سيول غير مسبوقة وأمطار غزيرة .. الحديدة منكوبة
منذ 9 أشهر
الحديدة – أسامة الكُربش:لم يكن عبدالله حسن وعائلته يتوقعون أن يتحول هطول الأمطار ليلة أمس في محافظة الحديدة إلى كابوس حقيقي، يقول عبدالله بصوت مليء بالأسى: “في منتصف الليل، ومع غزارة الأمطار، بدأت المياه تتدفق بشكل مفاجئ إلى داخل منازلنا، حاولنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن المياه كانت أسرع وتتدفق بشكل كبير علينا”
ويضيف حسن، الذي أحد سكان مديرية الدريهمي، جنوب مدينة الحديدة غرب اليمن وهي إحدى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي: “أصبحنا بلا مأوى في لحظات، والآن نعيش في خيام مؤقتة مع مئات الآخرين، لا نملك أي شيء، فقد جرفت السيول كل ما نملك، نحن بحاجة إلى مساعدة عاجلة، لقد فقدنا كل شيء”
وشهدت محافظة الحديدة غرب اليمن خلال الساعات الماضية سيول غير مسبوقة وأمطار غزيرة استمرت حسب سكان أكثر من ثلاث ساعات تسببت في أضرار واسعة، وأظهرت الصور والتسجيلات المصورة التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة للفيضانات، حيث غمرت المياه الشوارع والمنازل
علي حميد الأهدل، مدير مكتب الإعلام في محافظة الحديدة التابع للحكومة الشرعية، أوضح في حديثه لـ”المشاهد” أن “أضرار السيول في المديريات المحررة بالحديدة كانت محدودة ولم تسجل خسائر بشرية، منوهاً إلى أن هناك تضررات في بعض البيوت القريبة من مجرى السيول”
وأشار الأهدل إلى أن هناك أضرارًا كبيرة في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة الحوثيين، وخاصة في مديرية زبيد، وتحديدًا في المدينة في شرق زبيد، وأيضًا في مديرية الدريهمي وشمال محافظة الحديدة في مديرية الزهره
وأوضح الأهدل أن الأضرار ناجمة عن سدود وحواجز أقامتها جماعة الحوثي، مما أدى إلى تغيير مجرى السيول وإلحاق أضرار كبيرة بالمنازل والمزارع، وحتى الآن لا توجد لدينا أرقام دقيقة، ونحن ننتظر معلومات مؤكدة من المصادر الخاصة
وأضاف الأهدل: “هناك فرق ميدانية نزلت إلى كل المناطق المحررة لحصر الأضرار، وإلى الآن لا يوجد إحصائية دقيقة بالخسائر”
ولفت الأهدل إلى أنه في هذا العام كان هناك نوع من الوعي من قبل السكان بعد ما خلفته السيول العام الماضي؛ لذا، رفع الناس مساكنهم من مجرى السيول، والوفيات التي حدثت العام الماضي كانت بسبب السكن في مجرى السيول، لكن هذا العام تجنب الناس ذلك بتوجيهات صارمة من السلطة المحلية
وحسب احصائية تقديرية غير رسمية فإن عدد الوفيات يزيد عن 25 شخص
ريان الشميري، ناشط وخبير في التغيرات المناخية، أوضح أن “التغيرات المناخية تؤثر على اليمن بشكل كبير لعدة عوامل منها استمرار الحرب الحالية، ضعف مؤسسات الدولة، وغياب دور الدفاع المدني بشكل كبير، وتضرر البنية التحتية خصوصًا المقاومة للكوارث”
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد”: “في الحديدة، نظرًا لكونها منطقة ساحلية ويندر فيها هطول أمطار غزيرة، يساهم ضعف البنية التحتية في تصريف مياه الأمطار في احتقانها وتضرر المواطنين والمباني والطرقات وغيرها”
وأكد الشميري: “فيما يخص تهامة، كونها تقع في سفوح جبال، تؤدي السيول إلى جرف الأراضي الزراعية وطمر الآبار وتضرر الممتلكات بشكل عام ونفوق المواشي والدواجن، مما يتسبب في خسارة هائلة في الثروة الحيوانية وسبل العيش والمأوى، مما يزيد من أعداد النزوح ويضاعف الأعباء على المواطنين”
ونوّه الشميري إلى أن تغير المناخ يزيد من الظواهر الطبيعية مثل موجات الحرارة المرتفعة وهطول كميات أمطار غير معهودة وغير متوقعة، مما يؤدي إلى حدوث كوارث
وأشار الشميري إلى أن “أكثر المتضررين والمتعرضين بشكل أكبر لهذه الكوارث هم السكان والمجتمع المحلي، لافتقارهم إلى وسائل الاستجابة والتكيف مع هذه الظواهر المتطرفة، ما يسبب خسائر بشرية ومادية للسكان، والبنية التحتية تكاد تكون معدومة في هذه المناطق وهي غير مناسبة لمقاومة هذه الكوارث”
وأكد على أن هناك حاجة ملحة لتقييم المناطق الأكثر عرضة للمخاطر وتنفيذ تدخلات حسب أولوية المخاطر في هذه المناطق، للمساهمة في التخفيف من الأضرار الناجمة عن هذه الكوارث، ومن ثم إعداد خطط تأهب واستجابة على مستوى العزل والمديريات للتكيف مع آثار تغير المناخ، ويجب أن يرافق هذه التدخلات توعية للمجتمع المحلي بطرق تجنب هذه الكوارث باستخدام الوسائل المتاحة مثل الراديو أو الملصقات أو في الإذاعات المدرسية وغيرها من الوسائل المتاحة في المجتمع
وحذر المركز الوطني للأرصاد المواطنين من التواجد في بطون الأودية وممرات السيول، متوقعًا هطول أمطار رعدية متفاوتة في عدة محافظات خلال الساعات القادمة
وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) قد أكدت أن اليمن سيشهد حدوث فيضانات وانهيارات أرضية بشكل كبير نتيجة الأمطار المتوقع حدوثها خلال الأيام المقبلة
الفيضانات الأخيرة في الحديدة تعكس أزمة أعمق تواجهها اليمن بسبب التغيرات المناخية، حيث أصبحت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة أكثر شيوعًا وتكرارًا، مما يزيد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظل نزاعات مسلحة وأزمات إنسانية حادة
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير