته على مساحات واسعة في جنوب وشرق البلاد، في تطور ينذر بخلخلة ميزان القوى الهش، ويعيد إلى الواجهة مخاوف تجدد حرب أهلية دخلت عامها العاشر، في بلد يحظى بموقع استراتيجي قريب من أهم الممرات البحرية العالمية
ويقول المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سبق أن حظي بدعم إماراتي، إنه بات يفرض نفوذه على محافظتي حضرموت والمهرة شرق اليمن، فضلًا عن حضوره القوي في عموم محافظات الدولة الجنوبية السابقة، في خطوة تعد الأخطر منذ تأسيسه
خلفية الصراع اليمنييعود جذور الانقسام اليمني إلى ما قبل الوحدة عام 1990، حين كان اليمن دولتين منفصلتين: شمالية وجنوبية
وكان الجنوب الدولة العربية الشيوعية الوحيدة، قبل أن يقوده انهيار قيادته السياسية عام 1986 وسقوط الاتحاد السوفيتي، داعمه الرئيسي، إلى القبول بالوحدة مع الشمال
غير أن الترتيبات التي أعقبت الوحدة عززت هيمنة الشمال، ما فجر صراعًا انتهى بحرب قصيرة عام 1994 حسمتها صنعاء
وفي موازاة ذلك، برز الحوثيون في الشمال أواخر التسعينيات، كحركة تمرد احتجاجًا على ما اعتبروه تهميشًا لطائفتهم الزيدية
ومع اندلاع احتجاجات الربيع العربي في 2011، انهار تماسك الدولة، وفشلت العملية الانتقالية التي رعتها دول الخليج
وفي أواخر 2014 سيطر الحوثيون على صنعاء، ما دفع الحكومة المؤقتة إلى الفرار جنوبًا، قبل تدخل تحالف تقوده السعودية في 2015
لماذا يُعد تمدد المجلس الانتقالي خطيرًا؟طوال سنوات، بقيت الحرب اليمنية مجمدة نسبيًا عند خطوط تماس شبه مستقرة، غير أن سيطرة المجلس الانتقالي على أجزاء واسعة من الجنوب تهدد بنسف هذا الجمود الهش
وتتضاعف خطورة التطورات بسبب موقع اليمن على مضيق باب المندب، الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن، وهو شريان تجاري حيوي بين أوروبا وآسيا
ومع الهجمات الحوثية الأخيرة على الملاحة في البحر الأحمر خلال حرب غزة، تتزايد المخاوف من انعكاسات إقليمية ودولية لأي تصعيد جديد
كما أن بسط النفوذ على مناطق الشرق يعني التحكم بجزء مهم من احتياطيات اليمن النفطية المحدودة، بينما تمثل السيطرة على عدن، العاصمة الجنوبية السابقة، تحديًا مباشرًا للحكومة المعترف بها دوليًا
هل يتجه الجنوب إلى الانفصال؟تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017 من أطياف مختلفة من الحراك الجنوبي، رافعًا علم دولة الجنوب السابقة
ويؤكد المجلس أن الاستقلال يمثل طموحًا جامعًا لأبناء الجنوب، وإن كان يعلن أن أولويته الحالية هي محاربة الحوثيين
ويقف خلف المجلس شبكة من قادة عسكريين وأمنيين نافذين، برزوا خلال معارك طرد الحوثيين من عدن عام 2015، وترتبط علاقاتهم بشكل وثيق بالإمارات
ورغم انضمام المجلس في 2022 إلى مجلس القيادة الرئاسي، الذي يدير شؤون البلاد بدلًا عن الرئاسة، لا تزال الشكوك تحيط بقدرته على تجاوز الانقسامات المناطقية والقبلية والأيديولوجية التي طبعت تاريخ الجنوب لعقود
الحكومة المعترف بها دوليًا… نفوذ منقوصرغم اتخاذها عدن مقرًا رسميًا منذ 2015، إلا أن الحكومة المعترف بها دوليًا أدارت شؤونها في الغالب من الرياض
ويقول المجلس الانتقالي إن رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي ورئيس الحكومة سالم بن بريك غادرا عدن مع سيطرة المجلس على المدينة
في المقابل، يتهم العليمي المجلس بتقويض شرعية الدولة وخرق اتفاقات تقاسم السلطة، في وقت سبق أن شهدت العلاقة بين الطرفين مواجهات دامية، أبرزها اشتباكات عام 2017
موقف الحوثيينلا يزال الحوثيون متمركزين بقوة في أكثر المناطق كثافة سكانية شمال البلاد وعلى ساحل البحر الأحمر
ورغم عدائهم المعلن للحكومة والمجلس الانتقالي على حد سواء، فإن جبهات القتال ظلت ساكنة نسبيًا لسنوات، ولا مؤشرات واضحة حتى الآن على أن تحركات الجنوب ستدفعهم إلى تغيير استراتيجيتهم
اللاعبون الإقليميونيحظى الحوثيون بدعم إيراني شمل التدريب والتجهيز، فيما تحتفظ السعودية بنفوذ تاريخي في اليمن، وتدعم الحكومة المعترف بها دوليًا وقوى متحالفة معها، من بينها تشكيلات مقربة من حزب الإصلاح حول مأرب
أما الإمارات، فانخرطت مبكرًا في التحالف بقيادة الرياض، لكنها ركزت نفوذها في الجنوب عبر دعم قوى محلية، في مسار كشف عن تباينات واضحة مع السعودية، خاصة بشأن جماعة الإخوان المسلمين التي تعارضها أبوظبي بشدة