فتحي أبو النصر : الراتب... استحقاقٌ لا صدقة!
منذ 2 ساعات
فتحي أبو النصر قصص أليمة تُروى بصوت مكبوت
جنود شرعية لا يملكون ثمن حليب لأطفالهم، ولا حتى قيمة الدواء من حرارة الصيف
فأي عدالة هذه التي تميز بين الجبهات كما لو أن الوطن سوقٌ للمزايدة؟أيعقل أن يدفع الجندي ثمن وفائه جوعا؟ولذلك كفى إذلالا لمن صمدوا بكرامة!طبعا ذات اتفاق في الرياض، اجتمع الكبار ليصيغوا مستقبلا يمنيا جديداً وكأنهم يكتبون شعرا في دفتر مقسوم نصفين: نصف اسمه الشرعية والنصف الآخر تموله السعودية بأموال لا تمر عبر وزارة المالية اليمنية بل عبر صرافين محليين أكثر نشاطا من البنك المركزي نفسه
قالوا: سنُوحد القوات تحت راية وزارة الدفاع
فصفق الحاضرون ورفع الجنود رؤوسهم من الخنادق، ظنا أن الحلم اقترب، وأن الوطن أخيرا سيتوقف عن تفضيل ميليشيا على جيش، وقوة خاصة على كتيبة شرعية
لكن الواقع؟ الراتب لعنة وجغرافيا
في مأرب وتعز، الجنود يبحثون عن فتات العدل بين كشوفات الرواتب، بينما على بعد كيلومترات، هناك من يتقاضى راتبا مضاعفا أكثر من عشرة مرات مع بدل شاي ومُحسن معنوي فقط لأنه تابع لقوة ذات هوى خاص
لذلك نطالب المجلس الرئاسي والحكومة بإنهاء هذه الطبقية المقزة داخل جيوش الشرعية وتوحيدها
تخيلوا:مئة ريال سعودي للجندي هنا
أمام ألف ومائتين هناك!فأي جيش هذا الذي يقاتل على قلب الوطن ويتقاضى من الفتات ؟فالوطن لا يُبنى بالمحاباة ، بل بعدالة الميدان
بل كفى إذلالا لمن يحمونكم!ثم كيف يمكن لدولة تقول إنها تحارب الانقسام، وهي تموله من حسابها الجاري؟ وكيف نصدق أن الهدف هو بناء جيش وطني، بينما الراتب سلاح تفريق لا توحيد؟لكن يبدو أن في عرف البعض، الراتب ليس استحقاقا، بل وسيلة ولاء، وحافز على الصمت
فإن كنت تابعا للقوة الصح، فلك مرتبك وكرامتك، أما إن كنت جنديا شرعيا في مأرب أو تعز، فعليك بالصبر، وقراءة بيانات الشجب والانتظار حتى تفرج اللجنة المالية عن بعض الريالات لتسدد بها ديون الخبز
لذلك فإن توحيد الرواتب؟ مطلب بسيط، لكنه ثقيل على من اعتادوا التمييز
فهل تخيل أحدكم يوما أن الجندي الذي يدافع عن مأرب وتعز صار يشعر أنه أقل شأنا من مسلح في عدن أو شبوة؟أي أين الدولة؟ أين مبدأ الجمهورية الذي يقتلون باسمه كل يوم؟ثم إن الوطن لا يُبنى على الظلم، ولا الجيش يتماسك على التمييز
بل إن كل جندي يحمل السلاح تحت راية الجمهورية يجب أن يتقاضى راتبه من نفس الخزينة، وبنفس المعاملة
وإلا فأنتم لا تبنون جيشا
بل تزرعون ألغاما في جسد الدولة القادمة
فيا أصحاب القرار: هم لا يطلبون صدقة، بل استحقاقا
و هم لا يشحدون راتبا، بل يطالبون بعدالة
فإن لم تستحوا من الجنود
فاستحوا من اتفاق الرياض
مع أن جنود تعز ومأرب كانوا أول من حملوا بنادقهم دفاعا عن الجمهورية، يوم كان البعض يفاوض الانقلاب أو يتفرج عليه من بعيد، تُكافأ تضحياتهم اليوم بالتمييز والمهانة
وهؤلاء الجنود لم يبدلوا ولاءهم، ولم يرفعوا راية غير راية الوطن، ولم يغلقوا الجبهات من أجل المطالب السياسية
بل ظلوا في الخنادق، يدافعون عن فكرة الدولة
ولذلك تخيلوا فقط لو أن تعز أو مأرب سقطتا
لما بقي شيء يُسمى الجمهورية اليمنية!ومع ذلك، يُصرف لهم مئة ريال سعودي، بينما تُدفع ألف ومئتان لريال لمن كان بالأمس القريب ضد الشرعية
فأي عبث هذا؟ومن يحاسب هذا الانقلاب الناعم داخل جيوش الشرعية؟لا نطلب معجزة، فقط العدالة
فلا تقتلوا ما تبقى من روح هذا الوطن براتب بخس
-2-قبل أيام وصلني هذابيان من منتسبي الجيش الوطني – تعز(نحن أفراد الجيش الوطني في محافظة تعز، نطالب الجهات المعنية بسرعة الاستجابة لمطلبنا العادل والمشروع: توحيد الرواتب، أسوة ببقية الوحدات العسكرية في الوطن، مثل قوات العمالقة، ألوية درع الوطن، وحراس الجمهورية، حيث يتقاضى الجندي في تلك التشكيلات راتبًا شهريًا يصل إلى 1,000 ريال سعودي، بينما جندي الجيش الوطني في تعز لا يتقاضى سوى 50,000 ريال يمني، وهو مبلغ لا يكفي لأبسط مقومات الحياة!إننا لا نطالب بامتيازات خاصة، بل نطالب بالعدل والمساواة، فقد صبرنا طويلاً وصمتنا كثيرًا، لكننا اليوم نقولها بصراحة: أبناء الشهداء يموتون جوعًا، والجرحى بلا علاج، وأسر الجنود تعاني الفقر والتهميش، وكل ذلك لأننا سكتنا وتغاضينا
أبناؤنا بلا تعليم، يعجزون عن دفع الرسوم أو شراء الكتب، بينما أبناء المسؤولين يتعلمون في الخارج على حساب الدولة!فأي عدالة هذه؟ وأي منطق يجعل من قدّم روحه دفاعًا عن الوطن يُترك فريسة للذل والفقر، ومن جلس في المكاتب يتمتع بكل الحقوق والامتيازات؟ومن هنا، فإننا ندعو جميع الأفراد والضباط الأحرار في صفوف الجيش الوطني للوقوف صفا واحدا، والمطالبة بحقوقنا المشروعة بكل الطرق السلمية والحضارية
كلامنا هذا ليس تحريضا على الدولة، ولا دعوة للفوضى أو التخريب، بل هو نداء حر من رجال خُلقوا أحراراً، ورضعوا الكرامة مع الحليب، ولن يقبلوا بالذل أو التهميش
نحن مع الدولة، مع النظام، مع القانون، لكننا نرفض أن نكون مواطنين من الدرجة الثانية داخل مؤسستنا العسكرية
نطالب القيادة السياسية والعسكرية بسرعة التحرك لإنصاف أبناء الجيش الوطني في تعز، وتوحيد الرواتب، وصرف مستحقات الشهداء والجرحى، ومعالجة كافة الاختلالات
فإن لم نُعامل بالعدل، سنُجبر على المطالبة به بطرق أخرى، ولن نصمت بعد اليوم
والله من وراء القصد
أفراد وضباط الجيش الوطني – تعز)