فرص تعزيز الاقتصاد الرقمي في اليمن

منذ 4 ساعات

عدن- فاطمة العنسيفي عالم يتسارع فيه إيقاع التكنولوجيا وتتشابك فيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع تفاصيل حياتنا اليومية، لم تعد التجارة الإلكترونية أو الأدوات الرقمية رفاهية يمكن تأجيلها، بل أصبحت ضرورةً اقتصادية تسعى إليها المجتمعات لتعويض غياب البنى التقليدية ومواجهة صعوبات المعيشة

 وفي اليمن، حيث تتقاطع الأزمات المتعددة مع طموحات الشباب، بدأت تظهر مبادرات رقمية بسيطة، لكنها تحمل آفاقًا واعدة أمام روّاد الأعمال والاقتصاد الوطني

تفيد مالكة مشروع “وجبة عصيد ومرق”، أنها بدأت باستخدام أدوات بسيطة مثل الردود التلقائية في تطبيقات التواصل الاجتماعي، مؤكدةً أنها تتجه حاليًا لتوسيع اعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في إدارة الطلبات والتسويق الإلكتروني

وتوضح مالكة المشروع، تهاني النقيب،

من محافظة تعز لـ”المشاهد” أن أبرز التطبيقات التي تعتمد عليها هي المحادثات الآلية (Chatbots) لخدمة العملاء، والتي تتيح الرد الفوري على استفسارات الزبائن حول الأسعار وأوقات التوصيل والعروض

وتتابع: كما تساعدها برامج الذكاء الاصطناعي على تحليل المبيعات ومعرفة الوجبات الأكثر طلبًا والأيام ذات الإقبال المرتفع، إضافةً إلى توقع كميات المكونات لتقليل الهدر

وتشير إلى أن هذه الأدوات تسهم في تسريع التواصل مع العملاء، وصياغة محتوى تسويقي جذاب، واقتراح أفكار لعروض موسمية وأساليب جديدة لعرض المنتجات

وتختتم حديثها لـ”المشاهد: “تمنح البرامج أصحاب المشاريع المنزلية والمتاجر الإلكترونية فرصةً للوصول إلى أسواق أوسع حتى خارج المدن، وتخفف من تكاليف فتح محال تجارية كبيرة، كما ترى أن الذكاء الاصطناعي يعزز دور المرأة والشباب في الاقتصاد عبر مشاريع صغيرة لكنها ذات أثر ملموس”

يُعد الذكاء الاصطناعي اليوم واقعًا عالميًا، ليس فقط في البحوث أو المختبرات، بل في استخدامات عملية مثل روبوتات الدردشة، أدوات التسويق الذكي، وتحليل البيانات ومع ذلك، فإن تطبيق هذه الأدوات في اليمن ما يزال محدودًا بسبب ضعف البنية التحتية وارتفاع تكلفة الإنترنت، بحسب الصحفي المهتم بتقنيات الذكاء الاصطناعي محمد محروس

ويقول محروس في حديثه لـ”المشاهد”: “الذكاء الاصطناعي يحمل فرصًا كبيرة لدعم المشاريع الصغيرة والمتاجر الإلكترونية عبر أتمتة الردود على العملاء، تتبع سلوك المستهلك، ضبط المخزون، وإعداد خطط تسويقية مبتكرة”

محمد محروس، صحفي مهتم بتقنيات الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي يحمل فرصًا كبيرة لدعم المشاريع الصغيرة والمتاجر الإلكترونية عبر أتمتة الردود على العملاء، تتبع سلوك المستهلك، ضبط المخزون، وإعداد خطط تسويقية مبتكرة”

ويضيف أن هذه التقنيات قادرة أيضًا على تطوير محتوى تسويقي احترافي وإعداد عروض ومقترحات، بل والتفاعل بلهجات محلية لتقريب الخدمة من المستخدمين، وهو ما يرفع مستوى الثقة والتواصل

ويرى محروس أن القطاع الزراعي يمثل مجالًا واعدًا آخر، حيث يمكن للتقنيات الحديثة تحسين الإنتاجية ومساعدة المزارعين على مواجهة التحديات المناخية والبيئية، غير أن غياب الدعم المؤسسي وضعف الاستثمار يحولان دون الاستفادة الكاملة من هذه الحلول

ويشير إلى أن معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب قد تتحول إلى فرصة، إذا جرى تدريبهم على مهارات الذكاء الاصطناعي، البرمجة، وإدارة البيانات، وهو ما يفتح مجالات عمل جديدة تدعم الاقتصاد الوطني

الصحفي الاقتصادي وفيق صالح يرى أن لأدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي أثرًا كبيرًا على الاقتصاد الرقمي، فهي تمثل نقلة نوعية في تجربة العملاء، ويقول صالح: “هذه الأدوات قادرة على تحسين خدمة العملاء من خلال تقليل زمن الاستجابة، تخصيص العروض بحسب احتياجات المستهلكين، خفض التكلفة التشغيلية، وزيادة المبيعات عبر اقتراح منتجات إضافية للعملاء”

ويضيف أن التجارة الإلكترونية في اليمن، رغم التحديات المتمثلة في ضعف الخدمات اللوجستية ومحدودية وسائل الدفع الإلكتروني، يمكن أن تكون محركًا مهمًا لفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المحلية مثل العسل اليمني، البن، والحرف اليدوية، خصوصًا في الأسواق الخارجية

ويؤكد أن هذه التحولات ستمكّن الشباب والنساء من إنشاء مشاريع صغيرة عبر الإنترنت دون الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة، وهو ما يسهم في تمكين الفئات الأكثر تضررًا من الوضع الاقتصادي

ويشير صالح أيضًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في خلق فرص عمل غير تقليدية في مجالات مثل التسويق الرقمي، الشحن، خدمات الدفع، والدعم الفني، إضافة إلى تسهيل وصول السلع والخدمات إلى مناطق يصعب تغطيتها عبر القنوات التقليدية

أما فيما يتعلق بدور الذكاء الاصطناعي في تقليل التكاليف التشغيلية، فيوضح أن هذه الأدوات تمكّن من أتمتة عمليات إدارة المخزون والمحاسبة وخدمة العملاء، وهو ما يقلل الحاجة إلى موظفين إضافيين، كما تساعد في تحليل البيانات بدقة لتوجيه الحملات الإعلانية نحو الشرائح الأنسب من العملاء بأقل تكلفة، إلى جانب التوسع الجغرافي عبر المنصات الرقمية لتسويق المنتجات محليًا وخارجيًا

ويقدّم صالح قراءةً استشرافية لمسار الاقتصاد الرقمي في اليمن: على المدى القصير (1-3 سنوات)، يتوقع نموًا بطيئًا لكنه ثابت في التجارة الإلكترونية، مع استمرار الاعتماد على وسائل دفع تقليدية مثل التحويلات المالية أو الدفع عند الاستلام، على المدى المتوسط (3-7 سنوات)، يرى أن تحسن البنية التحتية للإنترنت والخدمات اللوجستية سيتيح توسع السوق الإلكتروني تدريجيًا، خصوصًا إذا دخلت شركات إقليمية للاستثمار

أما على المدى الطويل (7-10 سنوات)، فيعتقد أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل تحليل البيانات، أنظمة الدفع الإلكتروني المؤمنة، وخوارزميات التوصية الذكية، قد يحول التجارة الإلكترونية إلى رافد أساسي للاقتصاد اليمني، ويساعد على اندماجه في الاقتصاد الرقمي الإقليمي والعالمي

على صعيد النظام المالي، دشن البنك المركزي في عدن، في سبتمبر الماضي، ورشة عمل لتطوير البنية التحتية للنظام المالي الرقمي بدعم من الأمم المتحدة والبنك الدولي

المشروع يهدف إلى إدخال أنظمة المدفوعات الرقمية مثل الدفع السريع والتسويات الإجمالية اللحظية، لتعزيز الشفافية والامتثال للقوانين، وزيادة الشمول المالي الذي يعاني منه القطاع بسبب الاعتماد شبه الكامل على النقد الورقي، كما يسعى لتحسين الوصول للخدمات المالية في المناطق المحرومة

دشن البنك المركزي في عدن، في سبتمبر الماضي، ورشة عمل لتطوير البنية التحتية للنظام المالي الرقمي بدعم من الأمم المتحدة والبنك الدولي

المشروع يهدف إلى إدخال أنظمة المدفوعات الرقمية مثل الدفع السريع والتسويات الإجمالية اللحظية، لتعزيز الشفافية والامتثال للقوانين، وزيادة الشمول المالي الذي يعاني منه القطاع بسبب الاعتماد شبه الكامل على النقد الورقي

