كلية الطب في سيئون: تحقيق طموحات الطلاب وخدمة المجتمع
منذ 2 أشهر
سيئون-عبد الله قاسمفي عام 2001، أنهت نبيلة، في منطقة وادي حضرموت، دراستها الثانوية بتفوق، وكانت تطمح هي وعائلتها بأن تلتحق بكلية الطب لتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة
إلا أن ذلك الحلم تلاشى بسبب الظروف المادية التي حالت دون سفرها إلى مدينة المكلا، أقرب مكان يتيح دراسة الطب لسكان وادي حضرموت
ونتيجة لذلك، اضطرت نبيلة إلى الالتحاق بكلية التربية
حالة نبيلة ليست فريدة؛ فهناك العديد من الشباب والشابات الذين أُجبروا، بسبب عدم توفر التخصصات المناسبة في منطقتهم، إما على الانقطاع عن التعليم العالي أو اختيار تخصصات لا تتوافق مع رغباتهم وطموحاتهم
ولهذا السبب، برزت الحاجة الملحة لتأسيس جامعة في وادي حضرموت، بالنظر إلى المساحة الشاسعة للمنطقة والكثافة السكانية الكبيرة التي تتطلب توفير فرص تعليمية محلية تلبي احتياجات المجتمع
كان يتخرج الآلاف من طلاب وطالبات الثانوية العامة من مختلف مناطق الوادي الكبير، وكان الكثير منهم يحلمون بمواصلة دراساتهم الجامعية في كليات الطب، والعلوم، والآداب
لكن لم تكن هذه التخصصات متوفرة في الكليات الثلاث التابعة لجامعة حضرموت في الوادي (التربية، كلية البنات، والعلوم التطبيقية)
ونتيجة لذلك، يُجبر هؤلاء الشباب على مواجهة خيارين قاسيين: إما اختيار تخصص لا يتوافق مع رغباتهم وطموحاتهم، أو التوقف عن استكمال تعليمهم الجامعي، وهما خياران يحملان مرارة يصعب تحملها
علي ناصر، خريج ثانوية في وادي حضرموت، اضطر إلى ترك الدراسة الجامعية لعدم توفر التخصص الذي يحلم به، وعجزه عن السفر لأسباب شخصية
هذا القرار ترك في نفسه حسرة عميقة لم يتمكن مرور السنين من محوها، ليبقى مثالًا حيًا على المعاناة التي يعيشها الكثير من طلاب الوادي بسبب نقص الخيارات التعليمية المناسبة
كان يتخرج الآلاف من طلاب وطالبات الثانوية العامة من مختلف مناطق الوادي بحضرموت، وكان الكثير منهم يحلمون بمواصلة دراساتهم الجامعية في كليات الطب، والعلوم، والآداب
لكن لم تكن هذه التخصصات متوفرة في جامعات قريبة منهم
منذ عام 2013 إلى2017، اتجه الكثير من خريجي الثانوية العامة في سيئون، ممن حصلوا على معدلات مرتفعة، إلى الالتحاق بأقسام الطب البشري في جامعات حضرموت، وعدن، وصنعاء، وتعز
هذا الخيار لم يكن متاحًا لجميع الطلاب المتفوقين، فهناك من يملك الرغبة والقدرة الذهنية، إلا أن الظروف المادية كانت عائقًا يحول دون تحقيق طموحاتهم
وعلى الرغم من شغف الإناث بالتعليم وحاجة المجتمع الماسة إلى طبيبات مؤهلات، إلا أن العوائق الاجتماعية والمادية كانت أكثر تعقيدًا
فالمجتمع الحضرمي بطبيعته محافظ، وغالبًا ما تُقيّد حرية الفتيات في السفر للدراسة خارج المنطقة، إلا بوجود محرم، وهو ما يضيف أعباء مادية كبيرة قد لا تتحملها الأسر
ونتيجة لذلك، حُرمت الكثير من الفتيات من استكمال تعليمهن العالي في التخصصات التي يرغبن بها، مما أسهم في زيادة فجوة التعليم بين الجنسين في بعض التخصصات العلمية
وفي هذا السياق، عبّر علي سعيد، أحد أولياء الأمور، عن أهمية هذا القرار، قائلًا: “إن إنشاء جامعة سيئون جاء تلبية لاحتياجات الطلاب للتعليم، ويجسد طموحاتهم، مما يعود بالنفع الكبير على المجتمع ككل
”قرار إنشاء الجامعةجاء قرار إنشاء جامعة سيئون في عام 2017 بعد مطالبات حثيثة وجهود مستمرة استمرت لسنوات، استجابة لاحتياجات منطقة وادي حضرموت التي تتمتع بكثافة سكانية عالية ومساحة جغرافية شاسعة
هذه العوامل كانت كافية لتبرير إنشاء جامعة تقدم تخصصات نوعية ومتنوعة، تغني الطلاب عن مشقة السفر إلى مركز المحافظة أو المحافظات الأخرى بحثًا عن تخصصات غير متوفرة
وفي هذا السياق، عبّر علي سعيد، أحد أولياء الأمور، عن أهمية هذا القرار، قائلًا: “إن إنشاء جامعة سيئون جاء تلبية لاحتياجات الطلاب للتعليم، ويجسد طموحاتهم، مما يعود بالنفع الكبير على المجتمع ككل
”حاليًا، تضم الجامعة عشر كليات وخمسة مراكز تعليمية، تم تأسيسها وسط ظروف البلاد الصعبة والمتفاقمة يومًا بعد يوم
في حديث لـ “المشاهد”، يؤكد الأستاذ الدكتور محمد عاشور الكثيري، رئيس جامعة سيئون، أن الجامعة تسعى لمواكبة التطورات العلمية واحتياجات المجتمع من خلال استحداث تخصصات نوعية، وتم استحداث كليات وتخصصات جديدة، مثل التربية الخاصة الذي يهتم بالفئات المجتمعية الخاصة، وهي خدمة تبين رغبة الجامعة في خدمة كل الفئات، إضافة إلى تخصص المالية والمصرفية بكلية العلوم الإدارية، وتخصص أمن المعلومات، وتقنية المعلومات، والتربية البدنية والرياضية
يقول الكثيري: “في كل عام، يتقدم المئات من الطلاب لامتحان المفاضلة من أجل دراسة هذا التخصص، ولا تزال الجامعة تعاني من ضائقة مكانية في بعض الكليات
”تحديات مستمرةمنذ التأسيس لم تغفل جامعة سيئون عن توفير تخصص الطب البشري، إذ سارعت إلى افتتاح كلية الطب والعلوم الصحية من أجل إعطاء الفرصة للراغبين بدراسة هذا التخصص
وعن هذه الخطوة الجريئة يقول الكثيري: “مثَّل افتتاح كلية الطب خطوة شجاعة أعطت فرصة للشابات لدراسة الطب، حيث أن الدفعة الأولى في العام الأخير الآن، وهذا بفضل الله وإصرار السلطة المحلية والمساندة التي قدمها القطاع الطبي ومنتسبيه لهذه الكلية
”يضيف: “في كل عام، يتقدم المئات من الطلاب لامتحان المفاضلة من أجل دراسة هذا التخصص، ولا تزال الجامعة تعاني من ضائقة مكانية في بعض الكليات وبعض مبانيها الإدارية مستأجرة، و أكبر تحدي خاضته الجامعة هو صمود منتسبيها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة
”الطالب سامي خالد يشير إلى أن افتتاح كلية الطب والعلوم الصحية كان من أعظم الإنجازات في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أنها وفرت على الطلاب عناء السفر والبحث عن تخصصات طبية خارج المنطقة
حافز للطلابيرى طلاب جامعة سيؤن أن هذه المؤسسة الأكاديمية تُقدّم تجربة تعليمية مميزة على الرغم من عمرها القصير
الطالب مازن علي عبّر عن ارتياحه لما تقدمه الجامعة من تأهيل أكاديمي عالٍ يعتقد أنه سيسهم في اكتساب خبرات واسعة تضاهي ما تقدمه كليات أخرى ذات تاريخ طويل
الطالب سامي خالد يشير إلى أن افتتاح كلية الطب والعلوم الصحية كان من أعظم الإنجازات في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أنها وفرت على الطلاب عناء السفر والبحث عن تخصصات طبية خارج المنطقة
ويرى الطالب منير صالح أن وجود كلية الطب وتخصصات أخرى فريدة في جامعة سيئون يشكل حافزًا كبيرًا لطلاب الثانوية العامة لبذل المزيد من الجهد والتنافس للحصول على مقاعد دراسية في التخصصات التي يحلمون بها
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير