عبدالستار الشميري يكتب : إيران والسعي إلى السودان
منذ 2 سنوات
(شبكة الطيف) كتب : عبدالستار الشميريمهاد
السودان كان محط اهتمام النظام الإيراني منذ عقود، حيث ظل يبحث ويلهث عن ثغرة ما يعبر منها ويبسط ذراعية بالوصيد
إيران هي المستثمر الأكبر في أزمات منطقتنا على كثرتها وكل محنة يمر بها بلد ما
تراها إيران منحة جاد بها القدر وما عليها سوى التقاط تلك السوانح والفرص
المبتدأ
حاولت إيران إيجاد مساحة من النفوذ في السودان في فترات تاريخية متعددة، أبرزها حين تولى عمر البشير الحكم عام 1989
كانت بعض الشعارات التي رفعتها جماعات دينية وحركات ثورية نسخة من الشعارات الإيرانية النمطية على شاكلة شعارات العداء لأمريكا والغرب وإسرائيل
لكن الأمر الأكثر خطورة هو الاتفاق الاستخباراتي بين إيران والسودان في التسعينيات وما بعد العام 2000، حيث تكفلت إيران بالمدد المالي الذي تجاوز 30 مليون دولار
كما وفرت أسلحة إيرانية وصينية قدرت بما يقارب نصف مليار دولار ووفرت تدريب وخبرات وأرسلت 2000 خبير وضابط وصف من الحرس الثوري فيما عرف بدعم الدفاع الشعبي في محاولة لاستنساخ تجربة قوات الباسيج الإيرانية
الخبر
الدول العربية تدرك أن أي فراغ في السودان سوف يملأ من إيران وجماعات العنف المختلفة التي يحتضنها النظام الإيراني أو تعمل لصالحه
كان تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لافتا في حديثه عن السودان، حيث أكد على أهمية مراقبة الأداء الإيراني في المنطقة، وهو تعبير عن احتمالات ومعلومات أن إيران مهرولة إلى سد الفراغات في السودان كما حصل في صنعاء مع بداية العام 2013 والذي تطور إلى الانقلاب الحوثي بعد عام كما ورد في بعض معلومات لمراكز دراسات عن دور سليماني وفيلق القدس المبكر في اليمن ما قبل الانقلاب والتحضير له واستغلال ذوبان أجهزة الدولة والفراغ الأمني والإحلال السريع لها من قبل المليشيات الحوثية بإيعاز إيراني
الجملة
نشطت إيران مبكرا في السودان بلافتات مختلفة، لكنها واجهت صعوبات كثيرة في تحقيق هدفها في مستواه الأعلى، لكنها نجحت في اختراق السودان بقدر ينذر بالخطر حتما دشنت إيران بعض مصانع الدواء ثم سلسلة مصانع اليرموك للصواريخ والعتاد العسكري التي قصفت إسرائيل فرعه الرئيسي في العام 2012
ويشكل مخزون اليورانيوم في السودان أحد الدوافع الإيرانية للتواجد في السودان
كما أن موقع السودان المهم يشكل هدفا آخر
ولذا فإن إيران ترى السودان هي البلد الأسهل للاصطياد حاليا مع انشغال مخالبه بمحاربة بعضها
ولدى إيران قدرات وتجارب ماثلة في التسرب إلى أي بلد عربي بسهولة من خلال مناشط ثقافية وإنسانية وعسكرية
يكفي أن نشير أن لدى إيران أكثر من مائة مؤسسة ورابطة في ولايات السودان المختلفة منها سبع مكتبات ومراكز كبرى
كما أن لها ارتباطا مع بعض طرق الصوفية السودانية ومركز ثقافي إيراني نوعي في الخرطوم وجمعية ومكتبة الإمام جعفر الصادق وعدد من المراكز التعليمية وعدد ليس بقليل من المدارس المختلفة كمدرسة الحسين ومؤسسة الإمام علي ومدرسة الزهراء ومعهد الإمام علي للقراءات
وتحتضن كل تلك المدارس والمؤسسات والمراكز وبعض المكتبات أنشطة تبشيرية بالخمينية وحسينيات
كل تلك المؤسسات تم تأسيسها خلال فترة ثلاثين عاما إبان حكم الإخوان وعمر البشير للسودان وكانت تلاقي غض الطرف عن أعمالها وعدم مراقبة أنشطتها
وقد تم استخدام الورقة الخدمية غطاء لهذا النشاط المحموم، حيث ظلت الأنشطة تعمل بأريحية تامة ولم يغلق منها سوى مؤسسة واحدة إثر خلاف مع إحدى مؤسسات الدولة السودانية وقيل إنها عادت إلى سابق نشاطها لاحقا
ولا شك أن ما خفي من الأنشطة أكثر مما يرى
ولذا فإن تعزيز التواجد عسكريا لن يكون بعيدا ولا صعب المنال
على سبيل الختم: كل ما سبق بالإضافة إلى تقارير تحدثت في سنوات سابقة عن نشاط سري للحرس الثوري الإيراني في السودان، يؤكد قطعا أن هناك رغبة جموحه أن تنزع إيران بلدا خامسا من جسد الوطن العربي
قد يقول قائل إن مهمة إيران لبسط نفوذها في السودان لن تكون سهلة كما حصل في اليمن، ولكن هذا الافتراض ليس صوابا بالجملة وأمر كهذا ليس ببعيد لا سيما في وضع صعب تعيشه معظم دول المنطقة وانكبابها في أزماتها الداخلية الاقتصادية أو الأمنية
وقد نصحو على مفاجأة كان الجميع يراها مستبعدة ما لم يتم إحاطة السودان بدور وطوق عربي حامي وعادل وشفاف