عزالدين سعيد الاصبحي : تعز.. اغتيالٌ لا يُغتفر وهجمةٌ على دولة الحلم

منذ ساعة

عزالدين سعيد الاصبحي الحديث عما جرى في تعز،مؤلم وجاءت عملية اغتيال الأستاذة افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة، لتفجر كل حالات القهر بشكل غير مسبوق

 الجريمة النكراء لم تكن حادثة معزولة فحسب، بل كشفَتْ عن عمق أزمةٍ سياسية وأمنية واجتماعية تستدعيُ وقفةً وطنيةً جادة

خلال اليومين الماضيين شهدنا حملةً إعلامية واسعة، وما لَفَت الانتباه ليس فقط فظاعة الجريمة بل رسائلها

طريقة الاغتيال التي تمت بشبهاتٍ تُشير إلى أساليب رجال المافيا، لا تبدو مجرد عمل فردي لسلاحٍ منفلتٍ، بل رسالةٌ مبطنة من جماعاتٍ نافذة ترى في من يواجه الفساد خطراً عليها

هذا الواقع المرير يؤكد أن مسألة الأمن والمعسكرات في تعز—وهي مسألة أمن الدولة—أصبحت في حاجة إلى معالجةٍ شاملةٍ وجذرية

لابد  أن تبقى هذه القضية في صدارة  أولويات مؤسسات الدولة؛  يجب ان توضع في أولويات جدول مجلس القيادة ومجلس الوزراء، لا كحادثةٍ جنائية فحسب، بل كملفٍّ وطنيٍ يتطلب تحركاً فورياً

 نحن أمام اغتيالٍ للدولة في رموزها المدنية، ولحلم وطنٍ يطمح إلى السلام والكرامة

 تعز هي حاضنة الجمهورية ودرع الثورة وجسر الوحدة

لذلك فإن ما يتعرض له مجتمعها من حملات تشويه ومحاولات تهشيمٍ للمشهد الثقافي والسياسي، هو استهدافٌ لكل ما تمثله تعز من نهضةٍ وتنوير

المسؤولون المحليون والقِيادات التي تتحكم بالقرار في المحافظة أمام امتحانٍ حقيقي: إما أن ينهضوا الآن لوقف هذا الانهيار وإصلاح ما تَلفَ، أو أن يتركوا تعز عرضةً للمزيد من التآكل الاجتماعي والأمني

 نعم، سيتم ملاحقة المجرمين—وهذا أمرٌ مفروغٌ منه—لكن العدالة المطلوبة لا تكتمل بمجرد محاكمة الجناة

إنصاف افتهان المشهري يمر أيضا  عبر إستعادة المشروع الذي كانت تعمل من أجله: مدينة نظيفة من القمامة والفساد ، وإدارة رشيدة، ودولة تقف إلى جانب مواطنيها

أقترح اليوم دعوة عاجلة لاجتماعٍ لحكماء تعز ومؤسساتها المدنية والسياسية لوضع خطة إنقاذٍ عاجلة: حماية للناشطين والمدافعين عن الشأن العام، إصلاح أجهزة الأمن المحلية، تفعيل مؤسسات الرقابة، وإعادة إحياء «ميثاق تعز» الذي يجمع مختلف القوى لصون مدينةٍ كانت وستبقى رمزاً لصوتٍ يمنيٍ عاليٍ ومؤثر

فالتاريخ لن ينسى من قاتلَ تعز بالرصاص أو بالكلمة، كما أنه لن يرحم من تركها تهوي بدون مقاومة

تضحيات الشهيدة افتهان لا تستوجب فقط البحث عن الجناة، بل تُلزمنا بتحويل ألمنا إلى عملٍ متواصلٍ يحفظ لِتعز مكانتها كقلبٍ نابضٍ بالدولة، وكمَهدٍ للكرامة والحرية