ريمة: 800 ريالا لنقل جالون مياه

منذ 20 أيام

ريمة- فاطمة السَّنَدِي يعاني سكان قرية الحَضَن، عزلة ذرحان، مديرية بلاد الطعام في محافظة ريمة

شمال غرب اليمن، من مشقة جلب المياه إلى قريتهم وصعوبة الوصول إلى الماء خاصة بعد انتهاء موسم الصيف

ريمة جزء من مناطق واسعة شمال اليمن تخضع لسلطة جماعة الحوثي (أنصار الله) منذ نهاية 2014

تتكون عزلة ذرحان من عدد من القرى الجبلية ذات الطرق الوعرة من بينها قرية الحَضَن التي تعاني أيضًا من وعورة الطريق التي تضيف معاناة أخرى لجلب الماء لسكان القرية

لا توجد في القرية آبار المياه ولا مشروع مياه ويجلب السكان هناك الماء عن طريق السفر إلى أماكن بعيدة للحصول على المياه

منطقة الحضن في ريمة، تعد واحدة من آلاف المناطق التي لا يتصل السكان فيها بشبكة المياه

إذ لا يستفيد سوى ثلث السكان فقط من شبكة المياه الممتدة إلى المنازل، حسب منظمة اليونيسيف

يقول أحمد محمد أحد سكان المنطقة لـ المشاهد “: كنا في السابق نضطر لجلب المياه من مسافة تزيد عن اثنين كيلومتر مشيًا على الأقدام في طريق كلها محفوفة بالمخاطر لوعورة الطريق

”ويضيف: نسلك طريق كلها منحدرات جبلية شاهقة نذهب صباحًا ونعود عصرًا نحمل الكثير من الوجع على ظهورنا وجالون ماء سعة 20 لترا، من وادي “المَعَاين” لعدم وجود آبار أو مصادر للمياه في القرية

”يضيف قبل مطلع الألفية الثالثة للميلاد تم بناء خزان كبير للقرية على نفقة الصندوق الاجتماعي للتنمية

لكن على بعد مسافة أكثر من 600 متر، ويتسع لقرابة 1,100 متر مكعب وقد وفر بعض الشيء على سكان القرية

لكنه في النهاية لم يفي بالغرض ولم يلبي احتياجات الأهالي فأزمة المياه وصعوبة الحصول عليها لا تزال قائمة إلى اليوم

يقول محمد حسن حاتم، مندوب المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية والمبادرات المجتمعية

بعزلة ذرحان في حديثه للمشاهد: بأن المعاناة التي يتكبدها أبناء المنطقة بخصوص إيجاد حلول لمشكلة المياه للمنطقة هي بسبب غياب الدولة والمجلس المحلي

وقال إنه تم رفع مذكرات تطالب السلطة المحلية والجهات ذات العلاقة بعمل حلول لأزمة المياه المتواصلة منذ عقود لكن دون جدوى

مضيفًا: نادرًا جدًا ما يتم جلب الماء عبر السيارة، من وادي غليمة عزلة بني خولي بالقرب من وادي سهام، والذي يبعد عن منطقة الحضن بحوالي أربع ساعات بالسيارة، ويصل ثمن النقل 800 ريال يمني (1

5 دولارا) لكل 20 لتر ماء والسيارة تحمل 800 لتر فقط، حتى لا تنقلب بسبب وعورة الطريق

 وهذا ببساطة يعني أن الـ 800 لترا يصل تكلفة نقلها إلى 32 ألف ريال يمني، ما يعادل (60 دولارا أمريكيا)

وهذه المبالغ لا يدفعها أحد، سوى القليل من الأسر ممن لهم معيل يعمل في الغربة فقط

وإذا افترضنا أن متوسط احتياج الأسرة اليومي للمياه هو 60 لترا فإن تكلفة نقل هذه الكمية ستكون 2400 ريالا (4

5 دولارا أمريكيا)

هذا المبلغ باهض في بلد يعيش فيه نحو 83 في المائة من السكان تحت خط الفقر، حسب الأمم المتحدة

يقول حاتم أن المياه التي يتم جلبها تستخدم للشرب والماشية ولا تكفي لبقية الاحتياجات الضرورية

منوها “بالرغم من أن أرضنا خصبة ولو توفر الماء لتم استثمارها في زراعة البن لنستفيد نحن ويستفيد اقتصاد البلاد

” مشيرًا إلى أن كل عزل المديرية تذهب إلى وادي غليمة عندما ينتهي مخزون المياه في المنطقة

يقول صلاح خالد أحد أهالي المنطقة لـ: المشاهد”: مع حلول موسم الشتاء يضطر الناس إلى الذهاب إلى أماكن تبعد عن القرية بأكثر من كيلو متر بعد أن تنتهي الخزانات والسِقايات الخاصة بهم التي يتم تعبئتها من مياه الأمطار

يضطر البعض من طلاب المدارس ترك المدرسة في أغلب أيامهم من أجل الذهاب لجلب المياه لمواصلة الحياة

 فيلجأ الكثير إلى “وادي المعاين” لجلب المياه حيث تتواجد عين ماء هناك لكنها شحيحة جدًا، ويستغرق الشخص قرابة ساعتين لتعبئة جالون سعة 20 لترا فقط

يذهب الشخص صباحًا ويعود بعد الظهر، المأساة والمعاناة هنا أكبر من أن يتم شرحها

 يضيف: في أغلب الأحوال يضطر البعض من طلاب المدارس ترك المدرسة في أغلب أيامهم من أجل الذهاب لجلب المياه لمواصلة الحياة

ويشترك النساء والفتيات في جلب الماء على ظهور الحمير أو تضطر النساء والفتيات على حدٍ سواء حمل جالونات الماء فوق رؤوسهن لمن لا يملك الحمير

أغلب فتيات المنطقة تسربن من التعليم من أجل جلب الماء

يتابع: الكثير من الأهالي قاموا بعمل خزانات وسِقايات لاستغلال مياه الأمطار؛ لكنها صغيرة جدًا وبعضها مكشوفة بدون غطاء

وبالتالي تُصبح هذه المياه ملوثة، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض، وهذا يشكل خطرًا صحيًا على حياة المواطنين بشكل عام

في حديثه لـ: المشاهد”، يقول الدكتور عمار الأغبري، اخصائي رعاية صحية في تعز

حول خطورة استخدام المياه الملوثة بأنها تشكل خطرًا كبيرًا على الحياة العامة، لأنها تؤدي إلى تفشي الأمراض

أبرز تلك الأمراض هي الكوليرا، الإسهال المائي، والالتهابات الجلدية، وفقا للأغبري

كل تلك التحديات جعلت أهالي المنطقة يطلقون نداء استغاثة إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية، والمنظمات الإنسانية العاملة في مجال التنمية والصحة والسلطة المحلية بالتدخل العاجل والتخفيف من معاناتهم وعمل حلول تنهي مشكلة الوصول للمياه

صعوبة الوصول للمياه في المنطقة أجبر بعض الأسر على الهجرة والنزوح منها، بحثا عن الماء

إبراهيم الشويع، أحد أبناء قرية “الحَضَن” واحد من الذين غادروا المنطقة بسبب صعوبة العيش هناك

في حديثه مع “المشاهد” يقول: إن الناس بحاجة ماسة إلى حلول جذرية تنهي مشكلة جلب الماء التي تعاني منها المنطقة لعقود من الزمن ولا زالت مستمرة

”مضيفًا: الماء هو أساس كل شيء فإذا انعدم الماء انعدمت معه الحياة والمُلاحظ أن الكثير غادر المنطقة

بسبب انعدام الماء والمشقة البالغة في إيصاله إلى البيت

” يقول ابراهيم إنه ترك بلاده منذ أكثر من ٢٠ سنة بسبب الماء وانعدام الخدمات

يقول: “أصبحت منطقتنا بيئة طاردة لنا فقد غادر الكثير من السكان بسبب مشكلة جلب الماء التي تتفاقم يومًا بعد آخر، خاصة مع تزايد أعداد السكان والمساكن في ظل عدم وجود بوادر أو حلول تهني المشكلة

تعيش مناطق شمال اليمن أزمة نقص الوقود نتيجة حظر الولايات المتحدة الأمريكية استيراد الوقود عبر الموانئ التي تسيطر عليها جماعة الحوثي منذ 5 أبريل الماضي

هذا الحظر جزء من عقوبات واسعة تفرضها أمريكا على جماعة الحوثي بعد إعادة تصنيف الجماعة “منظمة إرهابية أجنبية”

وفي 17 أبريل الماضي دمرت القوات الأمريكية ميناء رأس عيسى شمال الحديدة، الخاص باستقبال سفن الوقود

تقول واشنطن أن هذه العقوبات والغارات الجوية تهدف إلى إعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر

بينما تقول جماعة الحوثي أن هجماتها في البحر تقتصر فقط على السفن المرتبطة بإسرائيل من أجل وقف الحرب على غزة والسماح بتدفق المساعدات إلى السكان هناك

لكن نقص الوقود يعني بلا شك أزمة جديدة في الوصول إلى المياه

وتقول اليونيسيف إن الوقود “لا غنى عنه لضخ وتوزيع المياه النظيفة

وفي حال استمرت أزمة نقص الوقود فسوف تقل فرص إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب بشكل هائل

”وإلى جانب نقص الوقود هناك شح التمويل للعمليات الإنسانية في اليمن التي تشمل قطاعات المياه، الصحة والتعليم

واستمرار نقص التمويل والوقود سيجعل  أكثر من 3,6 مليون شخص يواجهون تعطيل إمكانية حصولهم على مياه الشرب الآمنة، الأمر الذي سيكون له تبعات صحية وتغذوية جسيمة على السكان الذين يواجهون أصلاً أمراض سوء التغذية وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه والصرف الصحي، وفقا لليونيسيف

وتضيف اليونيسيف “لقد أصبح أكثر من 16 مليون شخص، بمن فيهم 8,47 مليون طفل، بحاجة ماسة إلى المساعدة من أجل الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي

مالم سيتعرضون لمخاطر متزايدة من الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه وأمراض سوء التغذية وغيرها من الظروف التي تتهدد الحياة

”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير