عودة الملاحة إلى البحر الأحمر ستكون نقطة تحوّل لشحن الحاويات في عام 2026
منذ 11 ساعات
بقلم ريكو لومان*يُعد قرار خطوط الشحن بالعودة إلى الإبحار عبر البحر الأحمر التطور الأهم الذي ينبغي مراقبته في سوق الشحن العالمي العام المقبل
والمسألة ليست إن كان سيحدث، بل متى
فإذا قررت شركة كبرى أن المخاطر أصبحت مقبولة، ستتبعها بقية الشركات بلا شك
فقد شكّل قناة السويس لعقود شرياناً حيوياً للتجارة الحديثة بين الشرق والغرب، حيث تمر عبرها أكثر من 15% من التجارة العالمية للسلع، وما يصل إلى ضعف هذه الحصة من حركة حاويات البضائع الاستهلاكية
لقد أصبح الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح ممارسة شائعة لمعظم سفن الحاويات منذ ما يقرب من عامين، بعد بدء هجمات الحوثيين في منطقة البحر الأحمر أواخر 2023
واستمر هذا التجنّب غير المسبوق لفترة أطول بكثير مما كان متوقعاً، ما أدى إلى ارتفاع أسعار شحن الحاويات وهوامش أرباح الخطوط البحرية بعد انخفاضها الحاد من مستوياتها المرتفعة أثناء الجائحة في 2023
إن استئناف العبور عبر البحر الأحمر يوفر أكثر من 3,000 ميل بحري وما يقرب من 10 أيام من الإبحار على طريق آسيا – شمال غرب أوروبا
وعلى المدى الطويل، سيؤدي ذلك إلى تحرير قدر كبير من طاقات الأسطول، إذ يستنزف الالتفاف حالياً نحو 6% من طاقة الأسطول العالمي، إضافة إلى التأخيرات المتكررة
ولهذا السبب ستُحدث العودة تأثيراً كبيراً، تماماً كما أحدث التحويل الضخم للمسارات في البداية
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في أكتوبر، لم تعد شركات مثل ميرسك وهاباغ-لويد تستبعد العودة إلى البحر الأحمر، وقد أشارتا إلى أنهما ستفعلان ذلك بمجرد توافر الظروف المناسبة
كما تتوقع CMA CGM – التي واصلت تنفيذ بعض الرحلات تحت مرافقة بحرية – استئناف العبور قريباً
بيانات نوفمبر 2025 تظهر أن حركة الشحن عبر البحر الأحمر لم تتعافَ بعدعدد السفن العابرة لمضيق باب المندب يومياً (متوسط 7 أيام متحرك)، مقارنة بخط الأساس لعام 2023العودة إلى البحر الأحمر ستتسبب أولاً في اضطراب… ثم في ضغط حاد على السوقإن العودة إلى المسار الأصلي خطوة منطقية، لكنها في الوقت نفسه هي “الفيل في الغرفة”
فاستعادة مرور السفن سيُحسّن من كفاءة سلاسل التوريد، ويقلّص استهلاك الوقود والانبعاثات التي ارتفعت بسبب المسافات الإضافية
لكن العودة إلى الوضع السابق ستجلب أولاً موجة جديدة من الاضطراب
فالوصول المبكر للسفن قد يؤدي إلى ازدحام في الموانئ، ما قد يعيق محطات الحاويات ويتسبب في تأخير نقل البضائع والحاويات الفارغة عبر سلاسل الإمداد
وقد تلجأ شركات الشحن إلى إلغاء بعض الرحلات للتخفيف من التأثير، لكن من المحتمل أن ترتفع أسعار الشحن، خصوصاً إذا تزامن هذا التحول مع عطلة رأس السنة الصينية
وبمجرد استقرار الجداول الزمنية للرحلات، من المرجّح أن يتعرض السوق لضغط كبير نحو خفض الأسعار
فعودة السفن ستوفر طاقات إضافية، بينما تستمر دخول سفن جديدة من الدفتر الطلبي الضخم* إلى الخدمة في 2026
وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن يظل نمو أحجام شحن الحاويات منخفضاً، ما سيدفع الأسعار إلى الهبوط
وسيكون هذا التأثير أكبر من وفورات التكاليف التشغيلية
وقد يساعد الإبحار البطيء في امتصاص جزء من الفائض في السعة، كما يُتوقع أن تسرّع الشركات من وتيرة تفكيك السفن القديمة بعد خمس سنوات من الحد الأدنى لحالات الإرساء
ومع ذلك، سيستغرق هذا وقتاً ولن يعالج الفائض بالكامل
اعتباراً من نوفمبر 2025، يمثل دفتر طلبات سفن الحاويات 32% من القدرة الحالية للأسطول، وفقاً لبيانات كلاركسونز
تحسن انتظام وصول سفن الحاويات أثناء أزمة البحر الأحمر بعد تكيّف السوق مع “الوضع الطبيعي الجديد”موثوقية وصول سفن الحاويات عالمياً (نسبة السفن التي تصل في الموعد المحدد)الاستئناف وارد… لكن خطوط الشحن ليست في عجلة من أمرهاعلى الرغم من أن العودة إلى البحر الأحمر قد تحدث خلال الأشهر الستة المقبلة، إلا أن خطوط الشحن حريصة على عدم التسرع
وقد ظهر هذا بوضوح في تصريح ميرسك عقب إعلان أولي من هيئة ميناء السويس
وبالتأكيد يجب ضمان سلامة السفن والبحارة والحمولات، لكن هناك أسباباً أخرى للتريث
فقد عانى قطاع شحن الحاويات عاماً من الضغوط بسبب صدمات التجارة، وإعادة هيكلة التحالفات، وتعديل مخططات الإبحار
وقد استقرت الجداول المبنية على الالتفاف حول رأس الرجاء، وتحسنت موثوقية الوصول
وتريد الشركات تجنب “اضطراب مزدوج” — أي التبديل المتكرر بين المسارات — قبل الالتزام بالعودة إلى البحر الأحمر، وتحتاج إلى الثقة في استدامة أي تغيير
ويعد هذا مهماً بشكل خاص لشبكة تحالف جيميني الجديدة بين ميرسك وهاباغ-لويد، التي وعدت العملاء بنسبة موثوقية وصول تبلغ 90%، وهي أعلى بكثير من المتوسط
انخفضت أسعار الشحن الفورية من الصين إلى أوروبا بشكل حاد في 2025مؤشر أسعار الحاويات (WCI)، أسعار الشحن الفوري بالدولار لكل حاوية 40 قدماًهناك سبب آخر للحذر، وهو التأمين
فقد ارتفعت أقساط التأمين للعبور عبر القناة بشكل كبير، ويُتوقع أن تنخفض بصورة ملموسة، أو أن تتطلب الرحلات موافقة مسبقة
ومن المرجّح أن تبدأ الشركات اختبار العودة عبر الرحلات العكسية (من أوروبا إلى آسيا) ذات الحمولة الأقل ودرجة الموثوقية الأدنى
وبشكل عام، فإن حسن توقيت الاستئناف يخدم المصلحة المالية لشركات الشحن
ارتفعت أرباح شركات شحن الحاويات مع استمرار الالتفاف حول رأس الرجاء الصالحالأرباح التشغيلية (EBIT) لعدد من شركات الشحن في كل ربع سنة مقارنة بالعام السابقتأثير محدود على ناقلات النفط والسفن bulkersسيكون قطاع شحن الحاويات — وكذلك سفن نقل السيارات — الأكثر تأثراً بعودة الملاحة عبر البحر الأحمر
أما في قطاعات الشحن الأخرى مثل ناقلات النفط وسفن البضائع السائبة، فسيكون التأثير أقل، لأن اعتمادها على هذا المسار أقل بكثير
فالسوق في هذه القطاعات يتأثر أكثر بالحمائية وتغير أنماط التجارة، بينما ما تزال أعداد كبيرة من هذه السفن تعبر المنطقة مقارنة بسفن الحاويات
ومع ذلك، قد ينخفض إجمالي المسافات المقطوعة — مثل شحن الحبوب من البحر الأسود إلى دول نصف الكرة الجنوبي — مما قد ينعكس على الأسعار
إخلاء مسؤولية المحتوىأعدّت ING هذا المنشور لأغراض معلوماتية فقط دون مراعاة وضع مستخدم معين أو أهدافه المالية أو الاستثمارية
لا يُعد هذا المحتوى توصية استثمارية ولا يقدم نصيحة قانونية أو ضريبية أو عرضاً لشراء أو بيع أي أداة مالية
* كبير اقتصاديي قطاع النقل واللوجستيات في مجموعة هولندا الدولية