ضحايا البيوت المغشوشة في اليمن
منذ 7 أشهر
صنعاء- ابراهيم يحيىبعد ثلاثين عامًا من الغربة في المملكة العربية السعودية، عاد منتصر المحويتي إلى اليمن ليكمل ما تبقى من حياته مع أسرته في صنعاء
كان لديه مبلغًا جيدًا من المال، وقرر حينها شراء منزل يتكون من ثلاثة أدوار بمبلغ تسعين مليون ريال يمني
كان مبتهجًا بتلك الخطوة، معتقدًا أن شراء ذلك البيت سيعني العيش دون القلق بشأن الإيجار بالإضافة إلى الحصول على عائد مادي شهريًا يصل إلى 250 ألف ريال من إيجارات المنزل الذي اشتراه
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول منتصر: “تعبت من الغربة بعد أن كبرت في السن، وكنت أعتقد أن شراء البيت في صنعاء سيكون استثمار آمن وسيحقق لي دخل مستقر
”بعد عام واحد من شراء البيت، بدأت التشققات تظهر في عدة جدران من الداخل والخارج، ولوحظ هبوط في أرضيات الغرف، وكانت مجاري المياه تطفح في الحمامات
ظهور تلك المشكلات أفسدت فرحة منتصر، وبدأ يصارع لإيجاد حلول لتلك الأزمة
حاول الاستعانة ببعض المهندسين لعمل صيانة للبيت، وأنفق مبالغ كبيرة، لكن ذلك لم يصلح كل العيوب في البناء
يقول منتصر: “البيت فيه الكثير من العيوب
لقد وقعت ضحية للنصب
وبعد أن أدركت ذلك، قمت برفع شكوى في المحكمة ضد المقاول
لكن لم تتحقق العدالة، بسبب المماطلة في المحكمة منذ خمس سنوات حتى الآن
”في العديد من المدن اليمنية، يعمل بعض المقاولين في شراء الأراضي، وبناء البيوت لبيعها
وقد تدفعهم الرغبة في تحقيق الربح السريع إلى عدم الالتزام بمعايير البناء وتقليل جودة وكمية المواد التي يحتاجها المبنى، مثل الحديد والاسمنت
هذا الأمر يتسبب بعيوب كبيرة في المبنى، وتظهر تلك العيوب بعد سنوات قليلة
محمد الحاشدي، 52 عامًا، مقاول في صنعاء، يقول لـ “المشاهد” إن بعض المقاولين يقومون بشراء اراضي او شراء منازل قديمة ويقومون بهدمها، وإنشاء مباني مغشوشة
يوضح الحاشدي: “بعض المقاولين يمارسون الغش عند عمل قواعد وأساسات المباني
وجدت بعض المقاولين يعملون سيخين من الحديد فقط في الاعمدة والجسور
”يضيف: “هذا الغش يمثل كارثه كبيرة تهدد بسقوط المبني
بعض المقاولين يعملون هذا من أجل تحقيق نسبة ارباح كبيرة تصل الى 250% من قيمة العمل
وعند تشطيب البيت، يقللون كمية المواد المستخدمة، ما يؤدي الى تشقق الجدران وتقشر طلاء الجدران الداخلية
”وفقًا للحاشدي، أغلب مواد البناء الموجودة في السوق اليمني هي مواد سيئة وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية، حيث يقوم التجار الكبار بطلب مواصفات رديئة من أجل تحقيق نسبة أرباح عالية
ضعف العدالة والرقابةأحمد السماوي، 45 عامًا، موظف حكومي في صنعاء، يقول لـ “المشاهد” إنه حصل على خمسة وعشرين مليون ريال من الورث بعد وفاة والده
بعد أن استلم المبلغ، قرر شراء منزل صغير، مكون من ثلاث غرف ومطبخ وحمامين
يضيف: “كنت سعيد أنا وأسرتي واعتبرته بيت الاحلام، لكنة تحول إلى كابوس؛ فبعد سته أشهر من الشراء ظهرت عيوب في المنزل بسبب الأمطار، وتسربت المياه إلى جميع الغرف بشكل كبير
أجزاء من سقف المنزل سقطت علينا، وهذا بسبب الغش في البناء، فاظطررت إلى تركه واستئجار منزل آخر لعدم قدرتي على ترمم المنزل بشكل كامل كامل في وقت واحد
”أصيل سفيان محامي،44 عامًا، يقول لـ “المشاهد” إن العديد من الأشخاص طلبوا منه المرافعة في المحاكم بالنيابة عنهم في قضايا تتعلق بالمباني المغشوشة
يشير أصيل إلى أن إجراءات المحاكم طويلة، وليس من السهل أن يحصل الضحية على التعويض العادل
يضيف: “بعض المقاولين نافذين، ويستخدموا نفوذهم في كسب القضايا لصالحهم
قد تستمر القضايا في المحاكم لسنوات طويلة، وهذا يضطر المشتري إلى الانسحاب من اللجوء إلى القضاء والقيام بصيانة المنزل بدلًا عن دفع مبالغ مالية كبيرة في المحاكم دون جدوى
”عبدالكريم العديني، تاجر مواد بناء في صنعاء، يقول لـ “المشاهد”: “يأتي إلى المحل بعض المقاولين ويطلبون أرخص مواد البناء، والقصد من ذلك هو تحقيق أرباح مالية كبيرة، لكن الأشخاص الذين يقومون ببناء منازلهم الشخصية يطلبون المواد ذات الجودة عالية حتى لو كان سعرها مرتفع لأنهم يبنون منازل لهم ولأبنائهم
”يرى عبد الكريم أن الرقابة على المقاولين في البناء ضرورية حتى لا يقع المواطن ضحية لهم
نصائح هندسيةسمير العياشي، مهندس معماري في صنعاء، ينصح كل من يريد أن يمتلك منزل وهو مستعد ماليًا أن يبني منزله بنفسه بإشراف مكتب هندسي، وفي حال قرر شراء منزلا جاهزا، لا بد من إحضار مهندس من أجل فحص المبنى بشكل كامل
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول سمير إن هناك صعوبات في معرفة مستوى جودة المبنى، مثلًا في تحديد مدى قوة وصلابة القواعد والأعمدة الخرسانية
وللتأكد من جودة العمل، لا بد من تكسير عينات من الخرسانة بشكل عشوائي وحفر في الأساسات حتى الوصول إلى القواعد، وتكسير بعض الأعمدة من أجل التأكد من مدى جودة البناء
وهذا يكلف مبالغ كبيرة، وبعض المقاولين يرفضون هذه الطريقة لأنها تكشف خداعهم للناس، وفقًا لسمير
يختم حديثه، ويقول: ” إن حصول المشتري على التصاميم الخاصة بالمنزل أمر مهم، بالإضافة إلى الحصول على جميع الصور من بداية الحفر وحتى الانتهاء من التشطيبات من أجل أن يتأكد المشتري من جودة العمل في مختلف مراحل البناء
”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير