عبدالوهاب العزي : مخطط صامت لإسقاط تعز

منذ 6 ساعات

عبدالوهاب العزي في مدينةٍ اعتادت على مواجهة المدافع والحصار، و إصرار اعداؤها على إسقاطها

يبدو هذه المرة  أن أدوات المواجهة قد تغيّرت،والهدف هذه المرةهو انهاكها،ثم إسقاطها بهدوء

تقفز الأسعار، تُرهق الإيجارات،وتنهال المغريات على المؤجرين

كل ذلك لا يُعد فوضى سوق فحسب،بل هو مؤشر على مخطط صامتلإعادة تشكيل سكان المدينة من الداخل

تعز، التي قاومت بالدم، تُهاجم اليوم بالمادة

ومن لم يسقط تحت القصف،يُستهدف بالضغط الاقتصادي والعقاري

منذ عام 2015، تعيش تعز حصارًاهو الأطول في تاريخ المدن اليمنية

أُغلقت مداخلها الحيوية، وقطعت عنها الطرق الرئيسة، خاصة طريق الحوبان الذي مثل شريان الحياة

تعرضت الأحياء السكنية لقصف مدفعي، قنص، ألغام، وحصار شامل، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 22 ألف مدني، بينهم مئات الأطفال والنساء

ورغم كل ذلك، بقيت المدينة صامدة، تقاتل على جبهتي البقاء والكرامة

لم تتوقف الحرب عند خطوط التماس،بل امتدت إلى قلب المدينة من خلال انفلات أمني منظم

شهدت تعز اغتيالات لرموز المقاومة، وتشويه متعمد لقادتها، ومحاولات مستمرة لتمزيق صفوفها

الهدف: ضرب الروح المعنوية وتعطيل قدرة المدينة على التماسك

تواجه تعز اليوم أزمة عطش مزمنة،حيث تقع معظم مصادر المياه تحت سيطرة الحوثيين، ويتم منع ضخها للمدينة

شبكة المياه شبه منهارة، والوايتات تُباع بأسعار خيالية،ما جعل الماء رفاهية لا تصل للجميع

أما الكهرباء، فهي غائبة، والخدمات في حالة انهيار متواصل،ما يُفاقم المعاناة ويُنهك المواطنين

حيث ظهرت خلال فترة وجيزة ظاهرةالإغراءات المادية التي تُقدّم لملاك المنازل، خاصة في المناطق الحيوية، ليست بريئة

عروض استئجار خيالية تهدف لإبعاد السكان الأصليين، وزرع واقع سكاني جديد أكثر قابلية للضبط

الهدف يبدو وكأنه تفريغ المدينة من ملامحها الأصلية، وتطويعها عبر أدوات مالية بدلًا من القصفتعز لن تسقط بإرهاق الجيوب،لأنها مدينة تعلّمت كيف تصمد بالقلبلا بالمادة

لكنها تحتاج اليوم لمن يحمي هويتها الاجتماعية كما حُمِيَت ميادينها

المسؤولية ليست على المواطن وحده، بل على النخب الفكرية، والمثقفين، وخطباء المساجد، والمجتمع المدني بأكمله،أن يُطلقوا إنذارًا مبكرًا، ويرفعوا الصوت، ويكشفوا هذا الاختراق الصامتالذي ينفذ عبر العقود الإيجارية والتضييق المعيشي والخدماتي

تعز قوية وستصمد صمود جبالها الشامخة وستخرج من هذه الازمات منتصرة بإذن الله