سلمان الحميدي : شفتم كيف عيدروس خبط العالم؟

منذ 2 ساعات

سلمان الحميدي ما يحدث أكبر من أن يستوعبه عقل

هل ارتفع حجم المخاطر التي تحيط بالدول العربية، وخاصة السعودية ومصر، باعتراف إسرائيل بصومالاند؟ هل يدرك الانتقالي الجنوبي خطورة الخطوة التي قام بها في اليمن؟ هل تتدارك الإمارات تبعات المسار الذي تحاول من خلاله توسيع نفوذها الإقليمي والدولي؟لنأخذ فكرة، من هذه الفقرات المعززة بالمعلومات والحقائق:*نبدأ من حدث اليوم: اعترفت إسرائيل بإقليم اسمه صومالاند، جزء من الصومال، كدولة مستقلة ذات سيادة

هذا الإقليم لم يعترف به أحد منذ تسعينيات القرن الماضي، رغم وجود علاقات شبه رسمية بين كيان الاحتلال والوجاهات المؤثرة في إقليم صومالاند

الاعتراف الرسمي يرفع من مستوى العلاقات والتخادم المضر بالمصالح العربية، وحتى الإفريقية غير العربية

لماذا؟ وكيف؟*انظروا إلى الخريطة جيدًا

تقع صومالاند في موقع جغرافي استراتيجي على البحر الأحمر، وهي إقليم مجاور لإثيوبيا التي تملك علاقات وطيدة مع الكيان

على أرض الحبشة تملك إسرائيل قواعد عسكرية، ومن مصالحها تشجيع الإثيوبيين على تبني سياسات مضرة بجمهورية مصر العربية على وجه التحديد

*إثيوبيا، رغم أنها منبع نهر النيل، لا تملك منفذًا بحريًا

وجود إسرائيل في صومالاند ووجودها في إثيوبيا يفتح بابًا كبيرًا لهؤلاء على البحر، ما يعني توفير أرضية استراتيجية لهندسة وسائل التهديد الإسرائيلية على مجموعة من الدول الإفريقية، وعلى رأسها جمهورية مصر العربية

الأمر نفسه ينطبق على الدول العربية الموجودة في الضفة الأخرى من البحر، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية

*من المعروف أن الإمارات تسعى إلى تعزيز حضورها البحري بما يخدم اقتصادها القائم على التجارة العابرة، معتمدة على شبكة من الموانئ والسواحل في آسيا وإفريقيا

وتمتلك أبو ظبي استثمارات ضخمة في عدد من الموانئ حول العالم

*قبل خمس سنوات، وتحديدًا في أغسطس 2020، وبوساطة أمريكية، طبّعت الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل بموجب اتفاق «إبراهام»

تستغل إسرائيل هذا الاتفاق لبناء استراتيجيتها القائمة على الجشع والطمع وتهديد مصالح العالم، سعيًا لتحقيق مزاعم تلمودية للسيادة، علاوة على تحقيق منافع جيوسياسية للولايات المتحدة وبريطانيا

*عززت الإمارات تواجدها في مناطق بحرية يمنية، علمًا بأن اليمن يمتلك أطول ساحل بحري يمتد من البحر العربي إلى البحر الأحمر

هذا التواجد، المتزامن مع وجود الإمارات في السواحل الإفريقية، يفتح الباب ـ بطريقة ما ـ أمام حضور تل أبيب، بموجب اتفاق إبراهام، رغم وجود تقارير عن حضور إسرائيلي غير رسمي في مناطق بحرية يمنية تتواجد فيها الإمارات، مثل جزيرة (

)

*تقول المعلومات المتوفر من المصادر المفتوحة، أن الإمارات تتواجد في أرض الصومال التي اعترفت بها إسرائيل البارحة، وكانت موانئ دبي قد وقعت اتفاقاً لتطوير ميناء بربرة قبل سبع سنوات تقريباً وسارعت لإنشاء قاعدة عسكرية هناك

*في حرب 1973، وكما يقول محمد حسين هيكل، لم تتحرك مصر عسكريًا لضرب تل أبيب إلا بعدما أرسلت بارجتين إلى قرب باب المندب في اليمن، لمراقبة أي تحرك محتمل يساعد الاحتلال على شن هجمات ضد مصر

*مع حرب الإبادة التي شنتها إسرا*ئيل على غــرْة، ظهرت المؤشرات الاستراتيجية للكيان بوضوح وبشكل رسمي لتحقيق خرافة «أرضهم» المزعومة

وضاعفت المخاوفَ قوةُ الكيان الباطشة وعنجهِيّته والدلال الذي يتمتع به، واستعداده لضرب أي دولة دون أدنى اعتبار للقانون الدولي الإنساني

*تنبهت السعودية لخطر السياسة الوحشية لكيان الاحتلال، وللعلم (تزعم الخرافة التلمودية أن جزءًا من أراضي السعودية تعد من أرض الميعاد) ما يعني أن اقتراب الكيان من مواقع استراتيجية هامة، وتحديدًا في الدول المتواجدة على ضفتي البحر الأحمر والبحر العربي، مرتبط بشهوة التوسع، وتطويق المملكة، وهو ما تدركه مصر

