عبدالوهاب قطران : الزعيم صالح.حكاية مقتله التي حُسمت أخيرًا

منذ 13 ساعات

عبدالوهاب قطران أهم ما ورد في وثائقي قناة العربية – السعودية عن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، هو ما أكده نجله مدين بخصوص مكان استشهاد والده، حيث ذكر بوضوح أنه قُتل في قرية الجحشي، إحدى قرى قبيلة سنحان

 هذا التصريح يحسم الجدل الذي ظل قائمًا حول مكان مقتله، وسط تضارب الروايات التي أُطلقت عقب الحادثة: أخيرًا، وبعد أكثر من سبع سنوات من تضارب الروايات، جاء التأكيد القاطع من أقرب الناس إلى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ليضع حدًا للجدل حول المكان الذي استُشهد فيه

  لقد تعددت الروايات في ذلك الحين، بعضها أُطلق لتشويه الرجل، وأخرى لتكريمه، وثالثة صنعتها المخيلة الشعبية

وكلّها لم تكن تحظى بإجماع، حتى جاء تصريح الابن ليؤكد الرواية الأقرب إلى الحقيقة

 أربع روايات

وحقيقة واحدة الرواية الأولى، وهي التي روّج لها خصومه، تقول إن الرئيس صالح قُتل أثناء فراره في خط مأرب وكان متجه نحو مأرب

وقد سوّقت لها قناة الجزيرة بقوة، في سياق ما بدا وكأنه رغبة في تصويره كمن تخلى عن المعركة وهرب في اللحظة الأخيرة

 الرواية الثانية، جاءت على لسان صاحب الحداء اسماعيل الجلعي في قناة الميادين، عقب مقتل الرئيس بيومين مؤكدًا أن صالح قاتل حتى الرمق الأخير من داخل منزله، ولم يغادره رغم الحصار والتهديد

لكنها قوبلت بالتكذيب والملاحقة، وتم تهديد الجلعي بالسجن، في محاولة واضحة لطمس الرواية التي تحفظ للرجل كبرياءه وشجاعته

 الرواية الثالثة، سمعتها شخصيًا من نسبي علي عبية ظهيرة 4 ديسمبر 2017، نقلًا عن زميله ضابط من أبناء سنحان، قال إن الرئيس قُتل في قرية الجحشي، وإن من باشر إطلاق النار عليه كان عنصرًا عقائديًا تابعًا للجماعة ومن نفس القرية

واليوم، تؤكد شهادة نجله مدين هذه الرواية نصّا ومكانًا، مما يمنحها الصدقية المرجّحة

 أما الرواية الرابعة، فلا تعدو كونها نتاج خيال خصب وغرائبي، إذ يتداولها بعض المتوهمين، وتزعم أن المواجهات التي اندلعت بين الحوثيين وصالح لم تكن حقيقية، بل مجرد تمثيلية، وأن الرئيس نُقل سرًّا إلى روسيا وما يزال حيًا يُرزق! إنها رواية لا تصمد أمام أبسط معايير المنطق والواقع، وتدخل في باب الخرافة السياسية لا أكثر

 الجثمان ومكان الدفن أما عن مكان دفنه، فقد أكّد لي بعد حوالي شهر على الحادثة ، من أثق فيه أنه حضر الجنازة الصغيرة التي أُقيمت للزعيم بعد مقتله، حيث دُفن جوار المستشفى العسكري في صنعاء، بحضور عدد من أقاربه، وانه حضر الجنازة رئيس مجلس النواب يحيى الراعي

ولم تكن جنازة تليق برئيس حكم اليمن لعقود، لكنها كانت نهاية رجل أبى أن يغادر تراب وطنه، حتى وهو يودّع الحياة

 رجل رفض الهروب ومات واقفًا الخلاصة التي لا يمكن إنكارها، أن علي عبدالله صالح لم يكن من أولئك الذين يفرّون في لحظة المصير

لقد رفعت أمامه عروض كثيرة للخروج من اليمن، وقضاء بقية عمره في بحبوحة وترف، لكنه أبى

ظل صلبًا، عنيدًا، ورأسًا يابسًا كما يصفه محبوه وخصومه على السواء

رفض أن يغادر كما غادر كثيرون، متنقلين بين فنادق إسطنبول والرياض وأبوظبي

 مات وهو يقاتل في متراسه، وسط قبيلته، شامخًا، كما أراد لنفسه أن يُذكر

ومهما اختلفنا معه أو اتفقنا، فإن الشجاعة التي أظهرها في لحظاته الأخيرة تفرض علينا أن نقر بها، وننقلها كما كانت