عبدالله غانم القحطاني : المجلس الإنتقالي الجنوبي..صعبٌ تجاهل البيئة الداخلية وتأثير البيئة الدولية!
منذ ساعة
عبدالله غانم القحطاني في المقال السابق تحت عنوان (اليمن لم يستوعب
ومجلس التعاون مثاليته لن تجدي)
الفكرة سبق وأن قالها الكثير وتحدثوا عنها بأشكال مختلفة
وقد يكون الجديد بذلك المقال هو فكرة بناء نظام حكم مختلف يناسب اليمن في هذا العصر بالإشارة للنظام الملكي مباشرة دون تفاصيل
ومع ردود الأفعال المرحبة من أطياف باليمن، لكن الذين عاتبوا لم يتوقفوا عند جملة مهمة جداً ذكرتها وهي (
والوضع لا يحتمل تكرار أي تجربة مر بها اليمن)
بمعنى أن ملكيات اليمن السابقة شمالاً وجنوباً ليست مثالاً ناجحاً ولا يمكن تكرارها، فقد فشلت كما بقية التجارب الجمهورية التي قامت على أنقاضها
إذاً الفكرة المقصودة شيء آخر يقرره عقلاء اليمن وحكماءه بمساعدة جيرانهم المحترمين
ولما لا يظفر اليمن العزيز وشعبه الكريم بمستقبل يستحقه من خلال منظومة حكم وطني رشيد ونوعي، وجديد يناسب البيئة المحلية اليمنية ويتناغم مع الإقليمية
أما الصعوبة فهي كيف يتوصل قادة اليمن الوطنيين لتغيير مجرى تاريخ بلادهم نحو الأفضل من خلال رسم مفهوم متقدم لبناء منظومة حكم جديد لبناء يمن حديث ومستقر
وكمواطن سعودي يتابع كغيره، فإنه لا يمكن أن تُقَدِم أي دولة بالعالم مهما كان حجمها أو قوة تاثيرها أو موقعها أي حل مستدام وحكيم ومتزن وعادل لليمن، يحترم اليمنيين ويضمن كرامتهم وخصوصياتهم غير المملكة العربية السعودية
وسبق وأن تدخلت جهات عربية منذ ستينات القرن الماضي وقبلها وبعدها كانت بريطانيا والإتحاد السوفييتي وإيران، فماذا قدموا جميعاً لليمن، وماهي محصلة تدخلاتهم، وماذا وجد منها المواطن اليمني في دولتي الجنوب والشمال السابقتين
لقد تركوا اسوأ البصمات السياسية والإقتصادية والفكرية حتى اليوم في عموم اليمن
الأمر اليوم يتطلب شجاعة وتفكير وطني إستراتيجي من هؤلاء القادة والمفكرين والمثقفين والوجهاء المرموقين اليمنيين بمختلف أطيافهم للتخلص من الحزبية والجهوية والأنانية السياسية!
والمطمئن أن أغلبهم يُعتد بهم، منفتحين على شعبهم وجوارهم، وخبراء في معرفة تعقيدات بلادهم المحلية، ويفهمون الظروف الدولية المؤثرة
ولا ينقصهم شيء عدا الخروج من متلازمة المصالح الحزبية الضيقة، وتغلبهم على مشاكل وعُقد ماقبل وبعد الوحدة الحالية
ويلزمهم بالضرورة إدراك أنهم ليسوا مستقبل اليمن في شماله وجنوبه بل هو مستقبلهم ومستقبل أجيالهم
والإعتراف بحقوق كلاً منهم يعتبر أهم مفاتيح الحل الشامل والنهائي
للجنوب حقوق معروفة على مستوى العالم، وقد تعرض للتهميش والظلم، والشمال ليس أفضل حالاً اليوم حيث يعاني اسوأ حكم كهنوتي مختلق لا يناسب شيء باليمن
والحل الأمثل لمستقبل جيد آخر، هو حل كل هذه التنظيمات السياسية التقليدية القائمة، والبدأ بمعاونة أشقاءهم بالمملكة ومنظومة مجلس التعاون لبناء أسس واركان اليمن القادم الجميل
ومما يستغرب له، من المجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يحكم عموم اليمن مع شركاءه بالرئاسة العليا، تجاهله لواقع البيئة اليمينة بوضعها السياسي والأمني الخطير القائم، حيث لا عاصمة مستقلة ولا دولة مسيطرة على كل تراب الجمهورية
كيف غاب عن المجلس وهو المسؤول المهم بالدولة تعقيدات البيئة الدولية والتحولات المصيرية الحتمية والصعبة بالمنطقة
وكيف فاتهم وهم الخبراء وأهل الأرض أن أي تغيير ليس عبر التوافق المحلي والإقليمي لن يحظى بأي إعتراف أممي أو دولي
كيف فاتهم أيضاً وهم المسؤولين المثقفين والوطنيين الواعين أن المنطقة تمر بعصف ومخاض شديد في ظل خلل إستراتيجي خطير سببته سياسات ثورات وأنظمة وتيارات إقليمية مارقة
بلا أدنى شك أن حلفاء المملكة الأقرباء هم مجموعة الدول العربية المعتدلة والفاعلة والمستقرة، لكن ومرة أخرى لن يستطيع أي منهم تقديم ما يناسب تراب وإنسان وظروف اليمن غير السعودية
والسعودية هنا كما أفهم، ليس هذا خيارها أو رغبتها، بل أعتقد أنها تفضل من يأتي غيرها أو معها لليمن بحل منطقي ويقف معه بصدق ونزاهة وتجرد عن المصالح، ويدفع من ميزانياته مساعدات مجانية لليمن ويبني ويقف بجانب اليمنيين مراعياً لخصوصيتهم
ولكن بصدق لا يوجد مع الأسف هذا الشريك بهذه المنظومة الدولية الكبرى كاملةً، وبشفافية لا أحد يمتلك الصبر والحلم والبعد السياسي الإستراتيجي، والعطاء بلا أخذ والدفع لليمن بلا مصالح عائدة غير المملكة العربية السعودية
هذا هو الواقع
وعلى الأشقاء باليمن التخلص من سياسات الماضي والحال القائم، والتضحية بأي شيء لأجل بلادهم
والمستقبل هم من يقرره لوطنهم سواء بوحدتهم الحالية المريضة أو بإتفاقهم على إطار سياسي مفيد جديد بالتراضي والتوافق والتنسيق الدولي الشامل
لو كنت مستشاراً للإخوة قيادات اليمن المختلفة الحاكمة والمُعارِضة والقبلية، لقلت لهم الحل ينبع منكم بالتشاور مع الرياض الصادقة معكم والمخلصة لكم بشرط أن تغيروا من أنفسكم وفكركم وسياساتكم وتبادروا لطرح رؤية وطنية يمنية لحل نهائي صادق يستحق الدعم
ولو كنت مستشاراً بالسعودية لقلت وضعكم قوي وحدودكم آمنة ومحروسة برعاية الله ثم بشعبكم، وقد قدمتم كل مايمكن، دعوا الأشقاء يجربون حظوظهم مع من يرغبون، وسيعودون إليكم في حال سيء وظروف اسوأ وحينها لكم الخيار في ظل ظروف إقليمية قادمة مختلفة كلياً البقاء فيها للقوي ولمن لم يضيع الفُرص
أخيراً، المجلس الإنتقالي الجنوبي له قاعدته الشعبية وله تأثيره لكن عليه فهم الفرق بين الواقع والمأمول وإدراك أنه ضمن دولة معترف بها في الأمم المتحدة
وبناء دولة لا يمكن أن يكون بغير العمل السياسي الطويل ومعه بناء أرض المحافظات وعمارتها بالعدل والرفق والجامعات والمرافق والمؤسسات الصلبة التي تطبق معايير حقوق الإنسان ومستقبله وكل ذلك بالتنسيق مع من يمتلك التأثير المباشر، حينها سيقتنع العالم وأولهم اليمنيين أنفسهم
والمشوار ليس سهلاً ومن يستعجل بقرار أحادي سيقع ضحية حروب محلية أخرى إضافة لما في الشمال
اليمن بأكمله ينتظره مستقبل أفضل بلا أدنى شك، بعون الله أولاً ثم بحكمة قادته، وبجهد جيرانه الأوفياء
المملكة تقود مشروع كبير بالمنطقة له تأثير دولي، ومن يفهم هذا المشروع بشمولية سيربح