فتحي أبو النصر : سنموت… فتسامحوا: بين الخير والشر، يولد الإنسان
منذ 2 ساعات
فتحي أبو النصر سنموت، تسامحوا
ليست مجرد عبارة عابرة، بل ومضة وعي، تذكير مفاجئ وصادق بضعفنا الإنساني وهشاشتنا أمام الزمن والمصير
فيما تأتي هذه الكلمات كصفعة رقيقة توقظ أرواحنا الغارقة في تفاصيل الحياة اليومية، في الأحقاد الصغيرة، والخصومات التافهة، والأنانية المتنكرة على هيئة مواقف مبدئية
طبعا نحن جميعا على قارب واحد في نهر لا يعود، يسير بنا نحو مصير محتوم
والموت، ذلك القاطع العادل، لا يميز بين صالح وطالح، بين غني وفقير، بين من ظن نفسه على صواب ومن ضل الطريق
فلماذا لا نسامح؟ لماذا نحمل أثقال الكراهية بينما العمر لا يكفي حتى للحب؟وفي العمق، كلنا أخيار… وكلنا أشرار
هذه هي الحقيقة التي يخشاها كثيرون
اذ لا أحد يولد نقيا تماما أو مظلما بالكامل
أي في داخل كل إنسان بذرة نور وبذرة ظلام
وما نفعله، وما نختار أن نكونه، هو ما يرجح إحدى الكفتين
لكن حتى في أكثر لحظاتنا ظلمة، يبقى هناك ضوء صغير يمكن أن يُغذى ليكبر
مثلا الشر لا يأتي دائما من نية مبيتة، بل من جراح لم تندمل، من تجارب شوهت الفطرة، ومن خوف مزمن تنكر في هيئة قسوة
وكذلك الخير، لا يعني المثالية، بل القدرة على الاعتراف، على التراجع، على التغيير
أي أن تسامح لا يعني أن تنسى الإساءة، بل أن تحرر قلبك منها
والمسامحة، إذا، ليست ضعفا
هي قمة القوة
أن تسامح من جرحك يعني أنك تخليت عن رغبته في الانتقام لصالح راحة داخلك
أي أنك قررت أن تواصل الحياة بلا سلاسل
وأنك فهمت شيئا جوهريا: كلنا بشر، وكلنا نخطئ
و لاشك قد نبدو مختلفين في المظهر، في الأيديولوجيات، في المعتقدات، لكننا نتشابه أكثر مما نتصور
نبكي بالطريقة ذاتها، نتألم بذات العمق، ونخاف من الموت بالطريقة نفسها
وهذا الخوف، حين نعيه بصدق، قد يصبح مفتاحا للرحمة
وعليه فلنمسك بأيدي بعضنا، لا لأننا ملائكة، بل لأننا بشر نحاول
ولأننا نعلم أن النهاية قريبة، وربما يكون الغد متأخرا جدا لقول كلمة أنا آسف أو أنا سامحتك
لكن، سيمر كل شيء… ويبقى فقط ما تركناه في القلوب من أثر
فلتكن مسامحتك اليوم وصيتك الغير مكتوبة
!أقول هذا لأنني… لأني أُلقي تلويحة أخيرة إليكم، لا يأسا، بل محبة
ولأنني أشعر بثقل النهاية يقترب، وأتمنى أن تبقوا بخير بعدي
اغفروا لي زلاتي، وتذكروني بود، لا بضعفي
فما الحياة إلا لحظة، وما نحن إلا ذكريات عابرة… فلتكن طيبة
!