فتحي أبو النصر : سلامٌ على فؤاد الحميري... من الأرض حتى السماء

منذ ساعة

فتحي أبو النصر  بقلوب يعتصرها الألم، وعيون يغمرها الدمع، ننعى إلى الشعب اليمني وإلى محبي الكلمة الحرة وأبناء الوطن كافة، رحيل الشاعر والخطيب والمثقف الكبير فؤاد الحميري، الذي اختطفه الموت على حين غفلة، وترك خلفه فراغا لا يملؤه غير الذكرى ووجع الغياب

لقد كان فؤاد الحميري أكثر من مجرد شاعر أو خطيب مفوه، كان روحا تسير على الأرض، مخلصة لفكرتها، متمردة على القبح، باحثة أبدا عن وطن يليق بحلمه الكبير

 خرج ذات صباح، كما يفعل الأنقياء، ليقول للناس: أنا ابنُ مستقبلٍ لا يقبل المساومة، ولو تأجل تحت وطأة الواقع

واليوم، بعد طول تأجيل، رحل فؤاد، وفي قلبه شيء من حتى

وفي ساحات التغيير، كانت خطبه جمعة أخرى، بلغة تقطر شرفا، وإيمانا بقدرة الإنسان على أن يكون حرا وكريما

 آخر خطبة سمعناها منه كانت جمعة نصر من الله وفتح قريب، واتصلت بي قلت لي مبتسما خطبة فتحي أبو النصر !ووكأنه كان يكتب بلسانه آخر وصاياه

كان صوته يهدر بالحقيقة، وكلماته تنساب كما النور، تُسكِتُها فقط قنابل الغضب وبارود الحروب، لا الخوف ولا الخضوع

بل كان فؤاد الحميري رجلا يحترمه المختلف قبل المتفق، رجلا ينتمي للناس، لا لتيارات عابرة، ولا لشعارات فارغة

وإن كان قد صُنّف يوما اخوانيا، فقد كان يمتلك من الأصالة ما يجعل له امتيازا إنسانيا لا يُقارن، بعيدا عن ضجيج السياسة وضجيج من يحملون ضمائر بلاستيكية، لا تنبض إلا لمصالحهم

ويا فؤاد

هل تذكر حين قلت لك يوما إنني مستعدٌ أن اتبرع بكليتي لك فقط، إن تطابقتما؟ كنت لا امزح، لكنك كنت تعنيها ابتسمت في العمق، لأنك ببساطة كنت تؤمن بالعطاء حد الألم

 عموما شكر لك، انت  من رشحتني كنائب لرئيس تحرير جريدة الجمهورية والرئيس الزميل العزيز زكريا الكمالي وأصدر الوزير العمراني القرار تخيلوا أنا اشتراكي وزكريا مؤتمري، بينما رشحنا إصلاحي كما علمت قامت الحرب ولم اتابع القرار

والحال نودعك اليوم، يا ابن ذي رُعين وذي الكلاع الحميري، يا من حملت في شعرك وهج التاريخ، وفي خطابك أمانة الحقيقة

 نودعك على وقع زامل الطفولة: يا البنطلون واحنا اشتحطنا للركب، نضحك باكين، ونبكي ضاحكين، فقد كنت تمزج الوجع بالسخرية، والرصانة بالبساطة

رحمك الله يا فؤاد، وعسى أن تكون ضيفا خفيفا على السماء كما كنت ثقيلا بالحب على قلوبنا

اللهم اجعل مثواه الجنة، وارزق أهله ومحبيه الصبر الجميل

لقد رحل واحدٌ من نخب اليمن، وأعمدة الكلمة، وجنود النور في زمن الظلمة

إنا لله وإنا إليه راجعون

وداعا فؤاد… لن ننسى