شتائم وسجن.. السبب تزوج “مزينة”

منذ 8 ساعات

تعز- عدي الدخينيلا تزال ثقافة العنصرية تسود في المجتمع اليمني الذي تكرست فيه بعض العادات والتقاليد المتوارثة

أحد أوجه هذه الثقافة هو تحقير بعض الأعمال والمهن، والتعامل بدونية مع من يمارسها

بل يصل الأمر إلى تحريم الزواج من فئات مهن معينة

ما يجعل الكثير من الشبان أمام واقع مرير، حيث يتلقون تهديدات من قبل أسرهم والنفي منها إذ حدث الزواج من هذه الفئات

سليم غالب “27 عامًا” اسم مستعار، من محافظة تعز، أعجب بفتاة خلال فترة دراسته في الثانوية من فئة الحلاقين

وسرعان ما تطورت العلاقة بينهما وقررا الزواج

 يقول غالب “تعرفت بفتاة كانت زميلة لي في المدرسة وهي من فئة مهمشة في مجتمعنا يدعون بـ الحلاقين، مع مرور الأيام زادت علاقتنا، وقررت الزواج بها، حينها أبلغت أسرتي بذلك بموجب أن تقف معي ويدعموني، لم تكن أسرتي وأولاد أعمامي موافقين على ذلك، يقولون بأني سأهين قبيلتنا وعائلتنا أن تزوجت بهذه الفتاة

”لم يقف سليم مكتوف اليدين أمام عائلته ذهب للبحث عن عمل، جمع له مبلغا من المال، ثم ذهب لأسرة الفتاة طالبا منهم ابنتهم للزواج وعقد بها

تزوج غالب من الفتاة التي أحبها متخطيًا أعراف القبيلة

لكن سرعان ما عرفت أسرته بالخبر، قاموا بتهديده وإطلاق وابلا من الرصاص الحي عليه، قاصدين قتله دون مبرر سوى قولهم “أنت هنت أسرتنا بفتاة مزينة”، طالبين منه الطلاق منها أو القتل، حد قوله لـ “المشاهد”

ويطلق لقب “مزينة” على أي امرأة يمارس أهلها بعض المهن التي تراها أعراف القبيلة مهن محتقرة ومنها الحلاقة

  التمييز الذي تواجهه هذه الفئات لا يبدو ظاهرًا بوضوح إلا عندما يتعلق الأمر بالارتباطات الأسرية، بالرغم من مغايرته للقوانين اليمنية، في التمييز بمختلف تقسيماته

‍لا تتوقف معاناة العاملين في بعض المهن عند عملية ازدرائها، بل يحولها البعض إلى مقياس في تعامله مع الآخرين وفرزهم، مع وصول الأمر إلى استخدامها كمعيار في الزواج، كما في حالة سليم، الذي يصف في حديثه لـ “المشاهد” لقد انكفأت على نفسي وأصبحت سجين المنزل دون قيود، لم أعد الخروج إلى أي مكان، كل ما خرجت إلى مكان ما أواجه وابلا من الشتائم والتنمر والانتقاص، ويدعون لي يا “مزين”

 ويضيف ذات يوم وأنا خارج من منزل أبن عمي في القرية جنوب محافظة تعز، تفاجأت بوصول سيارة نوع “فورشنر” لون أسود وسيارة أخرى بجانبها، وينزل منها مسلحين يرتدون قناعات على وجوههم

قاموا بضربي وأخذي معهم بالقوة، وأدخلونا إلى مدينة تعز ليلًا، وسلمونا لقسم شرطة الضباب، حينها جاء بن عمي ويتحدث معي قائلًا، طلق هذه الفتاة وإلا سندخلك السجن المركزي

تلقيت الكثير من الشتائم والسب والقدح، أرغمونا بالتوقيع والتنازل عن الإرث تحت التهديدات، بعد كل ما حدث لي أصبت بمرض السكر

 ويتابع بعد عشرة أيام من سجني في قسم الشرطة، وهم يحاولون بعدي أن أطلق زوجتي، اتضح لي بأنهم نسبوا لي تهمة افتراء بأني قمت بالضرب والاعتداء على أمي، حينها جاء أحد المشايخ وقام بإخراجي من السجن، لم يتوقفوا بعد، بل استمروا في البحث عني وتهديدي بالقتل، حتى وجدوني ذات يوم في سوق نجد قسيم وأطلقوا عليا وابلا من الرصاص قاصدين قتلي

 هذه الأعراف لم تندثر وتزداد انتشارا، وخاصة خلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد، تشهدُ اليمن تمييزاً عنصريًا تجاه فئات يصفوها “بالمزاينة” ويعرف بهذه الفئات من يحترفون مهن الحلاقة، واللحوم بأنواعها، والطبالين وغيرها من المهن، وتسلب حقوق هؤلاء بذريعة أنتم “مزاينة”في هذا السياق تقول الأخصائية الاجتماعية سارة الكشري لـ “المشاهد” لقد بات مجتمعنا اليمني يؤمن بهذه العادات والتقاليد التي يستخدموها على هذه الفئات الذين يعملون في مهن شاقة ومتعبة ويصفونهم بالانتقاص ويطلع عليهم أسماء بـ الجزارين، والحلاقين، والطبالين وغيرها من المهن الأخرى، التي توارثها الأجيال منذُ القدم، لا تزال هذه الفئات في مجتمعنا تشنُ عليها حملات عنصرية  وحربًا نفسية وعنصرية، ويمنع الاختلاط بهم أو الزواج بأحد من اقاربهم أو من نفس منطقتهم، وفي الأغلب يواجهون عقوبات قاسية حيالَ من يفكر في ذلك

المستشار القانوني عمر الحميري : الدستور اليمني نص على أن الناس والمواطنين جميعًا متساويين فى كافة الحقوق والواجبات، وجاء القانون اليمني مستندا إلى مبادئ أساسية تمنع التصنيف، والتمييز العنصري وتجريمهوتضيف الكشري رغمِ تطورِ التعليمِ وانتشاره وتواجد وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التي تقدم ثقافةً ووعيٌ مختلف وصحي إلا أن هذه الظاهرة لا تزال موجودة، حيث لا تزال أفكار الأجداد متوارثة عبر الأجيال، وأنه من العيب أن يختلط شخص من قبيلة أخرى مع أحدا من تلك الفئات

”يأمل سليم أن يكون هناك حلٌّ جذريّ لهذه القضية الشائكة، عبر سنّ قوانين تساهم في القضاء على ثقافة التمييز والتنمّر، وتبنّي مشروعٍ مناهض لكلِّ أشكال العنصرية، وأولها الزواج

 في هذا السياق يقول المستشار القانوني عمر الحميري لـ “المشاهد” أن الدستور اليمني نص على أن الناس والمواطنين جميعًا متساويين فى كافة الحقوق والواجبات، وجاء القانون اليمني مستندا إلى مبادئ أساسية تمنع التصنيف، والتمييز العنصري وتجريمه، وتتحدث عن مبادئ عادلة تحتاج إلى تشريعات قانونية تعكس مثل هذه المبادئ على أرض الواقع، ونحتاج إلى قانون يمنع العنصرية استجابة إلى الاتفاقيات التي وقعت وصادقت عليها الجمهورية اليمنية فيما يتعلق بمناهضة العنصرية والتمييز

  ويضيف الحميري بأنه في قانون الأحوال الشخصي اليمني يشترط أن يكون هناك تكافؤ بالزواج، والتكافؤ شرط بالزواج، وشرط فاسخ إذ لم يكون موجود، وهناك إسقاط إلى مسالة التكافؤ الاجتماعي، ويمكن تحديدها من خلال الممارسة والاعتقاد السائد بأن هناك طبقات في المجتمع، وهذا أسلوب خاطئ وإسقاط خاطئ، بل أن التكافؤ يعود إلى تكافؤ الأشخاص بالنسبة لسلوكهم الشخصي وهذا ما يجب نأخذ به وأن نسقط النص عليه

ويشير إلى أن قوانين التشريعات حافظة لكرامة الناس ومسؤولة عن انضباط الحياة بشكل عادل، وأن لا نغش مجتمعنا بأن الشريعة جاءت بالانتقاص من الناس، وانها تشرع مسالة منع الأشخاص من الارتباط من أشخاص ينتمون لأسر لديها مهن معينة أو لديها سلوكيات تتعلق بثقافة مرتبطة بعادات قبلية أو مناطقية أو بالبشرة، فالشريعة الإسلامية بريئة من هذه الاسقاطات بحكم وبدليل أن الدول الإسلامية الأخرى لا تنطبق مثل هذه المعايير في مسالة الكفاءة

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير