كيفية تأمين البحر الأحمر؟
منذ 4 ساعات
بقلم: بريدجيت تومي وإريك نافارو- خلال كلمته أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي، دعا الرئيس اليمني رشاد العليمي إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة الحوثيين، مشيراً في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ضرورة تكاتف الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة إلى اليمن
ويمكن أن تكون مبادرة متعددة الأطراف لمواجهة تهريب الأسلحة الحوثية نقطة انطلاق مهمة لتحقيق هذا الهدف، ولحسن الحظ، تم الإعلان مؤخراً عن واحدة من هذه المبادرات التي ينبغي على الولايات المتحدة دعمها
في 16 سبتمبر، أطلقت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية مبادرة الشراكة البحرية لأمن اليمن (YMSP)، والتي تهدف إلى تطوير قدرات خفر السواحل اليمني ودعمه في حماية التجارة البحرية، ومكافحة التهريب، ومحاربة القرصنة قبالة السواحل اليمنية
حضر مؤتمر إطلاق المبادرة ممثلون عن 30 دولة وخمس منظمات دولية، من بينها الولايات المتحدة، وتلقّت المبادرة تعهدات مالية أولية بملايين الدولارات، حيث تعهدت بريطانيا والسعودية بتقديم 4 ملايين دولار لكل منهما، إلى جانب مليوني يورو من الاتحاد الأوروبي
سبق للمملكة المتحدة أن نفذت جهوداً كبيرة لدعم خفر السواحل اليمني، كما ساهمت السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة وعدة دول أخرى في هذا المجال خلال السنوات الماضية
ومع ذلك، يؤكد اللواء خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمني، أن القوة ما زالت تفتقر إلى الموارد الكافية للقيام بمهامها بشكل فعال
ويُتوقع أن تبني المبادرة الجديدة على الجهود السابقة لتطوير قدرات مكافحة التهريب والقرصنة المحلية في اليمن
ولسد هذا العجز، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعزّز دعمها المالي والعسكري واللوجستي لمبادرة YMSP بقيادة بريطانيا والسعودية
من الناحية المالية، فإن هذا الدعم لن يكون مكلفاً نسبياً مقارنة بحجم الميزانية العسكرية الأمريكية السنوية، لكنه قد يُحدث أثراً كبيراً في تعزيز قدرات خفر السواحل اليمني
كما يمكن لتزويد اليمن بأسلحة أكثر تطوراً أو أنظمة استشعار متقدمة أن يساهم في توسيع نطاق العمليات البحرية، وتحسين قدرات التنسيق مع قوات التحالف، وزيادة الفعالية في مواجهة الحوثيين
أما من الناحية العسكرية، فيمكن للولايات المتحدة تنظيم برامج تعاون أمني ميداني تهدف إلى رفع مستوى التدريب والتأهيل لقوات خفر السواحل اليمني
والأهم من ذلك، يمكنها تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي، ما يساعد على تحسين دقة الاستهداف وتمكين القوات اليمنية من تنفيذ عمليات متواصلة وأكثر فاعلية
وتتماشى المشاركة الأمريكية في مبادرة YMSP مع سياسة إدارة ترامب الهادفة إلى تحقيق أعلى عائد سياسي وأمني من خلال جهود منخفضة التكلفة، مع إسناد الدور القيادي للقوات المحلية وتقليل المخاطر على الجنود الأمريكيين
كما تسهم المبادرة في تعزيز الجهود الغربية لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، الذي يُعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية
ومن أهم الجوانب في هذه المبادرة إمكانيتها تعزيز قدرات مكافحة التهريب في وقت حرج يشهده البحر الأحمر
فبعد ما يقرب من عامين من الهجمات على إسرائيل والسفن التجارية، لا يبدو أن الحوثيين قد تعبوا من القتال
فقد صمدوا أمام أكثر من ألف غارة أمريكية خلال عملية الفارس الخشن (Operation Rough Rider)، ولا يزالون يتعرضون لغارات إسرائيلية متكررة تستهدف مخازن أسلحتهم ومراكز قيادتهم
إن تحسين قدرات اعتراض الأسلحة من شأنه أن يساعد الولايات المتحدة وحلفاءها على إعاقة جهود إيران لإعادة تسليح الحوثيين والحد من قدرتهم على مواصلة الحرب
ولتعزيز فاعلية هذه الجهود، ينبغي على مبادرة YMSP أن تتجاوز دعم خفر السواحل اليمني فقط، وأن تشمل أيضاً قوات المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على ساحل البحر الأحمر، والتي أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات التهريب الحوثية
وقد تمكنت هذه القوات مؤخراً من مصادرة 750 طناً من الأسلحة كانت في طريقها إلى الجماعة المدعومة من إيران
ومع مزيد من الدعم والتدريب، يمكن لهذه القوات توسيع نطاق عملياتها ضد الحوثيين بشكل أكثر فاعلية
كما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) على ميناء عدن، الذي اكتسب أهمية أكبر بعد الغارات الإسرائيلية والأمريكية على ميناء الحديدة، والتي ألحقت أضراراً به
فقد تمكنت قوات المجلس من اعتراض مكونات طائرات مسيّرة وأجزاء أسلحة كانت معدة للحوثيين بعد أن تم تحويل مسارها عبر ميناء عدن
ومن خلال دعم هذه القوات أيضاً، يمكن لمبادرة YMSP أن توسع نطاق جهود الاعتراض وتدعم التنسيق بين أطراف التحالف المناهض للحوثيين
وينبغي أن تكون هذه المبادرة بمثابة الآلية الأساسية لتنسيق الدعم الدولي لقوات خفر السواحل اليمني، مع ضمان توزيع الموارد والأموال وفق أولويات محددة بوضوح، وفرض رقابة صارمة على الإنفاق
سيساعد ذلك على منع الفساد والهدر المالي وتعزيز الشفافية والشرعية، مما سينعكس إيجاباً على مكانة الحكومة اليمنية دولياً ويشجع على مزيد من الاستثمارات المستقبلية في مؤسساتها الأمنية والاقتصادية
إن مبادرة الشراكة البحرية لأمن اليمن (YMSP) تمثل خطوة مهمة نحو تمكين اليمنيين من استعادة بلدهم من الحوثيين
وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في تأمين البحر الأحمر، فعليها أن تدعم هذه المبادرة بشكل كامل لضمان تحقيقها أقصى قدر من النجاح
إن يمنًا قادراً على هزيمة الحوثيين والتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها لاحتواء النفوذ الإيراني هو هدف يستحق السعي لتحقيقه
ومن خلال ذلك، يمكن للولايات المتحدة تعزيز أمنها القومي في الشرق الأوسط والمساهمة في إرساء استقرار دائم في المنطقة
عن الكاتبين:بريدجيت تومي: محللة أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)
إريك نافارو: مدير البرامج العسكرية والاستراتيجية في منتدى الشرق الأوسط (Middle East Forum)