فتحي أبو النصر : اللواء عبد الله جزيلان: القائد الصامت في وهج الثورة السبتمبرية

منذ 2 أيام

فتحي أبو النصر كلما حل شهر سبتمبر، يستيقظ في الوجدان اليمني نبض الثورة وروح الحرية

فهو ليس مجرد شهر في التقويم، بل موعدٌ خالد مع المجد الوطني

وفي خضم هذه الذكرى المجيدة، تشرق في الذاكرة أسماء رجال صنعوا التاريخ بأفعالهم لا بأقوالهم، في طليعتهم اللواء عبد الله جزيلان، أحد القادة الحقيقيين لثورة 26 سبتمبر الخالدة، ومهندس لحظتها الفاصلة

وُلد والد عبد الله جزيلان في منطقة برط، التابعة لقبيلة ذو محمد الأبية، وهي قبيلة عرفت بمواقفها الجمهورية ورفضها للظلم والإمامة

ثار والده ثم هاجر برط إلى تعز

فيما ترعرع في تعز، المدينة التي اختلط ترابها بأنفاس الثوار والأحرار، وتمنى أن يُقبر فيها، دلالة على عمق ارتباطه بالأرض التي أحبها ونذر نفسه لخدمتها

وعبد الله قائد جزيلان كان نائب رئيس مجلس قيادة الثورة الأسبق، ولد في مدينة تعز عام 1936 م ودرس القرآن الكريم بمدرسة الاحمدية، وكان ضمن طلبة البعثة الطلابية الذين سافروا إلى لبنان 1947م؛ لإكمال الدراسة الابتدائية

في عام 1949م انتقل مع زملائه إلى جمهورية مصر العربية وأكمل دراسته الثانوية في مدينة بني سويف ، ثم التحق بالكلية الحربية بالقاهرة التي تخرج منها عام 1955م،بعد عودته إلى الوطن في العام 1956م التحق بالكلية الحربية، وعين أركان حربا لها ثم مديرا لمدرسة الأسلحة

قاد حملة للدفاع عن مدينة البيضاء، ثم عين مديرا للكلية الحربية ومدرسة الأسلحة

بعد قيام الثورة و إعلان الجمهورية ؛ عين رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة، ثم وزيرا للحربية، ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء لشئون الاقتصاد والخزانة ووزيرا للزراعة، ثم نائبا لرئيس الجمهورية، ونائبا للقائد الأعلى

فيما رفض نتائج مؤتمر الخرطوم والتي كان منها مشاركة الملكيين في التشكيلة الحكومية فأعتزل السياسة و غادر إلى مصر و بقى فيها حتى توفي

ولقد عرف عن اللواء جزيلان أنه رجل ميدان وصاحب قرار، لا يسعى للأضواء ولا يبحث عن الألقاب

إذ كان من القلائل الذين جمعوا بين حنكة التخطيط وشجاعة التنفيذ

بل لم يكن مجرد ضابط في جيش الإمام، بل كان عينه التي ترى ضعفه، وعقله الذي يخطط لإسقاطه

ولعل أبرز ما يُخلد في سجل هذا البطل أنه صاحب الأمر الأول في الثورة، والذي بموجبه انطلقت ساعة الصفر، معلنة بداية النهاية لحكم الإمامة الرجعي

ويُروى عن الرجل مقولته الشهيرة: لا نجونا إن نجت الهاشمية السياسية، وهي ليست مجرد عبارة، بل موقف حاسم وصرخة وعي ضد الاستبداد المتخفي بثياب الدين والنسب

وطبعا ففي تلك الكلمات تتجلى جرأته الفكرية والسياسية، إذ لم يكن يخشى إعلان خصومته لجوهر الإمامة، بوصفها مشروعا عنصريا إقصائيت لا يمت بصلة لقيم الجمهورية والعدالة

ولقد ظل عبد الله جزيلان وفيا لمبادئ الثورة، متجردا من الأهواء والمنافع، ولم يسعَ يوما لتسويق نفسه كبطل، رغم أنه كان أحد أركان التخطيط والتنفيذ، وربما القائد الفعلي للثورة التي غيرت وجه اليمن المعاصر

وما زالت الوثائق والمذكرات تذكره كمن وضع اللبنة الأولى وحدد التوقيت، وبث الروح في صفوف الضباط الأحرار

لذلك في زمن كثر فيه الادعاء وقل الوفاء، يظل اسم عبد الله جزيلان شامخا، رمزا للفعل النقي والتضحية الخالصة

وتحضر ذكراه في كل سبتمبر، ليس فقط كذكرى فرد، بل كرمز لوطنٍ قرر أن يولد من جديد

ألا فلتحيا روحك السبتمبرية، أيها القائد المغوار

و لتبقى سيرتك نبراسا يضيء دروب الأحرار