عجز النساء عن التقاضي…التنازل عن الحقوق هو الخيار الوحيد

منذ 5 أشهر

تعز-عدي الدخيني قبل خمس سنوات، تزوجت منى، البالغة من العمر 27 عامًا، في إحدى قرى محافظة تعز، وبدأت فصلًا جديدًا من حياتها

كانت تأمل أن يكون الزواج بوابتها للاستقرار والأمان

لكن بعد ثلاث سنوات، تبدد هذا الأمل بسبب الخلافات المستمرة مع زوجها

تغيرت نظرة منى إلى الزواج، فلم تعد تراه مصدرًا للأمان والاستقرار

تقول منى في حديثها لـ”المشاهد”: “بعد ثلاث سنوات من زواجنا، بدأت المشاكل بالظهور

لم تتوقف المشاحنات، وتحولت الخلافات الصغيرة إلى مشكلات كبيرة

كان زوجي يتجاهل مشاعري ويستخدم كلمات جارحة في التعامل معي

بمرور الوقت، انقلبت المحبة التي جمعتنا إلى عداوة

”بعدما عجز الطرفان عن إيجاد حلول لتلك الأزمة، عادت منى إلى منزل والدها

حاولت مرة التواصل مع زوجها لمناقشة ما حدث، لكنه رفض الحديث معها، مما زاد “شعورها بالخذلان والوحدة

”استمرت منى عامين في منزل والدها، وقررت مسامحة زوجها

لم يقبل زوجها التفاهم معها، وكان قد قرر الطلاق، لكنه أراد أن يطلق بشروط

 وفقًا لمنى، اشترط زوجها عليها التنازل عن حقوقها، بما في ذلك المهر المؤخر، وهدد بعدم منحها الطلاق إذا رفضت

تقول منى: “جاءت والدتي لتخبرني بأنه لا يوجد خيار سوى التنازل

وأوضحت أن وضع والدي المالي لا يسمح بنقل القضية إلى المحكمة أو أي جهة أخرى

في النهاية، اضطُررت إلى التنازل عن جميع حقوقي مقابل الحصول على الطلاق

”منى ليست الحالة الوحيدة، بل هناك العديد من القصص المشابهة لنساء يعانين من العنف وفقدان حقوقهن في العديد من المناطق اليمنية

تؤثر الحرب بشكل مباشر وغير مباشر على مختلف شرائح المجتمع، وتواجه النساء أوجهًا متعددة من التمييز، مما يزيد من حدة معاناتهن أثناء الحروب

لسنوات عديدة، يحتل اليمن المراتب الأخيرة عالميًا فيما يتعلق بمراعاة حقوق المرأة، حيث تم تصنيفه ضمن أدنى المراتب في مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي

يوضح دحلان أن الضغوط النفسية الشديدة التي يواجهها أفراد الأسرة، إلى جانب النزوح والتهجير القسري، وانعدام الأمن والحماية الأسرية، تسهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الطلاق

التفكك أسري في زمن الحربيقول الأخصائي الاجتماعي أمين دحلان لـ”المشاهد” إن ظاهرة تفشي الطلاق في المناطق الريفية ترتبط بشكل رئيس بتأثير الحرب على الأسر، وتشمل هذه التأثيرات الأزمات الاقتصادية، وتدني مستويات التعليم، وضعف الوعي الاجتماعي

يوضح دحلان أن الضغوط النفسية الشديدة التي يواجهها أفراد الأسرة، إلى جانب النزوح والتهجير القسري، وانعدام الأمن والحماية الأسرية، تسهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الطلاق

يضيف: “إن تزايد العنف ضد المرأة، في ظل غياب المؤسسات القانونية والمدنية القادرة على توفير الحماية اللازمة، يعزز من احتمالية تفكك الأسر وتدهور العلاقات الأسرية

وبالتالي، ظاهرة التفكك الأسري ستظل قائمة وقد يتسع نطاقها، بخاصة مع استمرار النزوح وضغوط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الأسر اليمنية

”يرى دحلان أن وجود مؤسسات تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء وللأسر بشكل عام، خاصة في المناطق الريفية، قد تخفف من مشكلات التفكك الأسري، وتحد من تداعياتها على النساء والأطفال

يقول الأخصائي الاجتماعي أمين دحلان لـ”المشاهد” إن ظاهرة تفشي الطلاق في المناطق الريفية ترتبط بشكل رئيس بتأثير الحرب على الأسر، وتشمل هذه التأثيرات الأزمات الاقتصادية، وتدني مستويات التعليم، وضعف الوعي الاجتماعي

قانون “يسهّل استغلال الزوجات”تقول المحامية اعتصام المقطري لـ “المشاهد” أن القانون اليمني أنتقص من حق المرأة في المطالبة بحقوقها من الزوج بعد هجرها أو طلاقها

وتوضح المقطري أن المادة (54) من القانون بشأن الأحوال الشخصية ينص على: “إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي أن يتحرى السبب، فان ثبت له عين حكما من أهل الزوج، وحكما من أهلها للإصلاح بينهما، وإلا أمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع حكم بالفسخ، وعليها أن ترجع المهر

”ترى المقطري أن القانون اليمني يسهّل للأزواج استغلال زوجاتهم وأخذ حقوقهن، وأصبح الزوج يرفض تطليق زوجته مستغل الثغرة القانونية لإعادة المهر، وإن طلبت الزوجة الطلاق، يُطلب منها التنازل عن حقوقها مقابل الطلاق

وفقًا للمقطري، يعد تعرض الزوجة للعنف من قبل الزوج، مثل السب والشتم والضرب، وهجرها في منزل والدها دون الإنفاق، وقائع جنائية، وليست أسبابًا مباشرة للفسخ في القانون اليمني

 تدرك منى أن المطالبة بحقوقها أو إنصافها من زوجها السابق مسألة تحتاج مالًا ووقتًا، وهذا ما لا تقدر عليه

الانسحاب والتنازل كان خيارها، وخيار الكثير من النساء اللاتي يعجزن عن الدفاع عن حقوقهن

تدرك منى أن السعي لاستعادة حقوقها أو مساءلة زوجها السابق يتطلب وقتًا ومالًا، وهو ما لا تقدر على تحمّله

لذلك، كان التنازل والانسحاب خيارها الوحيد، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للعديد من النساء اللواتي يجدن أنفسهن عاجزات عن الدفاع عن حقوقهن

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير