فؤاد المنصوري : السعودية واليمن.. دعمٌ اقتصاديّ يتجاوز الأرقام

منذ 8 ساعات

فؤاد المنصوري في 20 سبتمبر 2025 أعلنت المملكة العربية السعودية عن حزمة دعم اقتصادي وتنموي جديدة لليمن بقيمة 1

38 مليار ريال سعودي عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن

شملت الحزمة دعم الموازنة، وتمويل مشتقات نفطية، وتغطية تكاليف تشغيل مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن، في خطوةٍ أكّدت مرة أخرى التزام الرياض باستقرار الاقتصاد اليمني ومساندة جهود الإصلاح الحكومية

 هذا الإعلان ليس حدثًا معزولًا؛ بل يأتي امتدادًا لمسارٍ متصل من الإسناد المالي والتنموي سبق أن تضمّن ودائع ودعمًا مباشرًا للمؤسسات الاقتصادية اليمنية خلال الأعوام الماضية، في إطار رؤيةٍ سعوديةٍ تعتبر الاستقرار الاقتصادي المدخل الأهم لتهدئة الإنسان وتعزيز فرص السلام

 دبلوماسية المردود الملموسيبرز هنا دور سعادة السفير محمد بن سعيد آل جابر، المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بوصفه مهندسًا لدبلوماسيةٍ عملية تُقاس بنتائجها على الأرض: تحسين الخدمات الأساسية، وتثبيت حضور الدولة، وتحصين الاقتصاد من الصدمات، إلى جانب نسقٍ سياسيّ هادئ يبني التفاهمات ويُبقي قنوات الحوار مفتوحة

وقد وثّقت منصّات رسمية ودولية لقاءاته الدورية مع سفراء الاتحاد الأوروبي ودولٍ فاعلة لمواءمة الدعم التنموي مع المسار السياسي

 السفير آل جابر ليس مجرد ممثلٍ دبلوماسي؛ بل هو أيضًا المشرف التنفيذي على ذراعٍ تنموي يعمل بمنهج مشاريع سريعة الأثر + بنية تحتية مستدامة

ويؤكد تعريف البرنامج ذاته أنّه يعمل بقيادته وبفِرَقٍ فنية سعودية ويمنية متخصصة موزّعة على قطاعات وخدمات متعددة

 منحة اليوم… ورسالة الغدتفصيلاً، تَعِدُ الحزمة الجديدة بثلاثة مسارات متكاملة:1

استقرار مالي قصير-ومتوسط الأجل: عبر دعم الموازنة وتمويل المشتقات النفطية لتأمين الكهرباء والخدمات، وهي مفاتيح معيشية تقلّص كلفة الحياة على المواطن وتُمكّن الحكومة من الوفاء بوظائفها الأساسية

 2

تعزيز الخدمة العامة النوعية: استمرار تشغيل مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن كرافعة صحية وتعليمية وخدمية، وقد نشر البرنامج بيانات دورية عن التشغيل والنتائج خلال 2023–2025

 3

تثبيت الثقة بالاقتصاد: فالتحويلات المشروطة والإسناد الفني سبق أن انعكس إيجابًا على استقرار العملة وتلبية احتياجات الاستيراد الحيوية، كما حدث مع الودائع السابقة في البنك المركزي اليمني

 الدور السياسي- الإنساني: كيف يشتبك مع الواقع؟الدرس الذي كرّسه السفير آل جابر هو أن الدبلوماسية لا تُقاس فقط بالبيانات، بل بمدى قدرتها على تحويل التعهدات إلى خدماتٍ محسوسة تقلّل الاحتقان وتمنح الناس أسبابًا للحياة؛ كهرباء مستمرة لساعات أطول، أدوية متوفرة، مستشفى يعمل، رواتب وموازنات قادرة على إدارة الحد الأدنى من الخدمات

هذه المقاربة الإنسانية-العملية تصنع أرضيةً سياسية أكثر هدوءًا، لأنها تُخفّف ضغوط الشارع وتُعيد الاعتبار لوظيفة الدولة في عين المواطن

وقد سبقت للرياض أن دفعت بمبادراتٍ لخفض التصعيد وفتح نوافذ تفاهم، بالتوازي مع المسار التنموي، ضمن رؤيةٍ إقليمية أوسع لإطفاء بؤر التوتر

هذا التلازم بين المسار السياسي والمردود الإنساني منح الدور السعودي مصداقية متزايدة لدى الفاعلين الدوليين والإقليميين المعنيين بالملف اليمني

 البرنامج السعودي لتنمية واعمال اليمن من مشاريع رمزية إلى بنية ثقةتميّزت تدخلات البرنامج بتنوّع القطاعات (صحة، طاقة، تعليم، طرق، مياه، ومشاريع بلدية)، مع ميلٍ إلى المشاريع ذات العائد المباشر وسرعة التشغيل، ثم البناء تدريجيًا نحو بنى تحتية قادرة على الاستمرار

وثّقت تقارير البرنامج الأداء التشغيلي للمرافق الصحية وعلى رأسها مستشفى الأمير محمد بن سلمان كحالة درْس في التشغيل قبل القصّ الشريطي

 هذه المدرسة في العمل التنموي- التي يقودها السفير- تراهن على أثرٍ اجتماعيٍّ سريع، يُبنى عليه لتأمين قبولٍ شعبيّ ونوافذ ثقة بين الحكومة والمجتمع، وهو ما تحتاجه أي عملية سياسية مستدامة

لماذا التركيز على شخصية السفير؟لأن القيادة الميدانية للدبلوماسية التنموية تصنع الفارق بين تعهداتٍ مُعلَنة وتعهدات مُنجَزة

السفير آل جابر حافظ على وتيرة لقاءاتٍ سياسية منتظمة مع شركاء دوليين لتنسيق الجهد، وفي الوقت نفسه ظلّ قريبًا من تفاصيل التنفيذ داخل اليمن عبر البرنامج وفرقِه، ما جعل الخطاب السياسي السعودي تجاه اليمن قرينًا لنتائج ملموسة

 تحدياتٌ قائمة… واستحقاقات النجاحقابلية الاستدامة: استمرار تمويل المشتقات النفطية يجب أن يتوازى مع إصلاحاتٍ في الحوكمة المحلية وتحصيل الإيرادات لضمان انتقالٍ مسؤول من الدعم الخارجي إلى الاستقرار المؤسسي

(تدعم المنحة الحالية هذا الانتقال بشرطيةٍ إصلاحية ضمنية)

 حماية الأثر من الاضطرابات: نجاح المستشفى والمشاريع الخدمية يرتبط باستقرار أمني وإداري في عدن والمحافظات المحررة، وهو ملفٌ سياسي-أمني يتطلّب استمرار الزخم الدبلوماسي الراهن

 توسيع الشراكات: مواءمة الدعم مع المانحين والمؤسسات المالية متعددة الأطراف لضمان تدفقٍ متزامنٍ للتمويل الفني والمالي، وتحويل المشاريع الناجحة إلى قوالب تشغيل قابلة للتكرار

(سبقت أمثلة مواءمة في سياقات الودائع والمتابعة الدولية)

 ما بعد 1

38 مليارالمنحة الجديدة ليست رقمًا يُتداول في العناوين؛ إنها أثرٌ متسلسل يبدأ من الموازنة وينتهي بابتسامة مريضٍ غادر المستشفى معافًى، وبموظفٍ تلقّى راتبه، وبمواطنٍ وجد كهرباءً وماءً وخدمةً عامةً محترمة

هذه هي الدبلوماسية التي يجسّدها سعادة السفير محمد آل جابر: دبلوماسيةٌ سياسية-إنسانية ذات نتائج يمكن لمسها، تُعيد الاعتبار لفكرة الدولة وتنسج من جديد خيوط الثقة بين المواطن ومؤسساته، وتمنح مسار السلام فرصة عادلة ليعيش