عامل نظافة يكسر النمط السائد وينجح بامتياز
منذ 5 ساعات
حضرموت – فهمي عبدالقابض“لحظات تخرجي والمناداة باسمي أمام ذاك الجمع الغفير من الحضور وأمام رئاسة وأكاديميي وطلاب الجامعة؛ كانت من أجمل لحظات حياتي وأسعدها”
“كانت لحظات تتويج رحلة أربعة أعوام مليئة بالتعب والسهر والعمل منذ ساعات الصباح الباكر، لحظات لا توصف بجميع ما تحمله معاني الكلمات
“شعرت معها أني تغلبتُ على جميع الظروف وقهرتُ التحديات”
يقول إبراهيم صالح كعتر، خريج كلية التعليم عن بُعد بجامعة سيئون في محافظة حضرموت
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن الدراسة بالنسبة له كانت حلمًا، وها هو قد تحقق، لكن نيله كل ذلك لم يكن سهلًا
تخرج إبراهيم كعتر (27 عامًا)، في تخصص التمويل والمصارف الإسلامية من كلية التعليم عن بُعد بجامعة سيئون
لكن ليس هذا ما لفت الأنظار وشدّ الأسماع؛ بل لأنه عامل نظافة في شوارع سيئون، وبجد وجهد بذله، وحلم حَلُم به استطاع أن يصل للتخرج بدرجة امتياز في تخصصه
إبراهيم كعتر، عامل نظافة في مدينة سيئون، عمل بالأجر اليومي ثم تعاقد لمدة سبع سنوات، وبموازاة ذلك التحق بالدراسة بجامعة سيئون، وهو يعيل أسرة؛ ما جعل المهمة صعبة أمام عامل بالأجر اليومي وطالب في الجامعة وربّ أسرة مطلوب منه الكثير
يواصل كعتر رواية قصته: “أسرتي وهي المعروفة بآل كعتر، قبيلة معروفة، وخاصةً في حي السحيل بسيئون، ومع ذلك اخترتُ مضطرًا العمل في صندوق النظافة والتحسين بوادي حضرموت كعامل كنس منذ العام 2018
حيث عملتُ بالأجر اليومي لمدة عام، وبالأجر الإضافي لمدة عامين وبنظام التعاقد منذ أربعة أعوام
وبمقابل عملي في كنس الشوارع التحقتُ بالدراسة في كلية التعليم عن بُعد في العام 2021، بنظام أربع سنوات، وتخرجتُ من قسم التمويل والمصارف الإسلامية هذا العام بدرجة امتياز”
قصة كعتر نموذجًا للبذل والتضحية لشاب يعمل في نظافة شوارع مدينة سيئون وضاعف هذا الجهد في سبيل دراسته وتفوقه في زمن علّل فيه الكثيرون سبب إحجامهم عن التعليم بالظروف الراهنة
يقول كعتر: “إن نظرة المجتمع له كانت سلبية ونظرة احتقار؛ لأنه عامل نظافة ولا يمكن أن يتعلم ويلتحق بالجامعة، وإن تمكن فإنه لن يستطيع النجاح، وهذا ما جعله يقبل على كسر هذا النمط السائد عن عمال النظافة”
ويضيف: “وأنا في الجامعة لم أفصح عن عملي إلا لبعض الأصدقاء المقربين جدًا، وهم اثنين أو ثلاثة أصدقاء فقط، وكل طلاب وطالبات قسمي لم يكونوا يعلمون بطبيعة عملي
وكنتُ أنا مندوب الدفعة وحلقة الوصل بين إدارة الجامعة والأساتذة وطلاب الدفعة؛ ما جعل الزملاء يتفاجؤون حين عرفوا بأني عامل “كنس” في الشوارع”
إبرهيم كعتر: في الجامعة لم أفصح عن عملي إلا لبعض الأصدقاء المقربين جدًا، وهم اثنين أو ثلاثة أصدقاء فقط، وكل طلاب وطالبات قسمي لم يكونوا يعلمون بطبيعة عملي
وكنتُ أنا مندوب الدفعة وحلقة الوصل بين إدارة الجامعة والأساتذة وطلاب الدفعة؛ ما جعل الزملاء يتفاجؤون حين عرفوا بأني عامل “كنس” في الشوارع”
ويوضح كعتر أن بعض زملاءه في العمل لم يستوعبوا دراسته ونجاحه وتخرجه، ولم يكونوا يصدقوا أنه يدرس ويشتغل في نفس الوقت بل أن البعض منهم كان ينتظر رسوبه
إبراهيم صالح كعتر من أبناء مديرية سيئون بمحافظة حضرموت الوادي، ولد في 1998 وهو متزوج
حصل كعتر على شهادة البكالوريوس للعام 2025 بدرجة امتياز من جامعة سيئون، كلية التعليم عن بُعد، قسم التمويل والمصارف الإسلامية بدرجة امتياز
كما حصل على رخصة المحاسبة المالية، وشهادة الدبلوماسية الثقافية والمراسلات التجارية من جامعة العرب بمدينة المكلا، نظام “أونلاين”
يقول عميد كلية العلوم الإدارية، وأحد أساتذة كعتر، الدكتور أنور مصيبح، إن قصة نجاح الطالب إبراهيم كعتر ملهمة، وتبعث على التفاؤل
وأظهرت مدى إمكانية تحقيق النجاح رغم التحديات، وأن العمل الجاد والمثابرة يمكن أن يحققا الأهداف
