في حوار مع "الثورة نت".. السفير الكوري: علاقاتنا باليمن تاريخية متجذرة وسنحتفل هذا العام بذكراها الأربعين
منذ يوم
أكّد سفير جمهورية كوريا لدى الجمهورية اليمنية بونج كاي دو، أن علاقات الصداقة والتعاون بين بلاده واليمن تاريخية متجذرة، مشيرًا إلى استعدادات من الجانبين للاحتفاء بالذكرى الأربعين لهذه العلاقة الدبلوماسية منذ العام ١٩٨٥
وتحدث السفير بونج كاي دو، في مقابلة خاصة مع الثورة نت عن تاريخ الصداقة بين اليمن وكوريا، وتوجهات الجمهورية الكورية لدعم اليمن ضمن مجموعة أصدقاء اليمن والمبادرات الدولية الأخرى
وفي السياق، أشار إلى أن بلاده باعتبارها عضوًا مسؤولًا في المجتمع الدولي، وعضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2024-2025، ستلعب دورًا مسؤولًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في اليمن
كما تحدث عن أهم المجالات التنموية التي تركز عليها حكومة بلاده لدعم إعادة إعمار اليمن، وفرص الاستثمار المتاحة أمام رجال الأعمال الكوريين في اليمن حال استعادة الاستقرار
وتطرق الحوار إلى سبل تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي الثنائي بين البلدين، وكيف يمكن لليمن الاستفادة من خبرات كوريا في مكافحة الفقر وتنمية الريف، وعملية إعادة الإعمار، بالإضافة إلى برامج التدريب والتعليم في بناء قدرات الكوادر اليمنية
وفي ختام الحوار، وجه السفير الكوري رسالة إلى الشعب اليمني بشأن الشراكة المستقبلية
نص الحوار:• أهلًا وسهلًا بك سعادة السفير بونج كاي دو، كيف حالك؟ هل من الممكن أن تعطينا نبذة عنك؟أنا سعيد جدًا بهذا اللقاء، ويشرفني أيضًا أن ألتقي الشعب اليمني من خلال هذا البرنامج
حاليًا أعمل سفيرًا لجمهورية كوريا لدى الجمهورية اليمنية منذ عام ٢٠٢٣، فأنا متخصص في العمل الدبلوماسي، وقد بدأت مسيرتي الدبلوماسية منذ عام ١٩٩٤
من ناحية جغرافية، يركز عملي حاليًا على منطقة الشرق الأوسط منذ عام ٢٠١٠
وقبل ذلك كان تركيزي على جنوب شرق آسيا
وقبل مجيئي إلى هنا، عملت سفيرًا لجمهورية زيمبابوي في أفريقيا، وقد كان لدي شعور حينها بأنني سأعود إلى الشرق الأوسط
• كيف ترون مستوى العلاقات الحالية بين البلدين؟ خاصة في ظل الوضع الحالي لليمن؟إن علاقات الصداقة والتعاون بين جمهورية كوريا والجمهورية اليمنية، علاقات تاريخية متجذرة، بدأت منذ عام ١٩٨٥، مرتبطة بالكثير من المصالح المشتركة
وسوف نحتفل هذا العام ٢٠٢٥ بالذكرى الأربعين لعلاقتنا الدبلوماسية
وبالمناسبة، أخبرني شخص ما أن الوقت غير مناسب للاحتفال بهذه الذكرى الأربعينية بسبب الأزمة في اليمن
ومع ذلك قررنا عقد ندوة بالاشتراك مع وزارة الخارجية اليمنية للاحتفال بالذكرى الدبلوماسية الأربعينية في ٢١ أغسطس
فأنا أعتقد أن المستقبل يجب أن يكون نصب أعيننا، حتى في أصعب الأوقات
فمثلًا، نحن في كوريا أجرينا الانتخابات الرئاسية والمحلية في عام 1952، رغم صعوبة الظروف في أعقاب الحرب الكورية، لأننا كنا ننظر إلى المستقبل
المهم، نعود إلى مناسبة الذكرى الأربعينية، حيث تلقت سفارتي العديد من رسائل التهنئة من عدن وتعز والمكلا وسيئون، من قيادات نسائية، وطلاب ابتدائية، وناشطات في البرامج الميدانية
إنني أشعر بتطلعهم القوي إلى مستقبل مشرق لعلاقاتنا الثنائية، وبهذه المناسبة، أشكر الجميع
• ما أهم المجالات التنموية التي تركز عليها الحكومة الكورية لدعم إعادة إعمار اليمن واستقرار اقتصاده؟ وما هي فرص الاستثمار المتاحة أمام رجال الأعمال الكوريين في اليمن حال استعادة الاستقرار؟ وهل هناك مجالات محددة ينظر إليها كفرص واعدة؟ وهل هناك مشاريع جديدة أو خطوات لتعميق التعاون الاقتصادي، خاصة في قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات؟نعم، أريد أن أخبرك بكل وضوح أن اليمن كانت أول دولة تحقق حلم الكوريين الذين عانوا من سلسلة من الصدمات النفطية
ففي كوريا، كان الحلم الطويل الأمد هو التحول من دولة فقيرة في مجال الطاقة إلى دولة منتجة للنفط
في عام 1984، عندما كنت طالبا في المدرسة الثانوية، كانت بلادي وكل الشعب الكوري مسرورين غاية السرور عندما سمعوا أن شركة كورية ساهمت بنجاح في استكشاف حقل النفط في مأرب في اليمن
وأعتقد أن هذه الحادثة كانت بمثابة دفعة مهمة أدت إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا في عام 1985
وفضلًا عن الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها اليمن من الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والغاز، يمكنني أن أذكر مجالين: صناعة تجهيز المنتجات السمكية، والطاقة المتجددة
يتمتع اليمن بساحل طويل يمتد لأكثر من ٢٠٠٠ كيلومتر، وموارد بحرية غنية، مما يوفر إمكانات كبيرة للنمو في السوقين المحلي والدولي
ومن خلال الإدارة المستدامة والاستثمارات الاستراتيجية، يمكن أن يساهم ذلك في تعافي اليمن وتحقيق الأمن الغذائي
تشير البيانات الدولية إلى أن اليمن لديها إمكانات كبيرة في تطوير الطاقة الشمسية، فهي من بين البلدان التي تتمتع بأعلى مستويات الإشعاع الشمسي
أعلم أن العديد من المدن، بما فيها عدن، تواجه أزمات كبيرة، خصوصًا في مجال الكهرباء
وقد شارك البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبعض الدول الشريكة، بفاعلية في مشاريع الطاقة الشمسية في اليمن
ويطيب لي أن أخبرك أن كوريا دعمت بالتعاون مع الحكومة اليمنية معمل الطاقة المتجددة في مراكز التدريب المهني في المكلا وتعز وعدن في العامين 2023-2024
وكما قلت لك، علاقاتنا بدأت بالتعاون في مجال الطاقة
منذ عام 2008، قمنا باستيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي من اليمن
وَقَبْلَ الصِّرَاعِ الحَاصِل الآن فِي الْيَمَنِ، بَلَغَ حَجْمُ تِجَارَتِنَا الثُّنَائِيَّةِ ٢٫٧ مِلْيَارِ دُولَارٍ فِي عَامِ ٢٠١٤
في ذلك الوقت، كانت كوريا تستورد أكثر من ٩٪ من إجمالي استهلاكها من الغاز الطبيعي من اليمن
لقد شاركت شركات كورية في مشروع الغاز الطبيعي المسال اليمني، المعروف بأنه أكبر مشروع صناعي في اليمن
ونأمل أن يعود هذا المشروع إلى العمل بسرعة عندما يستقر الوضع في اليمن
كما يمكننا في ذلك الوقت مناقشة كيفية تعزيز تعاوننا في مجالات الصحة وتكنولوجيا المعلومات
• في ظل اهتمام اليمنيين المتزايد بالثقافة الكورية (كالدراما والـK-POP)، كيف يمكن تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي الثنائي بين البلدين؟هذا الاهتمام هو بمثابة ترحيب يؤكد على أن الدراما الكورية والـK-POP سبب لنشر النوايا الحسنة بين شعبينا، وتعزيز العلاقات الودية بين المجتمعين
أعتقد أن الثقافة الديناميكية اليمنية قادرة على استيعاب الثقافات الأخرى بسهولة، وخلق نسختها المتقدمة
في الآونة الأخيرة، حضرت حفل زفاف يمني، وعندما شاهدت العرض الراقص، وجدت تشابهًا فريدًا مع الرقص الكوري
كلا الرقصتين ديناميكيتان
أنا فخور بأن الجيل الكوري الشاب لديه توجه ديناميكي تجاه العالم من خلال منافسات الـK-POP، والرياضات الإلكترونية
وما دام الشباب اليمني يحب هذه الديناميكية الثقافية المشتركة بين البلدين، فإنه سيلعب دورًا كبيرًا في تعزيز شعبيتها وانتشارها
وفي كوريا، هناك العديد من الطلاب الكوريين يُقبلون على تعلم اللغة العربية، لذا أعتقد أن جيل المستقبل سيكون هو الرائد في تعزيز أواصر الصداقة بين شعبينا
• كيف يمكن لليمن أن يستفيد من خبرات كوريا في مكافحة الفقر وتنمية الريف (مثل تجربة «سَيْماول»)، في عملية إعادة الإعمار اليمنية؟ ما دور برامج التدريب والتعليم التي تقدمها كوريا (مثل منح الكويكا) في بناء قدرات الكوادر اليمنية؟ وهل هناك خطط لتوسيع هذه البرامج؟أود أن أتحدث عن نموذج حركة القرية الجديدة، والمعروفة أيضًا باسم Saemaul Undong، وهي مبادرة كورية جنوبية أُطلقت في سبعينيات القرن العشرين
كانت الحكومة الكورية هي من دعت إلى هذه المبادرة للتخفيف من حدة الفقر، ولكن أبناء المجتمع هم من قادوا هذه الحركة، انطلاقًا من شعار: بإمكاننا تحقيق ذلك
لقد شاركت الحكومة الكورية تجربتها مع دول نامية أخرى، وأصبحت نموذجًا يُقتدى به في التنمية الريفية على نطاق عالمي
عندما كنت في أفريقيا، شهدت نسخة أفريقية من برنامج سايماول أوندونغ، وقد أبهرني كيف استفاد المزارعون
وأعتقد أن هذا النموذج يمكن أن يكون أيضًا نموذجًا للتنمية المجتمعية، وسيتم تطبيقه أيضًا في عملية إعادة الإعمار في اليمن
قدمت الحكومة الكورية مؤخرًا برامج تدريبية متنوعة لليمنيين الذين يعملون في القطاع العام، وذلك من خلال وكالة التعاون الإنمائي الكورية (KOICA)
وتشمل هذه البرامج بناء القدرات في مجالات: إدارة الموانئ، وإدارة الوقود، والسلامة من الحرائق، وسيادة القانون، والرقابة الحكومية، والقيادة النسائية
وأعتقد أن هناك إمكانيات كثيرة لتوسيع هذه البرامج التدريبية في عملية إعادة إعمار اليمن، وستبذل سفارتي قصارى جهدها لتوسيع هذه البرامج
• بالنظر إلى تاريخ الصداقة بين بلدينا، ما الذي تطمح كوريا إلى تحقيقه في دعم اليمن ضمن «مجموعة أصدقاء اليمن» والمبادرات الدولية الأخرى؟باعتبار كوريا عضوًا مسؤولًا في المجتمع الدولي، وعضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2024-2025، سوف نلعب دورًا مسؤولًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في اليمن
بصفة كوريا الجنوبية الرئيس الحالي للجنة العقوبات بشأن اليمن، فإنها مهتمة وحرِيصة على تنفيذ آلية حظر إدخال الأسلحة في اليمن
وأُود أن أُؤكد دعم كوريا الكامل لكل الحلول السياسية التي يُتوصَّل إليها تحت رعاية الأمم المتحدة
وبالمناسبة، أود أن أُعرب عن تقديري للحكومة اليمنية التي تدعم موقفنا بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي
تُقدم كوريا الجنوبية مساعدات إنسانية لليمن بقيمة 20 مليون دولار سنويًا، من ضمنها الدعم بأكثر من 20 ألف طن من الأرز، وسوف نستمر في هذا الدعم
وبالتعاون مع المنظمات الدولية، دعمت كوريا مشاريع التنمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، في مجال تدريب القيادات النسائية، ودعم إعادة التأهيل، وإدارة المياه
وسنقوم أيضًا بدعم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) في مشروع إدارة المياه
• أخيرًا، ما رسالتكم في هذا الحوار للشعب اليمني بشأن الشراكة المستقبلية التي تتطلعون إلى بنائها مع كوريا الجنوبية؟هناك مثل عربي يقول: أول الغيث قطرة، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة
وهذه العلاقات الودية بين البلدين، مثلها مثل العلاقات الشخصية، ينبغي علينا الحفاظ عليها
من المعلوم أن التجار العرب هم أول من نشروا اسم كوريا، الاسم الأصلي لكوريا، في جميع أرجاء العالم، في القرن العاشر، ومن المحتمل أن يكون ذلك عندما بدأ شعب كوريا واليمن تبادلاتهم
ومن الجدير ذكره أن اليمن كانت أول دولة تحقق فيها شركة كورية نجاحًا في استكشاف حقول النفط في مأرب في عام ١٩٨٤
إنه تحقيق لحلم كوريا بأن تصبح دولة منتجة للنفط
اليمن يعاني من آلام الانقسام، مثله مثل كوريا، لذا يتوجب علينا جميعًا أن نجد حلولًا سياسية في هذه المرحلة بالاستفادة من خبرات بعضنا البعض
كما يقول المثل العربي: ما خاب من استشار
أعتقد أن لدى الجانبين إمكانات هائلة لمستقبل أكثر إشراقًا