كسر التقاليد: سهى تعمل سائقة حافلة في مدينة عدن

منذ 7 أشهر

عدن- ماجد الطياربعد أن تخرجت سهى الأشعري من الثانوية العامة بمعدل 91%، كانت حريصة على الالتحاق بالجامعة

لكن ذلك  لم يكن يسيرًا نظرًا لظروفها المادية

وبعد أيام من التفكير، قررت أن تسلك طريقًا مختلفًا

منذ عام، تنهض سهى، 25 عامًا، في الصباح كل يوم، وتستعد لرحلة جديدة من العمل في مدينة عدن

تصعد إلى الحافلة، وتشغّلها، ثم تنتظر بضع دقائق، وتنطلق

تعمل سهى كسائقة حافلة في مدينة درار سعد في عدن، جنوب اليمن

تجد النساء في اليمن صعوبة كبيرة في الالتحاق بالعديد من المهن التي يعمل فيها الرجال، ويفضلن تجنب العمل فيها، خوفًا من الانتقاد، وتماشيًا مع العادات والتقاليد

لكن سهى قررت أن تعمل كسائقة حافلة، دون أن تشعر بالخوف من التعليقات السلبية أو سخرية المجتمع

في حديثها لـ “المشاهد”، تقول سهى: “: “اخترت أن أعمل كسائقة حافلة لأني وجدت أن هذا العمل كان الخيار الوحيد المتاح لي

قد يبدو عمل المرأة في هذا المجال غريبًا أو غير مألوف للمرأة في مجتمعنا، لكنني اخترت هذه المهنة بدافع البحث عن لقمة العيش

كنت أفكر في فتح مشروع صغير، مثل صالة رياضية، أو بوفية في مدرسة، إلا أن التكاليف كانت باهظة، ولم أتمكن من توفير المبلغ اللازم

”تشير تقارير البنك الدولي إلى أن اليمن شهد انخفاضاً بنسبة 54% في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ما بين عامي 2015 و2023، حيث أضحى أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، ويؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان

ومع استمرار الأزمة اقتصادية في اليمن منذ اندلاع الحرب في العام 2015، تتعرض النساء اليمنيات لتحديات إضافية تتمثل في ارتفاع نسبة العنف ضدهنّ، ويعد عدم التوظيف، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، من العوامل التي تعمق معاناة النساء

التشجيع والسخريةتتعامل سهى مع الكثير من الأشخاص كل يوم، نظرًا لطبيعة عملها، وتلاحظ ردود أفعال مختلفة

البعض يشجعها، ويثني عليها كونها تعمل من أجل الاعتماد على نفسها ودعم أسرتها، وآخرون ينظرون إليها باستغراب، ويعترون عملها في هذه المهنة “غير لائق”

تقول سهى لـ “المشاهد”: “لقد بدأت هذا العمل منذ سنة، وخلال الأشهر الماضية، كان بعض الركاب الذين يصعدون إلى الحافلة لطيفين ومهذبين

وكانوا يقولون لي كلمات طيبة ومشجعة، ما جعلني أشعر بالنجاح في عملي

”واجهت سهى انتقادات لاذعة من بعض الأشخاص الذين يرون أن العمل في هذا المجال مخالف للعادات والتقاليد

توضح: “أكبر التحديات التي واجهتها كانت نظرات الاستغراب والتنمر

لكني تغلبت عليها بالثقة واللامبالاة

لم أسمح لتلك التعليقات السلبية أن تؤثر عليّ، وكنت أركز على عملي، وأمضي قدمًا”

تقول سهى: “كنت أعلم أن العمل في هذا المجال لن يكون سهلاً، لكنني كنت عازمة على النجاح

لم أكن أريد أن أكون ضحية للظروف، بل أردت أن أكون مثالًا للمرأة القوية التي تستطيع التغلب على التحديات

”لم تستسلم، واستمرت في عملها وأثبتت للجميع أن المرأة قادرة على العمل في العديد من المجالات التي يرى المجتمع اليمني أن النساء لا يستطعن العمل فيها

 تتابع سهى: “كنت مصممة على النجاح

لم أكن أريد أن أكون ضحية للظروف، بل أردت أن أكون مثالًا للمرأة التي تستطيع التغلب على التحديات

”الاستقلال الماديتؤكد أن عملها سهى كسائقة حافلة ساعدها على تحقيق الاستقلال المالي، ما عزز من ثقتها بنفسها ومنحها القدرة على توفير متطلبات المعيشة

تضيف: “الاستقلال المالي كان هدفي الأول، وعندما بدأت العمل، شعرت أنه من الممكن تحقيق هذا الهدف

”اليوم، تستطيع سهى شراء المتطلبات المعيشية التي تحتاجها أسرتها، ولا تنتظر المساعدة من أي شخص

وتشير إلى أن هذه التجربة أثرت على حياتها الشخصية وعلاقاتها مع العائلة والأصدقاء، وزادت من ثقتها بنفسها، بفضل التشجيع الذي وجدته من العائلة والأصدقاء

توجه سهى رسالة إلى المجتمع اليمني، وتقول: انطروا إلى المرأة التي تخرج إلى العمل كالأخت أو الأم، وكونوا لها السند حتى تستطيع أن تعتمد على نفسها، وتكون أصعب من أن يستغل أي شخص حاجتها

”تختم سهى كلامها برسالة إلى النساء، وتقول: “اعملن بجد، ولا تسمحن للظروف والتقاليد أن تمنعكن من العمل

اعملوا بجد واكسبوا لقمة عيشكم

”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير