عوامل تراجع اللون الغنائي التعزي
منذ 2 أشهر
تعز – أصيل حموداللون الغنائي التعزي جزء أصيل من الهوية الثقافية لليمن
إذ نشأ في بيئة غنية بالتنوع الجغرافي والإنساني، ما أكسبه طابعًا خاصًا ميّزه عن غيره من الألوان الغنائية بالبلاد
بدأت ملامح هذا اللون تتشكل في أواخر خمسينيات القرن الماضي، مع ظهور شعراء وفنانين
استلهموا قصائدهم وألحانهم من الحياة اليومية والعادات الاجتماعية في تعز
ساهم الفن الغنائي التعزي في تعزيز الهوية الثقافية لتعز، حيث أصبح وسيلة للتعبير عن هموم الناس وأفراحهم وتفاصيل حياتهم اليومية
كما لعب دورًا في توثيق العادات والتقاليد المحلية والمشاكل الاجتماعية
وانتشر خارج حدود تعز بفضل جهود فنانين وشعراء كبار، مثل: أيوب طارش وعبدالباسط عبسي وعبدالله عبدالوهاب نعمان وأحمد الجابري، وغيرهم
وساعد هذا الانتشار في تعريف الآخرين بثقافة تعز وفنها
تميز اللون التعزي باستخدام “الملالاة” كأسلوب أدائي فريد يُضفي طابعًا شجيًا على الأغنية
كما أن الخصوصية الجمالية التي ميّزت اللون التعزي عن بقية الألوان تمثلت في ارتباطه باللهجة الريفية ومعاناتها
ساهم الفن الغنائي التعزي في تعزيز الهوية الثقافية لتعز، حيث أصبح وسيلة للتعبير عن هموم الناس وأفراحهم وتفاصيل حياتهم اليومية
كما لعب دورًا في توثيق العادات والتقاليد المحلية والمشاكل الاجتماعيةوبرزت أسماء كبيرة أسهمت في تشكيل هذا اللون الغنائي مثل أيوب طارش، الذي استطاع نقل الأغنية التعزية إلى مستوى وطني
وعزز عبدالباسط عبسي، حضورها بلمساته الفنية الفريدة، ومنى علي، التي شدت بـ”الملالاة” كجزء أصيل من الهوية الغنائية لتعز
في سبعينيات القرن الماضي، شهد اللون التعزي مرحلة ازدهار، جسدها التعاون بين الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) والفنان أيوب طارش
وقدما أعمالًا غنائية أصبحت جزءًا من الذاكرة الفنية اليمنية
كما ساهمت ثنائية الشاعر سلطان الصريمي والفنان عبدالباسط عبسي في تعزيز هذا اللون الغنائي، عبر أعمال لامست قضايا اجتماعية ووطنية
ومع دخول الثمانينيات والتسعينيات، بدأ اللون الغنائي التعزي يواجه تحديات عديدة، أبرزها تأثير العوامل السياسية والاقتصادية
إضافة إلى تراجع الاهتمام بالفنون التراثية أمام موجات التحديث الموسيقي
وساهم غياب الدعم الرسمي وقلة المنصات الإعلامية المتخصصة في تراجع حضور هذا اللون على الساحة الفنية
وأدى اعتماد الفنانين الشباب على الألوان الغنائية الأخرى إلى إضعاف ارتباطهم بالتراث التعزي
وخلال السنوات الأخيرة، ظهرت محاولات لإحياء التراث الغنائي التعزي، عبر دمج الإيقاعات الحديثة مع الألحان التقليدية
كما فعلت فرقة “مشاقر تعز” بإعادة إنتاج أغاني أيوب طارش بطريقة عصرية ومحاولات أخرى عديدة
ورغم نجاح محاولات التجديد هذه، إلا أن هناك شبه غياب لإنتاجات إضافية ضمن هذا اللون الغنائي
الفنان الغنائي، ضرار الخامري، يرى أن “شباب اليوم في حالة من الحداثة، ينبغي مواكبتها فنيًا، فلكل جيل خصوصيته
ويضيف لـ”المشاهد”: “الموضوعات الغنائية التقليدية قد لا تعبر عن هموم الأجيال الجديدة
ونحن بحاجة لتحديث الموضوعات أو طريقة تناولها
داعيًا إلى ضرورة أن يتوافق الفن مع القضايا المعاصرة، وعلى الفنانين تبني أسلوبًا يواكب نمط الحياة الحديث؛ لجذب جمهورهم الشاب”
في سبعينيات القرن الماضي، شهد اللون التعزي مرحلة ازدهار، جسدها التعاون بين الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) والفنان أيوب طارش
وقدما أعمالًا غنائية أصبحت جزءًا من الذاكرة الفنية اليمنية
كما ساهمت ثنائية الشاعر سلطان الصريمي والفنان عبدالباسط عبسي في تعزيز هذا اللون الغنائي، عبر أعمال لامست قضايا اجتماعية ووطنيةويشير الخامري إلى حاجة اللون التعزي لملحنين يعملون على إحياء الألحان التقليدية وتطويرها
كما يجب العودة للموروث الشعبي بمناطق الحجرية، فهذه الألحان إذا تم تطويرها بشكل عصري، يمكن أن تعيد الحياة للأغنية التعزية
ويتابع: “أغلب ملحني تعز يلحنون على الطريقة الصنعانية والخليجية؛ ما يشير إلى غياب التجديد الحقيقي في ألحان اللون الغنائي التعزي
معتبرًا أن فناني اليوم لا يستطيعون تقديم نفس نوعية الأعمال المتكاملة التي كان يقدمها الفنانون القدامى
فيما يعتقد الملحن الغنائي سنان التبعي، مؤسس فرقة كورال تعز، أن تطوير عملية التوزيع الموسيقي، أحد الضروريات لتحديث لون الغناء التعزي
ويوضح لـ”المشاهد”: “دور الموزع الفني يكمن في عملية التحديث، عبر إضافة أصوات الآلات الجديدة وخامات متنوعة
تسهم في تقديم تجربة موسيقية إبداعية جديدة تجمع بين الأصالة والحداثة”
يعتقد التبعي أن الفن التعزي عانى من الإقصاء والتهميش وغياب الدعم الرسمي من الجهات المعنية
كما أن المؤسسات الثقافية والتعليمية التي من المفترض أن تدعم المواهب الفنية وتعزز قدراتها لم تقدم الدعم لذلك
وأضاف: هذا الأمر حال دون ظهور جيل فني قادر على إضافة أي جديد لهذا اللون الغنائي
الخامري: شباب اليوم في حالة من الحداثة، ينبغي مواكبتها فنيًا، فلكل جيل خصوصيته
فالموضوعات الغنائية التقليدية قد لا تعبر عن هموم الأجيال الجديدة
ونحن بحاجة لتحديث موضوعات اللون الغنائي التعزي أو طريقة تناولهاويواصل: “يجب الاهتمام بالشعراء والملحنين والفنانين الشباب عبر إقامة دورات تدريبية تؤهلهم فنيًا وثقافيًا”
كما أن غياب الأرشيف الفني وانقطاع التواصل بين الأجيال أدى إلى غياب المعلومة التي يحتاجها الفنانون الشباب”
ودعا التبعي إلى تطوير اللحن والقصيدة، وأن يترافق ذلك مع تسويق وترويج إعلامي من الجهات المختصة
لافتًا إلى أن الألوان الغنائية الأخرى التي لاقت اهتمامًا وخصصت لها إمكانيات وتسويق إعلامي تصدرت مواقع التواصل الإجتماعي وفرضت نفسها
ما دفع الشباب نحو هذه الألوان الغنائية الحديثة، وعزز من تراجع الأغنية التعزية
يكشف الشاعر الغنائي محمد الهتار، أن اعتماد الفنانين على قصائد ضعيفة المحتوى ساهم في خفوت إنتاج الأغنية التعزية
وأدى إلى تراجع اهتمام الشعراء بكتابة القصيدة الغنائية، خاصةً مع غياب الدعم والإنتاج الجيد لهذا اللون