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن هذه القصة تحولت إلى مصدر إلهام لمن يعلقون فشل تحقيق الأهداف على شماعة الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد
حيث عمل إبراهيم مع عمال النظافة في نفس الوقت الذي كان يدرس فيه
وتحدى صعاب التعليم والعمل والتزامات الأسرة ونجح في تحقيق أهدافه، فهو لم ييأس
يبدأ يومه بالعمل تحت أشعة الشمس في الشوارع والطرقات ثم يمكث في محراب العلم جادًا مجتهدًا، كثير السؤال، باحثًا عن المعلومة، يفهمها ويدونها
ويكمل مصيبح أنه عايش إبراهيم كطالب في الكلية منذ المستوى الأول حتى وصل إلى المستوى الرابع، بعد أربع سنوات من الدراسة وصل إلى مبتغاه
“كان يحدثني دائمًا بأنه يريد أن إكمال دراسته العليا بعد البكالوريوس، ويحمل طموحات كبيرة، نتمنى أن يجد من الجهات المختصة الدعم والمساندة لتحقيق مايصبو إليه”، يقول مصيبح
ويختتم مصيبح: “تمثل قصة إبراهيم رسالة للجميع والشباب تحديدًا بألا يستلسموا لشماعة الظروف، بل ينطلقوا بالإمكانيات المتاحة للوصول إلى أهدافهم مهما كانت العراقيل”
عميد كلية العلوم الإدارية، الدكتور أنور مصيبح: تمثل قصة إبراهيم رسالة للجميع والشباب تحديدًا بألا يستلسموا لشماعة الظروف، بل ينطلقوا بالإمكانيات المتاحة للوصول إلى أهدافهم مهما كانت العراقيل”
ويقول أحد مشرفي صندوق النظافة في مدينة سيئون، أمين علي بن عبيدالله: “إن إبراهيم كعتر نموذج ناجح للشباب المكافحين
حيث استطاع قهر الصعاب والتحديات في عمله كعامل نظافة، ويلتحق بالجامعة في نفس الوقت ويتخرج بتقدير عال”
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن صندوق النظافة والتحسين في مدينة سيئون كرّم إبراهيم، وهو يفخر بما حققه من إنجاز علمي ويعتبر ذلك وسامًا لكل عامل في الصندوق
ويأمل بن عبيدالله أن يحصل إبراهيم على وظيفة تناسب مع الشهادة التي حصل عليها مؤخرًا
كما ينصح بأن يكون إبراهيم قدوة لأمثاله الشباب الذين يطمحون بتحقيق درجات علمية يمكن أن تكون لهم ضمانًا للمستقبل
واجه كعتر تحديات وصعوبات كثيرة خلال مرحلة الدراسة، أهمها صعوبة الالتحاق بمقاعد الدراسة الجامعية
حيث ظل بعيدًا عنها لأكثر من أربع سنوات عقب تخرجه من الثانوية بسبب الظروف، وصعوبة التوفيق بين العمل في صندوق النظافة والتحسين والدراسة الجامعية
وكانت فترات عمله في الصندوق تشتد وتزداد أثناء التحضير للامتحانات، وصعوبة الدراسة عن بُعد بحكم الارتباط بالعمل
كما أن مقررات الدراسة لم تكن سهلة، والالتزام بالتكاليف الجامعية، وصعوبة الامتحانات التي كانت مثل امتحانات الانتظام رغم أن الدراسة بنظام عن بُعد
بالإضافة إلى صعوبة التوفيق بين الدراسة والعمل والأسرة ونفقات كل منها
وسبق هذه الصعوبات تحديات إبراز الذات وتقوية المعنويات في ميدان العمل
حيث يقول إبراهيم كعتر إنه عانى كثيرًا من التنمر والنظرة السائدة لعامل النظافة في المجتمع الذي حصر هذه المهنة بشريحة المهمشين “السُمر”
كما واجه صعوبات في توفير نفقات الدراسة، لاسيما نتيجة تدني رواتب عمال النظافة
ورغم الصعوبات التي واجهها إبراهيم في دراسته وعمله إلا أنه استطاع التغلب عليها
وكسر حاجز النظرة المجتمعية القاصرة والتفوق في جميع المواد والمقررات الدراسية
واستطاع أن يتعدى حدود الاندماج في محيطه الاجتماعي ليكون رئيس لجنة النظام لحفل التخرج بجامعة سيئون
شمل تخرج الطلاب من ثماني تخصصات جامعية
يحلم إبراهيم كعتر بالحصول على وظيفة تناسب تخصصه وتساعده بمواصلة دراساته العليا
كما يحلم بأن يصبح رجلًا فاعلًا ومؤثرًا في المجتمع يستطيع كسر حاجز النظرة الدونية لعامل النظافة
يختتم حديثه بالدعوة لمساندته لتحقيق حلمه ومواصلة مشواره التعليمي
حيث ما زال هناك طموح بالوصول إلى مراتب متقدمة في مجال تخصصه
سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير