عادل الأحمدي : نشوان الحميري.. السر البسيط وراء النبوغ

منذ 4 ساعات

عادل الأحمدي قبل أسبوعين (24 ذي الحجة 1446 هجرية)، حلت الذكرى 873 على وفاة رمز اليمن وعالمها الفريد نشوان بن سعيد الحميري طيب الله ثراه

دراسات وكتب ورسائل دكتوراة عن هذه الشخصية اليمنية العبقرية التي وصلت القمة في كل مجال

نشوان قمة في الشعر، قمة في اللغة، قمة في التاريخ، قمة في التفسير، قمة في الجغرافيا، قمة في الفلك، قمة في الفلسفة

لماذا أصبح نشوان قمة في كل هذه المجالات؟ السبب بسيط: لأنه كان في قمة الوعي بزيف المشروع الإمامي الكهنوتي وخطورة خرافة ولاية البطنين، على شخصية الإنسان اليمني وحضارته

لقد أدرك رمز اليمن نشوان الحميري رحمه الله، أن إذعان اليمني للإمامة، يقتل فيه تلقائياً كل عوامل الإبداع والتميز، إذ هو بذلك الاذعان، بات يعتقد أن التميز والابداع حصر على سلالة معينة، وأن واجبه هو الانبهار الأعمى والانقياد الأهوج لأهواء الأئمة، وبالتالي مات الإبداع وتراجع الانتاج، وأصبح اليمنيون عالة على الزمن

يجب تسجيل هذه الحقيقة ونشرها للناس: عندما يعتقد أيُّ إنسان أنّ هناك سلالة أو عرقاً أفضل من العرق الذي ينحدر هو منه، فإن ذلك الشعور يقتل لديه حوافز الإبداع لكونه آمن بمحدودية قدراته وتفوّق الآخر، وهذا واحد من أسوأ تبعات العنصرية الوثنية، وفيه أجوبة عديدة عن سر تأخر اليمنيين رغم المَلكات التي يمتلكونها

لذا، وبمجرد أن أيقن نشوان هذا السر الكبير، قام بتحطيم دعائم الخرافة الشركية وإحراق حروزها وتمائمها، وأوقف عمره لتفنيد طروحاتها بالفكر والمنطق، وبالعقل والنقل، وبالشعر والنثر، وبالقلم والسيف

ثم راح بعدها يتبحّر في كل علم، ضارباً أقوى الأمثلة لنبوغ الإنسان اليمني حينما يتحرر من الشرك والخرافة ويحطم أغلال الوثنية المغلفة بغلاف خادع اسمه (آل البيت)

ولذا نجد أن ما أنجزه نشوان في قرابة ٤٠ عاما، لا يستطيع سواه، ممن لديهم نفس القدرات، إنجازه في قرون

وللتدليل أكثر: لم يستطع كل دهاقنة المذهب الكهنوتي، قناديلهم وزنابيلهم، أن يبلغوا ربع ما بلغ نشوان الحميري في أي فن من فنون المعرفة!ولو خضع نشوان للخرافة لكان اليوم نسْياً منسيّاً، ولما نبغ في أي فن، ولكان في أحسن الأحوال نسخة متقدمة من الشاعر الزنبيل حسن الهبل الذي كان يسمّي نفسه كلب آل البيت!إنه الإحساس بالكرامة والغيرة على اليمن، وقودُ كل هذا الإبداع، وحافزُ كل هذا التميز

وعندما يقوم أي يمني برفض مشروع السلالة رفضاً واعياً على طريقة الهمداني ونشوان، فإن الطاقات والمهارات وملكات الإبداع سوف تتفجر في أعماقه، وسيغدو، بنسبة أو بأخرى، نشواناً جديداً تعتزّ به أجيال اليمن، ولنا في أحرار سبتمبر وأكتوبر خير مثال، فقد كانوا صنّاع حياة وأعمدة في الفن والإدارة والأخلاق، ومثالاً لا يضاهى، في محبة الشعب وخدمة اليمن وإنكار الذات