*في أكتوبر الماضي، وقّعت شركة Red Sea Gateway Terminal السعودية اتفاقًا مع حكومة جيبوتي لإدارة وتشغيل ميناء تاجورة لمدة 30 عامًا

هذا التطور أثار انزعاج أبو ظبي، التي رأته تهديدًا مباشرًا لمصالحها البحرية

(انظروا لموقع جيبوتي في الجغرافيا ومجاورتها للصومال واثيوبيا)، وبدا أن الرد الإماراتي جاء عبر تحريك المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني نحو محافظتي حضرموت والمهرة، المحاذيتين للحدود السعودية

*كانت الصحافة العبرية والأجنبية قد نشرت تصريحات لنشطاء من الانتقالي اليمني المدعوم من الإمارات، تشير جميعها إلى استعداد الانتقالي الجنوبي للتطبيع مع الكيان في حال تم إنشاء «دولة الجنوب» (جزء من اليمن)

وقد تعززت هذه التصريحات بتصريحات من قيادات رئيسية في المجلس الانتقالي، من بينها رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، ونائبه السابق المنتمي للتيار السلفي هاني بن بريك، المقيم في الإمارات

*تحرك الانتقالي نحو محافظتي حضرموت والمهرة، المحاذيتين للمملكة العربية السعودية، ووفق هذه المؤشرات، يحمل دلالات على إمكانية توفير موطئ قدم للاحتلال على تلك الحدود، كما تُنبّه تصريحات الانتقاليين أنفسهم

*وسط هذه الأحداث التي تشهدها اليمن، والتي ـ كما يبدو ـ لم يُدرك محرّكوها حجم تأثيرها الدولي، اعترف الكيان بإقليم صومالاند بموجب اتفاق إبراهام، نفسه الاتفاقية التي بموجبها طبعت الإمارات، ما يجعل وجود الكيان على الضفة البحرية الإفريقية القريبة من باب المندب، إضافة إلى توفير أدوات تساهم في وجوده على الضفة الآسيوية من البحر الأحمر، حيث الموقع الاستراتيجي لليمن، بمثابة استكمال لتطويق المنطقة العربية بأسرها

*بالتزامن مع تحرك المجلس الانتقالي الجنوبي نحو محافظتي حضرموت والمهرة المحاذيتين للسعودية، وضعت الإمارات هذا التحرك في خانة الاحتمالات؛ أي أن السعودية لن تقبل بهذه الخطوة، وستُرغم الانتقالي على الانسحاب، وربما يتطور الأمر إلى الرفض القاطع لأي مكونات متقاربة مع أبو ظبي، وبالتالي ستتقلص المساحة البحرية التي تتواجد فيها الإمارات في اليمن

*خشية الرفض السعودي لخطوات المكون الجنوبي الانفصالي وإجهاضه، تحرك مكون شمالي تدعمه أبو ظبي لترسيخ وجوده في أقرب نقطة بحرية استراتيجية من خطوط الملاحة الدولية، في باب المندب، وهو ساحل تعز المعروف بميناء المخا، وذلك عبر التوقيع على اتفاقية مستعجلة لتطوير ميناء المخا

* ورغم الحضور المباشر للإمارات في المخا قبل عام 2020، ثم حضورها غير المباشر عبر قوات «حراس الجمهورية» بقيادة طارق صالح، لم تُظهر أبو ظبي أي توجه لتطوير الميناء أو تشغيله، إلا بعد تحرك مسلحي الانتقالي نحو حضرموت والمهرة، وبالرغم من تأكيدات الانتقالي أن خطواته تهدف إلى استعادة «دولة الجنوب» (أي الانفصال عن الشمال)، إلا أن مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية وقعت اتفاقًا مع شركة تُدعى «بريما الاستثمارية المحدودة» لتأهيل وتطوير وتشغيل ميناء المخا، مع أن أطراف الاتفاق تُعد «شمالية» وفق خطاب الانتقالي، إلا أن توقيع اتفاقية تطوير الميناء الشمالي تم برعاية المكون الجنوبي نفسه، لأن هذه المكونات جميعها مدعومة من الإمارات

*الاتفاق المعلن غامض، كما أن الأسماء التي ظهرت فيه تشير إلى أن الغرض من التوقيع هو ضمان موطئ قدم لصالح دولة الإمارات

فبحسب المعلومات المتاحة، فإن المدير التنفيذي الذي وقّع الاتفاق يُدعى ليث الورد، ويرتبط بعلاقة اجتماعية مع عضو المجلس الرئاسي طارق صالح

*اعتراف كيان اسرائيل، بإقليم أرض السودان الذي تتواجد فيه الإمارات، قد يكون مرتبطاً بتطورات الأحداث في محافظتي حضرموت والمهرة، والضربات التحذيرية التي وجهتها السعودية للمكون الانتقالي المدعوم من الإمارات، وأشياء كثيرة يمكن استنتاجها من الربط بين ما يجري

*مانش محلل، ولكن هناك خبطة كبيرة وطرطشة دولية في البحر، نتيجة هذه الخطوة، يمنياً ربما يكون أبرز المستفيدين منها عيال الكلب الحوثة!شفتم كيف عيدروس خبط العالم؟*عن صفحة الكاتب في الفيسبوك