وفي صنعاء دشنت “وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار” في أغسطس الماضي المرحلة الأولى من مشروع “تحديث البنية التحتية التقنية في الوزارة” التي شملت توزيع 70 جهاز حاسوب

وتقول الوزارة إن المشروع يأتي ضمن خططها للتحول الكامل من “التعامل الورقي” إلى التعامل الرقمي لتقديم جميع خدماتها البالغة 76 خدمة عبر البوابة الإلكترونية وتحسين بيئة الأعمال”

وصل عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن في مطلع 2025 حوالي 7

29 مليون (أقل من 18 في المائة من السكان)، مقابل 55 في المائة من السكان لديهم اتصال هاتف خلوي نشط مع التنويه بأن بعض هذه الاشتراكات لا تشمل الوصول إلى الإنترنت وتقتصر فقط على خدمة المكالمات الصوتية والرسائل النصية، حسب تقرير داتا بورتال عن اليمن للعام الجاري

ووصل عدد السكان في اليمن في يناير 2025 قرابة 41

2 مليون نسمة

ولا يزال اليمن يقبع في مرتبة متدنية في مؤشر جاهزية التجارة الالكترونية الذي يشمل أعداد مستخدمي الإنترنت، امتلاك الأفراد لحسابات بنكية، وتوفر خدمات الشحن البريدي الموثوقة، وفقا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)

في صنعاء دشنت “وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار” في أغسطس الماضي المرحلة الأولى من مشروع “تحديث البنية التحتية التقنية في الوزارة” التي شملت توزيع 70 جهاز حاسوب

وتقول الوزارة إن المشروع يأتي ضمن خططها للتحول الكامل من “التعامل الورقي” إلى التعامل الرقمي لتقديم جميع خدماتها البالغة 76 خدمة عبر البوابة الإلكترونية وتحسين بيئة الأعمال”

ووفقا لتقرير نشره “المشاهد” في مايو الماضي فإن مرتادي منصات الشراء الالكترونية الدولة في اليمن لا يزالون يلجئون إلى بلد وسيط ثالث لشراء المنتجات التي يرغبون وبطرق مكلفة نتيجة استمرار الصراع والقيود الاقتصادية المفروضة على البلاد منذ 2015

من جانبها، ترى سماح عملاق، صحفية متخصصة في الإعلام الرقمي، حاصلة على درجة الماجستير، تناولت في رسالتها “تطوير المحتوى الصحفي من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن هذه التقنيات تُنظر إليها في اليمن كأداة واعدة رغم الصعوبات

 وتقول لـ”المشاهد”: “أكثر التطبيقات القابلة للتنفيذ حاليًا هي روبوتات الدردشة، التحليلات التسويقية، أدوات التصميم، وتخصيص المحتوى والردود الآلية، شريطة توفير بنية تحتية أساسية مثل الكهرباء والإنترنت”

وتؤكد عملاق أن أدوات مثل ChatGPT مفيدة في دعم المشاريع الناشئة عبر توليد الأفكار والمحتوى، لكنها لا يمكن أن تعوض التحليل البشري للسوق المحلي؛ ما يفرض على روّاد الأعمال الجمع بين مهاراتهم الشخصية والاستفادة الذكية من هذه الأدوات

وتشدد على أن بناء اقتصاد رقمي أكثر استدامة يتطلب تبني الحكومة توجهًا رقميًا جادًا، وتوفير بيئة داعمة للإبداع، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع تخرج طلبة الجامعات كمصدر غني للأفكار القابلة للتطبيق

جميع القطاعات الاقتصادية في اليمن –من التجارة الإلكترونية والتعليم إلى الصحة والزراعة– قادرة على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي إذا توفرت الإرادة والدعم المؤسسي

 وبرغم العقبات من ضعف البنية التحتية، انعدام التشريعات، وقلة التدريب، يظل مجال التجارة الإلكترونية وريادة الأعمال الرقمية فرصة واعدة، خاصة مع دخول تقنيات تقلل التكاليف وتفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب

قد يبدو المستقبل غامضًا، لكن قصص النجاح الصغيرة التي تتشكل اليوم –سواء في المتاجر الإلكترونية أو المبادرات الشبابية– يمكن أن تتحول إلى بذور لاقتصاد رقمي يمني أكثر قوةً ومرونة، قادر على مواكبة التحولات العالمية وتلبية احتياجات السوق المحلية

سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير