سكان جبال أبين بدون مياه

منذ 2 ساعات

أبين- أنسام عبد اللهلطالما كانت محافظة ابين التي تبلغ مساحتها 16,943 كم مربع، محافظة زراعية تنتج العديد من المحاصيل الزراعية، لعل أهمها القطن والمحاصيل الزراعية الأخرى كالفاكهة والخضار

تتميز بتنوع طبيعي يتضمن سهولًا وجبالًا وسواحل، ويعتبر جوها حارًا عدا المناطق الجبلية، كما تتخللها العديد من الأودية ولعل أشهرها واديي بنا وحسان

بالرغم أن العالم الغربي وحتى العربي عرف أبين بأنها مناطق ينتشر فيها مسلحون متهمون بالتعاطف مع القاعدة؛ إلا أن ما يجهله الاعلام هو أن هذه المناطق تعاني إهمالًا وحرمانًا شديدين في الخدمات الأساسية بما في ذلك الوصول لمياه الشرب

يعتبر اليمن واحدًا من أفقر البلدان مائيًا، ويقدر أن نصف السكان أو قرابة 18 مليون نسمة ليس لديهم وصول إلى مياه آمنة صحيًا وخدمات الصرف الصحي

وفقط 30 % من السكان متصلون بشبكة المياه، وبقية الملايين من اليمنيين بما في ذلك النساء والأطفال يضطرون للمشي عدة أميال لجلب المياه على ظهورهم أو على الحمير

كباقي محافظات اليمن فقد تأثرت أبين بالصراعات الدائرة في اليمن؛ مما عرقل مشاريع الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه

وإلى جانب الحروب، هناك أيضًا التغيرات المناخية والتي أثّرت بشكل ملحوظ على الأرض والإنسان

إذ يطل الجفاف والتصحر أو شدة غزارة الأمطار كأكبر مظهر من مظاهر التغيرات المناخية

يضطر أهالي منطقة الراكة، بمديرية خنفر، (أكبر مديريات أبين مساحة) قطع مسافة 6 كيلومترات للحصول على ماء الشرب

وأمنيتهم الوحيدة هي حفر بئر ماء من قبل الجهات المسؤولية أو فاعلي الخير

حيث نزح الكثير من المواطنين عن منازلهم بحثًا عن شربة ماء، بالإضافة إلى كون مناطقهم أصلا تفتقر لأبسط أنواع مقومات الحياة، فلا كهرباء ولا اتصالات

يقول الناشط المجتمعي “نظير كندح”، الإعلامي ورئيس مبادرة “تراحم”: إن “قرية الراكة بوادي مصقع” يعيش أهلها ظروفًا معيشيةً قاسية جدًا يقطنون العشش “الأكواخ”، ويعتمدون على رعي الأغنام، ويصل عدد السكان في هذه المنطقة نحو 700 شخص

الناشط المجتمعي “نظير كندح: إن “قرية الراكة بوادي مصقع” يعيش أهلها ظروفًا معيشيةً قاسية جدًا يقطنون العشش “الأكواخ”، ويعتمدون على رعي الأغنام، ويصل عدد السكان في هذه المنطقة نحو 700 شخص

”ويضيف كندح: كذلك منطقة معطاف شرق مدينة لودر، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1500 نسمة، تضم عددًا من القرى الريفية التي تعاني ظروفًا قاسيةً بسبب شحة المياه، إذ يضطرون لقطع مسافة عشرة كيلومترات ذهابًا وإيابًا على ظهور الدواب؛ مما اضطر الأطفال لترك مدارسهم للبحث عن مياه الشرب

ومنطقة الحفرة، غرب مديرية الوضيع، تضم عدة قرى نائية وبها ما يربو عن 700 نسمة، إذ تعد منطقةً زراعية، إلا أنها تفتقر لمياه الشرب، واضطر أهلها أيضًا للنزوح وترك منازلهم بسبب الجفاف

وفي هذا الإطار يقول كندح إنهم وعبر “مبادرة تراحم الإنسانية” يسعون إلى مساعدة هذه المناطق الضعيفة خدماتيًا والتي لم تصل إليها يد الحكومة أو المنظمات غير الحكومية

إذ أن أقصى ما يطلبه الناس هناك هو بئر ماء لسد حاجتهم من نقص المياه

وكانت الهيئة العامة للموارد بمحافظة أبين قد أصدرت في سبتمبر 2024، تقريرًا عن مشروع المياه المطلوب إقامته في مديرية خنفر، منطقة مصقع الراكة، والذي أورد شرح تفصيلي عن البئر المطلوب حفرها بالإضافة إلى الخزان والطاقة الاستيعابية المطلوبة لتغذية المنطقة، وتكاليف إنشاءها،إلا أن المشروع لم ينفذ إلى الآن نتيجة غياب التمويل

وفي هذا الخصوص، قال المهندس خالد بلعيدي، رئيس الهيئة العامة للموارد المائية بأبين: “عمل الهيئة العامة للموارد المائية في منطقة دلتا أبين فقط، ولا يوجد لدينا في باقي المديريات أي تمثيل، لكن يوجد لدينا هناك بعض محطات الرصد المناخية”

وبحسب بلعيدي، فهناك عدة أسباب للجفاف أهمها المتغيرات المناخية، إذ دخلت البلاد خلال الأربع السنوات الماضية في هذا المنعطف، وصنفت إلى نوعين، منها قد يكون على شكل شدة مطرية وسيول وفيضانات؛ مما قد يهدد البنية التحتية، أو النوع الآخر وهو الفترات الجافة المتتالية، وهذا يعتمد على حالة الطقس والمناخ عمومًا، بالإضافة إلى التوسع في حفر الآبار العشوائية؛ بسبب قلة الأمطار وبالتالي تدفق السيول، والضغط على المياه الجوفية؛ مما يسبب شحة في المياه واستنزاف الحوض المائي

ويقول: “إذا ما اتجهنا للأعلى ناحية المديريات الأخرى كصرار وصباح ورصد وجعار ومناطق يافع، وكلما اتجهنا إلى المناطق الجبلية ازداد الأمر سوءًا، حيث لا يوجد فيها خزانات جوفية”

ويضيف: “أن كمية المخزون الجوفي مرتبط بتدفقات السيول والتي إذا ما نقطعت يحصل جفاف لهذه الآبار، وبالتالي تحصل عملية نزوح كما يحصل في مناطق يافع أو باقي المديريات الجبلية مثل لودر أو مكيراس أو مودية، وغيرها”

 لذا فهناك عجز في المخزون الجوفي؛ ولهذا يتم الحفر إلى عمق الـ300 متر للوصول إلى الخزان الجوفي وطبقة الساندستون أو ما يشابهها للوصول إلى الاحتياطي الاستراتيجي من المياه

من جانبه، قال المهندس عمر الصايدي من مكتب البيئة في أبين: “إن الجفاف ظاهرة عالمية مرتبطة بالتغيرات المناخية، واليمن من الدول المتضررة في هذا الجانب، ولعل زيادة الطلب على المياه وقلة هطول الأمطار وعدم الإستفادة القصوى من السيول، عوامل رئيسية مؤثرة في هذا الجانب”

المهندس عمر الصايدي من مكتب البيئة في أبين: “إن الجفاف ظاهرة عالمية مرتبطة بالتغيرات المناخية، واليمن من الدول المتضررة في هذا الجانب، ولعل زيادة الطلب على المياه وقلة هطول الأمطار وعدم الإستفادة القصوى من السيول، عوامل رئيسية مؤثرة في هذا الجانب”

مضيفًا: “تدخلاتنا بسيطة في هذا الأمر مثل القيام بحملات تشجير وأعمال توعية، والموضوع يحتاج دعم دولة ومنظمات، ولا توجد لدينا على مستوى البلاد أي تحصائيات في هذا الجانب، والجميع متأثر منه”

وأفاد مازن بالليل اليوسفي، مدير عام مديرية خنفر، “أن منطقة الخبر المراقشة أصيبت كلها بالجفاف،

وبالذات المناطق الجبلية التي تعيش حالةً مأساويةً، ونحن نرحب بأي جهود أو تدخلات إنسانية تساعد في تخفيف أعباء الجفاف عن الناس بهذه المناطق المتضررة”

وفي ورقته البحثية، خلص الباحث الزراعي والبيئي حسن الزامكي من محافظة أبين، إلى أن الهجرة الداخلية والنزوح البيئي المتكرر من المناطق التي تعاني من الجفاف في أبين أدى إلى عدة تحديات بيئية اجتماعية، منها: انتقال المواطنين من المناطق الجبلية إلى المناطق الساحلية، ارتفاع الكثافة السكانية في المناطق المهاجَر إليها؛ مما سبب ضغطًا على الخدمات ومخزون المياه

وقد أدى هذا إلى ظهور تجمعات سكانية غير مخطط لها؛ أدت إلى تفاقم الأضرار البيئية وتفكك الروابط المجتمعية؛ نتيجة النزاعات على الموارد

وختامًا، فإن المناطق الجبلية في مديريات أبين بحاجة إلى “إنقاذ” بصورة عاجلة لمشاريع مياه الشرب؛ لسد النقص الحاد في مصادر المياه كخطوة أولية مستعجلة، عن طريق توفير الدعم المادي للمشاريع المائية المتعثرة، ولإنقاذ مئات المواطنين من العطش ومساعدتهم على التكيّف مع التغيرات المناخية والبقاء في قُراهم

كما أن المنطقة بحاجة إلى توسيع دائرة المبادرات المجتمعية لتشمل كل المناطق التي تعاني من شحة الخدمات وبالأخص الجفاف، للتواصل بفاعلي الخير داخل وخارج أبين

وهناك حاجة إلى التوعية المستمرة بخطورة الحفر العشوائي والحفاظ على المخزون المائي في المناطق المستقرة مائيًا حتى الآن

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير