عبدالله غانم القحطاني : اليمن لم يستوعب..ومجلس التعاون مثاليته لن تجدي!

منذ 2 ساعات

عبدالله غانم القحطاني اليمن السياسي بكل أطيافه واتجاهاته، جربوا أنواع الحكم من الإمامية والملكيات والجمهوريات، والقبلية السياسية الهجين بين البين في كل تجربة، وجربوا حتى المناطقية كجزء من هذه التجارب السياسية المتخالفة، وجربوا مايسمونه هُم بالتشطير عبر نظامين مستقلين في دولتين ثم جربوا الوحدة

وكل هذه التجارب مخرجها النهائي هذا الوضع القائم الكارثي بكل تفاصيله

ومشكلة اليمن أو ميزته، أنه بتكوينه الديموغرافي والأيدولوجي والجيوسياسي غير مستقر أبداً عبر تاريخه كدولة ضمن دول الجزيرة العربية التي تُشكل غالبيتها مجموعة الدول المستقرة التي تحكمها أنظمة ملكية بفكر سياسي متقدم وناجح وعادل ومتطور، يقود ستة أقطار منسجمة تجاه الكثير، فازدهرت أراضيها وتطورت شعوبها، واصبحت دول المنظومة تنافس دول العالم المتقدم في إقتصاداته وتقانته ومستوى الخدمات التي تقدمها لمواطنيها وزوارها

مع أن في المجلس دول مواردها شحيحة وأفقر من اليمن موارداً وأيادٍ عاملة

كل ذلك يتم بينما اليمن الشقيق يتراجع في كل يوم خطوة للورى ويبتعد عن مستويات الحياة بمجموعة تلك الدول الخليجية بمسافة ضوئية

صدام حسين رحمه الله كان المهدد الأخطر بعد ثورة الخميني، لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد أعترف بأن المجلس خطوة متقدمة جداً وأن العراق ضمن دول الخليج لكن تكوينه السياسي غير مناسب لكي ينظم للمجلس

وكان يتحدث للطمأنة عبر الإعلام مع أنه لم يُطلب منه الإنضمام لكن ظروف الحرب حينها فرضت عليه المباركة

وكان يدرك أن نضمام العراق غير ممكن وغير قابل للعمل المنسجم ضمن هذه المنظومة العربية الناجحة، وحاول لاحقاً خلق منظومة مجلس التعاون العربي، كمضاد لمجلس التعاون الخليجي، لكن المشروع فشل مبكراً لسوء مقاصده واختلاف مصالح قياداته في الدول الأربع

تاريخاً دول مجلس التعاون الخليجي تتعامل سياسياً بمثالية في أغلب علاقاتها وتعاملاتها مع الغير، وخلال درأ المخاطر عنها من أي إتجاه، ولا شك أنها سياسة رصينة وناجعة، لكن بيئة اليمن تختلف كلياً عن غيرها بالمنطقة حتى العراق

والرأي قد يتحول إلى حكمة تؤخذ أنّى وجدت

والمشورة الممكنة التي يمكن أن تقال هنا لمنظومة المجلس المحترمة، إخوانكم باليمن لم يعد لديهم تجربة سياسية أخرى يمكنهم ممارستها لإدارة بلادهم بشكل مقبول ينتج عنها تطوير أرضهم وحماية شعبهم الصابر من هذه الحروب العبثية والإنقلابات التي أفرزت سوء المعيشة وانهيار الدولة

ومايترتب كنتيجة لكل ذلك أنعكس على دول المجلس

مجلس التعاون الخليجي يمكنه مساعدة اليمن بشكل مختلف

أولاً بالتخلص من المثالية الزائدة المؤطرة بسياسة احترام خيارات الآخرين حيال شكل حكمهم الوطني السيادي الذي يناسبهم ويقررونه بأنفسهم، لأنه لم يتبقى شيء لكي يجربوه في اليمن بمفردهم أو بمساعدة غيرهم قبل وبعد الوحدة، ودول المجلس مع اليمن  هي من يدفع الثمن نتيجة لهذه الأوضاع والتجارب الغير قابلة للحياة

ومهما حاول الجميع إنعاش الوضع من داخل اليمن ومن خارجه فلن يعطي نتيجة جيدة، حتى أمريكا لن تستطيع فهم البيئة الداخلية اليمنية والتعامل معها والتضحية لأجلها!

والتدخل بشؤون الغير غير مقبول وهو معروف بأشكاله ونتائجه وليس ضمن سياسات دول المجلس، ونحن مع اليمن مصيرنا واحد ورأينا يجب ان يكون مشترك لمستقبلنا المشترك

 الوضع لا يحتمل تكرار أي تجربة مر بها اليمن، وتجربة المجرب مضيعة للوقت، والحقيقة المُرَّة أنه لا يوجد ما يمكن أن تتفق عليه قيادات متخالفة ومتضادة بمناطق اليمن إلاّ شي واحد مع الأسف، وهو دولة دستورها الرسمي يقوم على الحرب الأهلية الدائمة وصنع الأزمات المحلية وتصديرها للخارج!!

أليس هذا هو الماضي، وهل يوجد اليوم ما يمكن التوافق عليه عملياً غير هذا

وبالطبع هذا رأيي فقط كمواطن وكأي متابع آخر

ليس خطأ أن يبادر مجلس التعاون الخليجي ويقدم مشروعاً أستراتيجياً غير ملزم يُحوّل اليمنيين بموجبه بلادهم، بقرارهم وإرادتهم إلى مملكة بأي شكل سياسي وتنظيمي يرغبونه ويباركه شعبهم وينسجم مع منظومة الحكم بدول المجلس

مع التزام خليجي بإنضمام اليمن كلياً ورسمياً كمملكة إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي

وأي أنقلاب يطرأ هناك يُخرج اليمن آلياً من المجلس

أعتقد أن غالبية اليمنيين يرجون ذلك من أشقاءهم

والمجلس سيستفيد الكثير، فهم خزان كبير واستراتيجي للعمل، وقابلين للتطوير السريع بأدق التخصصات، وهاهو اليمني تحت مظلة النظام الأمريكي يصنع السيارات في دترويت

هل الفكرة مستحيلة التطبيق؟، لا أعتقد ذلك

اليمن بشعبه الطيب الكادح المحترم يستحق نظام سياسي مستقر وحكيم يقوده نحو السلام والنهوض والتقدم والرخاء مع أبناء عمومته وأرحامه وجيرانه الذين يشكلون عمقه الإستراتيجي الوحيد

إما إن كانت الفكرة مستحيلة أو غير واقعية أو غير مرحب بها في المجلس واليمن، فعلى الاقل طرحها يعطي بقعة ضوء بأمل للمواطن اليمني العزيز الصابر على سياسات أحزاب وقادة بمجموعات الحكم المتخالفة