ريمة: وعورة الطرق كابوس يؤرق السكان
منذ 9 ساعات
ريمة- عبد الملك الأغبريتعيش منطقة الشعب، عزلة بني يعفر، مديرية مزهر بمحافظة ريمة، شمال غرب اليمن، أوضاعًا إنسانيةً صعبة
ويواجه السكان هناك أعباءً معيشيةً في حياتهم اليومية
إذ يُعانون صعوباتٍ في التنقل بين القرى والعزل المجاورة والوصول إلى الخدمات الأساسية
وتتفاقم معاناة المواطنين نتيجة وعورة الطرقات وغياب البنية التحتية
وهذا ما يجعل الوصول إلى الخدمات الأساسية -خصوصًا الصحية- تحديًا يوميًا يهدد حياة السكان، ويضاعف من كلفة العلاج
يستخدم السكان طرقًا وعرةً للوصول إلى مدينة الشرق في محافظة ذمار المجاورة؛ للوصول إلى وجهتهم داخل وخارج المحافظة؛ نتيجة ضعف شبكة الطرق الداخلية في المحافظة
تقول رانيا منصور، إحدى فتيات المنطقة، لـ”المشاهد”: “الطريق هو أبرز مشكلة نعاني منها في المنطقة؛ بسبب وعورتها وبُعدها عن القرية، حيث نقضي أكثر من ثلاث ساعات في السيارة بين قرية الشعب ومنطقة الشرق (في محافظة ذمار) التي يمكن أن نذهب منها إلى أي مكانٍ داخل المحافظة أو خارجها”
تُشير رانيا إلى أن أحد أبناء المنطقة أصيب بـ”الزائدة الدودية” وتوفيّ في الطريق قبل وصوله إلى المستشفى بسبب وعورة الطريق وبُعد المنطقة عن أقرب مستشفى
متى؟تعد محافظة ريمة من المحافظات التي تعاني نقصًا حادًا في عدد الأطباء، بمعدل أقل من طبيب لكل عشرة آلاف من السكان، بحسب إحصائية وزارة الصحة في صنعاء، للعام 2023
هذا العدد يقل أكثر من 17 مرة للمتوسط العالمي لعدد الأطباء لكل عشرة آلاف من السكان، وَفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية
وتصل أجرة السيارة لنقل المريض إلى 40 ألف ريال يمني، ما يعادل 75 دولارًا كحد أدنى؛ كون السكان يسعفون المرضى إلى مدينة باجل في محافظة الحديدة، كأقرب مكانٍ لهم
وأحيانًا يضطر الأهالي إلى السفر بالمرضى إلى ذمار أو صنعاء؛ كون الخدمات الصحية في المديرية متدهور للغاية
وتقول رانيا: أجرة التنقل من قرية الشعب إلى مدينة الشرق 5000 ريالًا على كل شخص، وإذا كان لديك أمتعة أو ما شابه فتزيد تكاليف الأجرة ألف ريال بحسب عدد الأمتعة ووزنها
”وتضيف: “أما إذا كان لديك مرض طارئ فتلك قصة أخرى من المعاناة
” وبحسب تقرير سابق لـ”المشاهد” نشر في نوفمبر 2024، فإن تكلفة إسعاف مريض إلى أقرب مستشفى يصل أحيانًا في بعض مناطق ريمة إلى حوالي مائة دولار أمريكي
في حديثه لـ”المشاهد” يقول حمود نصر، رئيس إحدى المبادرات المجتمعية، من أبناء القرية، إن الطريق يشكل خطرًا يوميًا على حياة الأهالي، خاصةً في مواسم هطول الأمطار
مشيرًا إلى أن جهودًا تطوعية، وبإمكاناتٍ ذاتية ومساعدةٍ مالية من بعض المغتربين من أبناء المنطقة، قاموا بإصلاح بعض الأجزاء الأشد وعورة في الطريق والتي تشكل خطرًا على حياة الناس تجنبًا للحوادث المفترضة قدر الإمكان
ويضيف: “رغم تلك الجهود، لا تزال المأساة مستمرة
فبعض الضحايا لم يكونوا من أبناء المنطقة، بل من خارج المحافظة ويعملون في جمع العلب المعدنية والبلاستيكية؛ لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، لكنهم للأسف عادوا إلى أسرهم جثامين وأشلاء بعد أن التهمتهم هذه الطرق، فيما سيارتهم أصبحت حطامًا”
يشكو أحد أبناء المنطقة، فضّل عدم ذكر اسمه، من الغياب الكامل للدولة، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي مشاريع رسميةً لإصلاح الطريق، ولا دعم يذكر من الجهات المختصة
مؤكدًا أن الأهالي باتوا يشعرون بأن منطقتهم تركت خلف ظهر الوطن
يضيف: معظم أهالي المنطقة يفضلون عدم الذهاب إلى السوق، رغم حاجتهم لشراء مستلزمات منازلهم، وذلك بسبب وعورة الطرق وارتفاع تكاليف المواصلات
وكانت السلطة المحلية في محافظة ريمة وبمشاركة صندوق صيانة الطرق قد رصدت في أغسطس 2024 مبلغ 120 مليون ريالًا (22
64 ألف دولار أمريكي)؛ لإصلاح الطرق المتضررة من السيول التي شهدتها المحافظة العام الفائت
ووَفقًا لتقريرٍ سابق لـ”المشاهد” عن الطرق في ريمة فقد حشدت مبادرات مجتمعية تمويلًا لصيانة الطرق وصل في نهاية 2023 إلى نحو 20
3 مليار ريال (38
4 مليون دولارٍ أمريكي)
وبحسب الأهالي، فإنهم غالبًا ما ينسّقون للخروج الجماعي مرةً واحدة في الأسبوع وأحيانًا كل أسبوعين لتقليل التكاليف، حتى يوم الجمعة لا يشهد حركة تسوق من قِبلهم، إذ يعزف كثيرون عن شراء الخضروات أو الفواكه أو الدجاج
ويضطر البعض لشراء “التونة” بدلًا عن الدجاج رغم ارتفاع سعرها، في حين تكتفي أسر أخرى بوجبتها التقليدية التي يتناولونها طوال الأسبوع
أمام هذا الواقع القاسي ومع استمرار المعاناة، تتجدد المطالب والمناشدات من أهالي المنطقة بضرورة تدخل الجهات الرسمية أو المنظمات الإنسانية لوضع حد لعزلة المنطقة، وتحسين البنية التحتية التي باتت تهدد حياة السكان وتعرقل أبسط حقوقهم في الوصول إلى الخدمات الأساسية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير