علي العمراني : قناة الوحدة… وملاحظات للعميد طارق صالح
منذ 2 أيام
علي العمراني العزيز طارق صالح… لا معنى للجمهورية، حتى وإن كانت جمهورية “صحيحة” وحقيقية، وليست مثل أكثر جمهورياتنا العربية، أو كتلك التي سأل الصحفي عبدالرحمن الراشد عمَّك المرحوم علي عبدالله صالح عنها، وقال:هل النظام الذي تحكمه جمهورياً أم ملكياً يا فخامة الرئيس؟أقول: لا معنى لها ما لم تكن مقترنة بوحدة البلاد، وقائمة على أساسها، ومتمسكة بكامل ترابها دون تنازل عن شبر واحد منه، تحت أي ظرف وفي أي وقت، ولأي أحد، وبأي ثمن
بل إن وحدة الدولة ووحدة البلاد أولى وأهم، وعادة أسبق وأقدم
وقد أقمنا أول جمهورية في 1962 على أرض المملكة التي وحَّدها وأقامها الإمام يحيى ـ ولا خلاف في كونه كهنوتياً وانعزالياً مع خلفية عنصرية بليدة ـ ولو كان يحيى بارعاً مثل جاره في الشمال، عبدالعزيز، لقاسمه جزيرة العرب، ولو كان يحيى أقل براعة، مثل رشاد، لربما ما وجدنا وطناً نقيم عليه جمهورية في 1962
وحدة الوطن أولاً، وشكل النظام تالياً
ثم إن ملكيات العرب أثبتت أنها ليست كما كان يقوله عنها خصومها في الخمسينيات والستينيات
ثم أيضاً: ما هي حقيقة الجمهورية التي يمكن أن يحكمها شخص واحد ثلاثين أو أربعين عاماً، ويأتي معه بالأسرة والعائلة والقبيلة؟ ويمكن أيضاً أن يورِّث الجمهورية لبنيه كما فعل الأسد وحاول آخرون
ودائماً جوهر النظام ومضمونه أهم من اسمه وشكله
وهناك ملوك، في عالمنا العربي، يسهرون على خدمة شعوبهم ومصلحتها وأمنها واستقرارها، ونجحوا أكثر من الرؤساء الذين ثار عليهم الربيع العربي، وإن بموارد شحيحة مثل الأردن
وهل تعتقد أن السعوديين، أو البريطانيين، أو الإماراتيين يقبلون بالتنازل عن جزء من بلدهم، أو تقسيم بلد أيٍّ منهم، مقابل قيام جمهوريتين أو ثلاث، أو أكثر، في أي من بلدانهم؟ أم أنهم سيرون أن وحدة بلدانهم أولى وأهم؟كان أولى أن يتجه التمويل إلى قناة باسم الوحدة، قبل قناة الجمهورية، التي لم تكن جمهورية حقيقية تماماً
وفي الحقيقة، كان يجب أن تكون جمهورية اليمن جمهورية حقيقية، لأنها بُنيت على جماجم آلاف الرجال ودمائهم، وسُقيت بدموع الثكالى والأرامل
ولمن يسأل عمّا هي الجمهوريات غير الحقيقية أو الزائفة؛ فإنها جمهوريات التأبيد والتوريث والفساد الكبير، التي واجهها أحرار العرب فيما عُرف بالربيع العربي؛ وتمت مواجهتهم بالثورة المضادة التي لم تُبقِ على شيء
مناسبة هذا الحديث هي أنه يُلاحَظ أن موقف قناة الجمهورية ليس كما يجب تجاه وحدة البلاد، لا عند الاحتفاءات بعيد الوحدة، ولا في وجه مخططات التجزئة، وآخرها ما حدث في غزوة حضرموت الأخيرة التي عملت على محو أي أثر لجهود عمّك الوحدوية، رحمه الله، الذي كان وحدوياً كبيراً، وإن لم يكن جمهورياً حقيقياً تماماً ودائماً
هذه الملاحظات لا تقلّل من احترامي الشخصي للعميد طارق، الذي سبق أن عبّرت عنه من قبل، والذي أظن أن بإمكانه، لو حاول بجد، إقناع الإمارات بالوقوف مع وحدة اليمن؛ إذ ما هي مصلحة الإمارات من تجزئة اليمن، واستعداء عشرات الملايين من شعبه، لسنين وربما قرون قادمة؟تصريح طارق صالح بأن ما حدث في المنطقة الشرقية مجرد إعادة تموضع وترتيب لمسرح العمليات أحدث صدمة عند كل من يعوِّل على موقفه في الحفاظ على وحدة البلاد
ويذكِّر ذلك بموقفهم من الحـ ـوثي وهو يجتاح عمران ويحتل صنعاء، بما في ذلك التحالف معه والقتال في صفّه لاحقاً
قد يتغيّر موقف طارق صالح لاحقاً من مشروع الانفصال، على غرار تغيّر الموقف من الحـ ـوثي، لكن ربما بعد أن تتعمّق الفأس وتوغل في الرأس، وبعد فوات الأوان، وكل ذلك يعبّر عن قصور نظر كارثي…وربما ما هو أخطر من قصور النظر