فتحي أبو النصر : الشهيد الشيخ صالح حنتوس: بين حلم الدولة ومأساة الاغتيال السياسي
منذ 5 ساعات
فتحي أبو النصر في زحمة التحولات اليمنية ومخاضات السنين التي عصفت بالبلاد منذ سبعينيات القرن الماضي، تبرز أسماء رجال حملوا هم الوطن فوق أكتافهم، ورفضوا الاستسلام لعقود التهميش والمناطقية
ومن بين هؤلاء كان الشهيد الشيخ صالح حنتوس، الذي سطع نجمه كصوت حر في مديرية السلفية بمحافظة ريمة، ووقف شامخا في وجه الطبقية، مدافعا عن حق اليمنيين في التغيير والعدالة
عرفته شخصيا خلال الانتخابات الرئاسية عام 2006، عندما كنت ضمن اللجنة الإعلامية لمرشح المعارضة المهندس فيصل بن شملان، رحمه الله
يومها، زرت مديرية السلفية وكان شعارنا: رئيس من أجل اليمن، لا يمن من أجل الرئيس
كان بن شملان رمزا نزيها للحلم المدني الذي راود قلوب ملايين اليمنيين، ورأى فيه الشيخ حنتوس فرصة لإنقاذ اليمن من منظومة حكم أنهكت البلاد منذ العام 1978، بقيادة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، رحمة الله عليه والذي حكم اليمن تحت مظلة شعارات الوحدة بينما كانت أفعال نظامه تكرس التمييز والفساد
ورغم أن الرئيس السابق صرح مرارا بأنه ليس مناطقيا ولا عنصريا، إلا أن واقع الحال أثبت عكس ذلك
ولقد كان الشيخ صالح حنتوس من أوائل من فهموا خطورة استمرار هذا النهج، ولم يتردد في إعلان تأييده الصريح للتغيير السلمي، متحملا في سبيل ذلك مضايقات سياسية وأمنية في منطقة ريفية حساسة كانت ولا تزال تحت تأثير تحالفات قبلية ومصالح حزبية ضيقة
وبعد أكثر من عقد على تلك الانتخابات، تغيرت الوجوه لكن المرض ذاته استفحل: مليشيات الح
وثي التي رفعت شعارات الثورة المظلومية، سرعان ما تحولت إلى أداة قمع مناطقي وعنصري، واندمجت مصالحها مع بقايا النظام السابق المتمثل في بعض أجنحة المؤتمر الشعبي العام
وها هي اليوم، تعيد إنتاج آليات الإقصاء وتصفية المخالفين، وكان الشيخ حنتوس أحد ضحايا هذا التحالف المدمر، اغتيل بدناءة فقط لأنه لم يسجد لغير الله ولغير اليمن
على إن اغتياله ليس فقط جريمة بحق إنسان، بل إهانة لذاكرة وطنية كانت تنشد مستقبلا أفضل
بمعنى أدق كان الشيخ صالح حنتوس شهيد الكلمة والموقف، رجلا رفض الانحناء، وآمن أن اليمن يستحق أكثر من مجرد تبعية عمياء أو ارتهان طائفي
رحمة الله عليه وعلى أمثاله من الشهداء، الذين رحلوا ليحيا فينا الحلم، ويبقى السؤال معلقا: متى ينجو اليمن من مناطقيته؟ ومتى يُسترد الوطن من أيدي العصابات المسلحة والنظام الزيدي الإمامي المتحول؟!