عارضات أزياء يمنيات في صدام مع التقاليد المجتمعية
منذ 10 أشهر
“أنتِ جميلة، لستِ مجرد جسد يغطى بالثياب، بل أنتِ روح حرة ونفس قوية تستحق التعبير عن نفسها وإبراز جمالها للعالم”
بهذه الكلمات، تلهم، خلود باشراحيل، النساء اليمنيات لتحقيق أحلامهنّ وكسر القيود المجتمعية، وتزيد: “ثقي بنفسك، ولا يحدد أحد معايير جمالك”
خلود، البالغة من العمر 20 عامًا، تقيم في حضرموت وتعمل كعارضة أزياء، وتنحدر من أسرة منفتحة في صنعاء
في السنوات الأخيرة، شهدت اليمن تحولاً تدريجياً في عالم الموضة والأزياء
تحدثت خلود للمشاهد قبل اعتقالها الثلاثاء الماضي من قبل السلطات الأمنية في المكلا على خلفية نشر صور لها على صفحتها في الفيسبوك
ورغم التحديات الاجتماعية والثقافية والسياسية؛ نجحت بعض النساء اليمنيات في اختراق هذا المجال ليصبحن عارضات أزياء
تقول باشراحيل لـ«المشاهد»: “أمارس عرض الأزياء كهواية وشغف تجاه الجمال والموضة
وتضيف: أسلوب حياة عارضات الأزياء الغربيات والتنقل والسفر، وشعوري بالجمال والجاذبية كان دافعاً كبيراً لي لدخول هذا المجال
وتواصل: “أحب عرض الأزياء الفولكلورية والعصرية، والمكياج والإكسسوارات، وحضور فعاليات الموضة بشكل متكرر”
تواجه النساء اليمنيات العديد من القيود الاجتماعية والعائلية، التي قد تعيق انخراطهنّ في هذا المجال
ومع ذلك، بدأت بعض العارضات في كسر هذه القيود عبر الظهور في جلسات تصوير محلية والعمل مع مصممي أزياء يمنيين
بالنسبة لعارضة الأزياء اليمنية أسيل محمد: “أكبر التحديات هي المحافظة على سلامتي، وذلك باختيار أعمال لا تثير استياء المجتمع”
وتضيف أسيل لـ«المشاهد»: “بعض العارضات يتعرضن للتهديدات بسبب اختياراتهن التي قد تستفز المجتمع”
“لذا حرصت على العمل في بيئات آمنة ومع فرق محترفة لضمان جودة العمل وتجنب المشاكل”
تشير أسيل
وتتابع: “عائلتي دعمتني ولكن ضمن حدود معينة لضمان سلامتي واحترامي للعادات والتقاليد”
أسيل لفتت إلى أن نظرة المجتمع بدأت تتغير تدريجياً، ففي البداية، كان هناك رفض شديد لهذه المهنة
وتستدرك: لكن الآن هناك تقبل أكبر خاصة بين الأجيال الجديدة التي ترى في عرض الأزياء مجالاً إيجابياً يعكس التطور والتحديث
من جانبها، ترى خلود باشراحيل أن نظرة المجتمع لهذه المهنة غالباً ما تكون سلبية
ويتم اعتبارها مهنة غير أخلاقية وتتعارض مع القيم الدينية؛ لأنها تتطلب من النساء عرض جمالهن، بحسب خلود
ما يزال مجال عرض الأزياء في اليمن ناشئاً، ويرجع ذلك إلى العوامل الثقافية التي تُحيط بمفهوم عرض الأزياء
كما ينقصه الكثير من احتياجات التطور والنهوض، باعتباره مجالاً عصريا
تقول أسيل محمد: “هناك صعوبات تقنية مثل جودة التصوير والإخراج، والتي تؤثر على ظهور العمل بالشكل المطلوب”
وتبيّن أنه من المهم أن يكون العمل متكاملاً من جميع النواحي لضمان نجاحه
تتحدث أسيل عن ضرورة وجود معايير محددة لعارضة الأزياء، كأن تكون قادرة على التفاعل مع الكاميرا وإظهار مشاعر ملامحها المختلفة
“إلا أن هذه المعايير في اليمن ليست واضحة ويعتبر الأمر عشوائياً إلى حد ما”
تستدرك أسيل
وترى خلود باشراحيل أن هناك معايير محدودة العارضات اليمنيات، من ناحية الشكل الجسدي والمظهر والشخصية
لافتةً إلى أنه لا توجد وكالات في اليمن ولا يوجد تدريبات تُمهّد لدخول هذا المجال باحترافية
تطمح باشراحيل بالسفر والعمل مع وكالات عالمية لعروض الأزياء وكبار المصممين المشهورين، والمشاركة في حملات إعلانية وعروض أزياء دولية
أما أسيل فتطمح للعمل بالخارج، حيث يتم تقدير هذه المهنة بشكل أكبر وتكون العارضة سفيرة للموضة اليمنية في المحافل الدولية
وترى أن عارضة الأزياء اليمنية يمكن لها أن تساهم في تغيير نظرة المجتمع لهذه المهنة
وعن رسالتها لليمنيات الراغبات بدخول هذا المجال تقول أسيل: “أقول لهنّ إن العمل في عرض الأزياء ليس سيئاً بحد ذاته
وتواصل: يجب أن يعرفنّ كيفية الظهور بشكل لائق، فالأهم هو اختيار الأعمال ذات الصورة الإيجابية وتجنب ما يسبب لهنّ المشاكل”
أدانت منظمة سام للحقوق والحريات اعتقال الأمن لخلود باشراحيل
وقالت المنظمة في بيان نشر على موقعها في الإنترنت أن ما تعرضت له خلود يعد اعتقالا تعسفيا مخالفا للقانون ويشكل انتهاكا للحرية الشخصية، مطالبا بالإفراج عنها
مضيفا ” أن وضع الحرية الشخصية رهن التفسيرات الدينية المختلفة، والتي لا تخضع لضابط قانوني موحد، يهدد هامش الحرية التي يتمتع بها المجتمع، وجعله حبيس هذه التفسيرات والأمزجة، ويقوض سلطة الدستور والقانون ”
وفقاً المحامي خالد الكمال، الذي تولى المرافعة عن الفنانة انتصار الحمادي في حديث للمشاهد لا يوجد في القانون اليمني أي نص صريح يمنع العمل كعارضة أزياء
وقال أن هناك فرقاً بين ما ينص عليه القانون وبين التشدد القبلي والعادات والتقاليد التي قد تكون لها رؤية مختلفة
رغم ذلك حكمت محكمة في صنعاء على انتصار الحمادي وخمس من رفيقاتها في نوفمبر 2021 بالسجن خمس سنوات
يقول الكمال أنه لا يوجد نص قانوني يعاقب على عرض صور عادية بين الزوجين، مثل صورة امرأة تحتضن زوجها، طالما أنها لا تعتبر منافية للآداب العامة
وأشار إلى أن القانون اليمني يعاقب بالحبس لمدة سنتين إذا تم عرض صور تعتبر منافية للآداب
أوضح المحامي الكمال أن التشدد القبلي والعادات والتقاليد لها تأثير كبير على قضايا مثل عرض الأزياء وعمل كموديل، مؤكداً أن هذه المسائل تخضع لنقاش مجتمعي يتجاوز النصوص القانونية
وأكد أن المستقبل قد يحمل تغييرات في هذا السياق مع تطور القوانين والتفسيرات الإسلامية المتعلقة بهذه القضايا
وفيما يتعلق بالزي الشرعي في الجمهورية اليمنية، أوضح الكمال أن هناك تفاوتاً في الآراء حول ما يشكل اللباس الشرعي، حيث تختلف الأنماط من امرأة تلبس الخمار إلى أخرى محجبة، ولا يوجد توحيد في هذا السياق
وأكد أن النساء قد يتعرضن للعقاب بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات إذا خالفن التوقعات المجتمعية المتعلقة باللباس الشرعي
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير