سام الغباري : ‏ذروني أقتل صالح !

منذ 2 ساعات

سام الغباري رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير‏إنه الفجر، قال لي صديق لا يدّعي الصلاح، عندما كان يقلب صفحات الهاتف بنصف ابتسامة متعبة، ومزاجه رائق بفنجان بن يمنيّ يليق بجبال ريمة، قرر اليوم شيئًا آخر، أن يفتح القرآن من المنتصف، فيترك الصدفة تقوده إلى سورة غافر، إلى آية تشبه شريطًا من تاريخ يعيد نفسه في كل عصر

‏- قرأ:‏أَتَقتُلونَ رَجلًا أَن يَقولَ رَبِّيَ اللَّهُ؟‏كتب إليّ عن شعوره، بعثه عبر تطبيق واتساب، قال: كانت الآية كأنها ترتجف على الصفحة، تخرج من حبرها لتصفع العالم

‏▪️ سألته: بِمَ كنت تفكر؟‏▫️ قال: فكرت في عبد الملك الحوثي

لو أنه قرأ القرآن بعين قلبه، لما قال يومًا: ذروني أقتل صالح حنتوس، مستعيرًا من فرعون منطقه، ساخرًا: وليدع ربه!، متوهما أن الدعاء أضعف من الرصاصة

‏انتظرت منه المزيد، كان ينقر على هاتفه بلهفة مستمرة و بلا توقف، كتب لي: المؤمن في الآية ليس نبيًا ولا إمامًا

رجلٌ عادي يكتم إيمانه، يخشى القتل، لكنه لا يسكت حين يصل الطغيان إلى ذروته: القتل بسبب كلمة ربي الله‏تمامًا كما فعل الشيخ صالح حنتوس

لا هو بقائد على ظهر دبابة

ولا سياسي يدعو لأمر خطير، كان رجلًا سبعينيًا، بوجه مستدير، لحيته مصبوغة بالحناء مثل دم جاف على صفحة التاريخ، يقول في مسجده كلمات تجرّمها البنادق: غزة، فلسطين، المقاومة

‏لم يخف إيمانه كما أخفاه رجل آل فرعون

أعلنه في الضوء، وعلّقه على جدران الجامع، وعلى باب قلبه المفتوح

‏ومثل ذلك الرجل في الكتاب، لم يحمل سيفًا، أو يطلب سلطانًا، ولم يهدد أحدًا، فقط نطق كلمة، فكان حكمهم قتله

‏▪️ سألته: وماذا بعد؟‏▫️ قال: أغلقت المصحف، غير أن الجزء الأخير من الآية بقي مفتوحًا في صدري، إِنَّ اللَّهَ لا يَهدي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ

‏رآهم الشيخ صالح حنتوس بعين أولياء الله في ذهنه واحدًا واحدًا:‏- أسرفوا في الدماء حتى سالت في الأزقة

‏- أسرفوا في تأليه أنفسهم، وزعموا نسبًا سماويًا يبيح لهم القتل

‏ - أسرفوا في تحريف الكتاب لتبرير الدم

‏- كذبوا على الله، وتسمّوا باسمه وهم ينهشون باسمه أجساد المؤمنين

‏الحوثيون امتداد فرعون، وهم لا يطيقون رؤية رجلٍ يقول: ربي الله

‏▪️أنت مدهش يا صديقي المؤمن

كتبت إليه

‏- كان يبدو متحمسًا بعقد مقارنة موجزة، أشار إلى أنها تشبه قصيدة على حجر قبر:‏- عبد الملك الحوثي: متورم بالأوهام، محاصر بالدم، هويته سيدي ومولاي، سلاحه RPG وآليات ومسيرات

‏- صالح حنتوس: مؤمن بسيط، شيخ سبعيني، هويته الصادقة اليمن وغزة وفلسطين، سلاحه صدق ودعاء ومسجد ورغيف يابس

‏- عبد الملك يكتب اسمه في الوحل: قاتل الشيوخ والآمنين

‏- صالح يكتبه في الضوء: شهيد القرآن والفقراء والصادقين

‏- فرعون العصر / مؤمن آل حنتوس

‏▪️رائع

استمر يا صديقي، بلغني حماسه، ورجوته أن يُكمل: ‏▫️كانت النقاط الثلاث تتراقص على تطبيق المراسلة الشهير، كتب: ‏-،صوت الآية يلاحقهم:‏أَتَقتُلونَ رَجلًا أَن يَقولَ رَبِّيَ اللَّهُ؟‏سؤال لم تخمد حدته، ولم تخفّفها القرون

‏يصرخ في وجوههم: هل تقتلونه لأنه مؤمن؟‏▪️ قال لي: هل تعلم أن لديّ تأمل فلسفي فيما جرى للشيخ العالم صالح حنتوس، يرحمه الله

‏وتركته، يكتب: ‏التأمل الأخير، جاء بصوت خافت لكنه لا يخاف، حين قال رجل آل فرعون: وَإِن يَكُ كاذِبًا فَعَلَيهِ كَذِبُهُ،  علّمهم ميزان الرحمة: دعوا الكاذب للكذب، لا تقتلوه

‏لكن هؤلاء الحوثيين المجرمين لا يحتملون حتى احتمال الصدق

لذلك قتلوا الشيخ صالح، لأنه كان مرآة أظهرت لهم بشاعة أرواحهم

‏▪️طفق صديقي يدعو، يستذكر سخرية أزلام الحوثي الذين ظهروا للدفاع عن القتلة، ودبجوا البيانات واللقاءات المرتعدة، قلت له: قل لي عن دعائك لنردده معك: ‏

مرت دقائق، ووصلتني هذه الرسالة منه: ‏اللهم اكتب صالح حنتوس في زمرة أولئك الذين قالوا ربي الله ومضوا، واجعل عبد الملك الخوثي ومن معه في زمرة من قال لهم الكتاب: وَقَد جَاءَكُم بِالبَيِّناتِ، فلم يروا إلا سيوفهم

‏اللهم اجعل التاريخ شاهدًا أن اليمن لم تخل يومًا من رجل وحيد، لكنه يقولها للعالم كله:‏ربي الله