التبعي: تطوير عملية التوزيع الموسيقي، أحد الضروريات لتحديث لون الغناء التعزي
فدور الموزع الفني يكمن في عملية التحديث، عبر إضافة أصوات الآلات الجديدة وخامات متنوعة تسهم في تقديم تجربة موسيقية إبداعية جديدة تجمع بين الأصالة والحداثةيقول الهتار لـ”المشاهد”: “هناك عزوف واضح عن كتابة أغاني قيّمة باللهجة التعزية؛ بسبب اتجاه الفنانين نحو القصائد السطحية
ما أفقد الأغنية التعزية جزءًا كبيرًا من هويتها
كما أن الشعراء لم يعودوا متحمسين للكتابة باللهجة التعزية، لأنهم لا يجدون اهتمامًا أو إنتاجًا يدعم أعمالهم”
ويضيف: “الأغنية بحاجة إلى نصوص قوية تواكب العصر وتحافظ على الروح التعزية
لكن أغلب الإنتاج الحالي يفتقر إلى العمق والإبداع، وتوقف التجديد في هذا اللون الغنائي جعله عالقًا في الماضي”
وبحسب الهتار فإن الضعف في القصيدة الغنائية انعكس على جودة الأعمال المقدمة؛ مما جعل الجمهور يميل إلى الألوان الغنائية الأخرى
كما أن هذا التراجع في الإنتاج دفع بالكثير من الشعراء إلى التوقف عن الكتابة للأغنية التعزية
في ظل هيمنة الأغاني الشعبية للأعراس التي تعتمد على الكلمات السريعة والتوزيع الموسيقي العصري دون الاهتمام بجودة النص
يوضح رئيس مؤسسة صروح للتنمية الثقافية والإنسانية، عبدالخالق سيف، أن اللون التعزي يتميز بـ”الإيقاع الزبيري”
ويقول لـ”المشاهد”: رغم فخامة هذا الإيقاع واتزانه، يظل بطيئًا ورتيبًا؛ ما يجعله أقل جذبًا للجمهور
يحدث هذا في ظل تسارع وتعدد إيقاعات الألوان الغنائية المعاصرة
الهتار: هناك عزوف واضح عن كتابة أغاني قيّمة باللهجة التعزية؛ بسبب اتجاه الفنانين نحو القصائد السطحية
ما أفقد الأغنية التعزية جزءًا كبيرًا من هويتها
كما أن الشعراء لم يعودوا متحمسين للكتابة باللهجة التعزية، لأنهم لا يجدون اهتمامًا أو إنتاجًا يدعم أعمالهمويشير سيف إلى محاولات الفنان الكبير أيوب طارش لتسريع الإيقاع وإضفاء روح الحيوية عليه
وتابع: إلا أن تطوير الإيقاع الزبيري اليوم يحتاج إلى موسيقيين مبدعين قادرين على الحفاظ على هويته
محذرًا من تحويله إلى إيقاع يشبه اللحجي أو البدوي بحيث يخرج من طابعه، وهذا الأمر يحتاج للعمل عليه
”يشير الفنان ضرار الخامري، إلى ضرورة أن تقوم نقابة الفنانين في تعز، بدراسة شاملة للتعرف على احتياجات الفنانين الشباب بتعز
وقال: “أتمنى أن تهدف الدراسة لمعرفة الإمكانيات التي يحتاجها الفنانون الشباب لإنتاج عمل غنائي تعزي”
وتكون هذه الدراسة أساسًا لفهم المتطلبات الفنية لتطوير الفن الغنائي وتعزيز مشاركة الجيل الجديد
من جانبه، يقترح عبدالخالق سيف، إقامة مهرجان دوري لتعزيز حضور الأعمال الجديدة
ويقول: “إطلاق مهرجان لأعمال غنائية جديدة ضمن هذا اللون؛ سيسهم في إعادة الحياة لهذا الفن العريق
وسيتسابق الفنانون الشباب على البحث عن كلمات واستنهاض الشعراء من أجل الكتابة
واختتم حديثه: لدينا شعراء رائعين يكتبون، ورؤوس أموال تعزية قادرة على إقامة مهرجانات، والارتقاء باللون الغنائي التعزي”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير