شح المياه يُهجّر سكان “الحاضنة» بحضرموت

منذ 3 أشهر

حضرموت – زاهر الشيخ أبكرتتزايد معاناة سكان منطقة «الحاضنة» بمديرية حجر، محافظة حضرموت (شرق اليمن)، مع أزمات المناخ، بعد أن هجّر شح المياه الأهالي

مشكلات تدفع العائلات إلى مغادرة قراها قسرًا؛ بحثًا عن أبسط مقومات الحياة

فالجفاف المستمر، وشح المياه، وانحسار الموارد الطبيعية، جعلت العيش في تلك المناطق أكثر صعوبة

ما أدى إلى تناقص أعداد السكان، وتراجع الثروة الحيوانية، والمساحات الزراعية التي كانت تشكل مصدر رزق لكثير من العائلات

هجرات جماعيةعلي بن صالح، أحد أعيان المنطقة، وهو في السبعينات من عمره، يقيم في قرية حفارة، إحدى القرى التابعة لمنطقة حجر

يتحدث بحزن عن الواقع الذي تعيشه قريته قائلًا: هاجرت معظم الأسر من قرية حفارة، ولم يتبقَ سوى أسرتي

لكني سأضطر للمغادرة قريبًا بسبب شح المياه التي كنا نعتمد عليها في الزراعة والرعي، وفقًا لحديثه مع «المشاهد»

تتزايد معاناة سكان منطقة «الحاضنة» بمديرية حجر، محافظة حضرموت (شرق اليمن)، مع أزمات المناخ، بعد أن هجّر شح المياه الأهاليويشكل شح المياه التحدي الأكبر في هذه القرى، حيث لا يوجد مصدر دائم لمياه الشرب

وتعتمد بعض المناطق على آبار ضعيفة الإنتاج أو أخرى مياها مالحة غير صالحة للاستخدام البشري

آبار غير صالحةبئر (عقرمة)، وهي المصدر الرئيسي للمياه، لا تنتج سوى كمية ضئيلة، ورغم ذلك تغذي نحو 15 منطقة مجاورة

فيما تحتوي بئر (ضلو) على مياه مالحة؛ ما يجعلها غير صالحة للشرب

وفي الوقت الذي تغيب فيه شبكات المياه تمامًا، يضطر سكان المنطقة إلى شراء صهاريج المياه بأسعار مرتفعة

وتصل أسعار بعضها إلى 60 ألف ريال يمني، وهو مبلغ يعجز كثيرون عن دفعه، خصوصًا في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية

بيئة معقدةبعد مناشدات الأهالي المتكررة، قامت إحدى المنظمات، عبر مؤسسة مياه الريف، بإجراء جلسات (جست)؛ لقياس وجود المياه الجوفية في المنطقة

وذلك بحضور المهندس والاستشاري علوي العيدروس، الذي قاد فريق المسح والدراسة الجيولوجية

هاجرت العديد من الأسر منطقة الحاضنة؛ بسبب شح المياه، والآبار غير الصالحة للشرب، بالإضافة إلى أن بيئة المنطقة معقدة وغير صالحة للعيشلكن النتائج جاءت مخيبة للآمال، حيث أوضح العيدروس أن البيئة الجيولوجية في المنطقة تجعل من الصعب حفظ المياه الجوفية

وقال العيدروس لـ«المشاهد»: إن هذه البيئة تزيد من تعقيد عملية البحث والتنقيب عن مصادر مياه صالحة للشرب

التحديات المناخية والبيئيةالتحديات المناخية لم تقتصر على المياه فحسب، بل امتدت إلى القطاع الزراعي والرعوي

وأدى الجفاف إلى انخفاض أعداد المواشي بأكثر من 50 % خلال السنتين الماضيتين

كما تسبب في خسائر فادحة للرعاة الذين يعتمدون بشكل أساسي على تربية الأغنام والإبل

وكشفت البيانات الميدانية أن بعض المزارعين فقدوا أكثر من نصف مواشيهم

إذ كان المزارع عبدالله عوض يمتلك 130 رأسًا من الأغنام قبل ثلاث سنوات

ولم يتبقَ لديه اليوم سوى 40 رأسًا، بحسب إفادته لـ«المشاهد»

امتدت التحديات المناخية إلى القطاع الزراعي والرعوي؛ وأدى الجفاف إلى انخفاض أعداد المواشي بأكثر من 50 %، وتكبيد الرعاة خسائر فادحة، حيث يعتمدون بشكل أساسي على تربية الأغنام والإبلفيما يكشف المزارع سعيد عوض لـ«المشاهد» أن أعداد مواشيه من 150 رأسًا إلى 60 رأسًا

وهو ما يعكس الأثر المدمر للتغيرات المناخية على معيشة السكان هناك

انعدام الأمن الغذائيتشير التقديرات إلى أن نحو 19 مليون يمني (62 % من السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي

حيث يعيش 161 ألف شخص في ظروف شبيهة بالمجاعة

كما تشير الأبحاث البيئية إلى أن التصحر الناجم عن الجفاف أدى إلى فقدان الأراضي الصالحة للزراعة

وهو فقدان يتراوح ما بين 3 إلى 5 % سنويًا من الأراضي الصالحة للزراعة

فيما تسببت الفيضانات في تآكل التربة وخسارة مساحات زراعية شاسعة

ألقت التحديات البيئية بآثارها على المياه والزراعة والأمن الغذائي عبر جرف الأراضي، وحتى على القطاع الصحي؛ فالعواصف والفيضانات تسببت بانتشار الأوبئة، ورفعت موجات الجفاف معدلات سوء التغذية

كل ذلك أدى إلى تقلص الأراضي الزراعية من 1

6 مليون هكتار في عام 2010 إلى 1

2 مليون هكتار في 2020

وهو ما ينذر بمزيد من التدهور في السنوات المقبلة

تأثير المناخ على الصحةتداعيات تغير المناخ لم تقتصر على الأمن الغذائي، بل امتدت إلى القطاع الصحي

وتسببت العواصف والفيضانات بزيادة انتشار الأوبئة

فيما ساهمت موجات الجفاف في ارتفاع معدلات سوء التغذية

مما جعل سكان المناطق النائية أكثر عرضة للأمراض، في ظل غياب الخدمات الصحية الأساسية

ووسط هذه التحديات المتفاقمة، يرى خبراء أن الحلول الممكنة يجب أن تركز على إعادة تأهيل الآبار القائمة

وذلك بدلًا من حفر آبار جديدة؛ نظرًا لصعوبة العثور على مصادر مياه جوفية جديدة في المنطقة

كما يوصون بإنشاء خزانات مياه أرضية وجبلية لتخزين المياه من بئر “السلطة” القريبة، وتنفيذ مشروع تمديد شبكة مياه بطول 6 كيلومترات لضمان وصول المياه إلى القرى المستهدفة

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن النزوح سيظل خيارًا مطروحًا أمام سكان هذه المناطق، الذين يواجهون أزمة مناخية غير مسبوقة

في ظل غياب التدخلات السريعة والفعالة

ومع تزايد التغيرات المناخية، تبدو الحاجة ملحّة إلى استراتيجيات وطنية ودولية لدعم المجتمعات الريفية

ومواجهة هذا الواقع المتغير، قبل أن تتسع رقعة النزوح البيئي، ويصبح التهديد أكبر من أن يُحتوى

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير