لحج: جمعية للحد من انتشار فقر الدم الوراثي
منذ 4 ساعات
لحج – صلاح بن غالب يذهب المواطن ياسر نعمان بمحافظة لحج، جنوب اليمن، بداية كل شهر مع طفلتيه إلى المستشفى بمركز مديرية طور الباحة، للبحث عن متبرع للدم
ويسعى نعمان -شهريًا- إلى تركيب قربتين من الدم لصغيرتيه؛ نتيجة إصابتهما بمرض (الثلاسيميا) أو ما يعرف بـ(تكسرات الدم) الوراثي
يقول نعمان لـ«المشاهد»: لديّ ثلاث طفلات جميعهنّ مصابات بمرض تكسرات الدم الوراثي، توفت إحداهنّ بعد مضاعفات سببها المرض
وأضاف: أخشى على بقية بناتي من مواجهة ذات المصير، خاصةً مع ضرورة تركيب الدم لهنَّ كل شهر
وواصل: قرر الأطباء لكل واحدة منهنّ حقنة كل 21 يومًا، مع الاستمرار في تناول الدواء دون توقف مدى الحياة
يعرف مرض الثلاسيميا بأنه مرض فقر الدم الوراثي يحدث عند التقاء جينين أحدهما من الأب والآخر من الأم، مسببًا خللًا في سلاسل البروتين الموجودة في جزيء الهيموجلوبين أو “خضاب الدم”، حد حديث سابق للدكتور خالد النهاري، رئيس الجمعية اليمنية لأصدقاء مرضى الدم بمدينة تعز
الدكتور حالد النهاري: الثلاسيميا أو فقر دم البحر الأبيض المتوسط هو مرض وراثي يحدث عند التقاء جينين أحدهما من الأب والآخر من الأم، مسببًا خللًا في سلاسل البروتين الموجودة في جزيء الهيموجلوبين أو “خضاب الدم”يحتاج المريض إلى نقل الدم كل ثلاثة أو أربعة أسابيع على مدى الحياة، واستخدام أدوية لسحب أو إزالة الحديد من أنسجة ودم المريض بشكل دائم، حسب النهاري
يسبب مرض أحد أفراد العائلة ضغطا ماليا كبيرا على رب الأسرة
يقول نعمان أن تكاليف العلاج وأسعار الأدوية تتصاعد وترتفع باستمرار، ولا يوجد دعم كافي للمرضى
كما “أن هناك أدوية وعلاجات ذات فعالية قوية وسريعة يقررها الأطباء ولا نقدر على توفيرها؛ بسبب أسعارها المرتفعة، يقول نعمان
معاناة نعمان مع طفلتيه ليست مجرد حالة فردية، ولكنها معاناة تكابدها شريحة واسعة من المرضى، الذين يتألمون وأهاليهم بصمت
الأمر الذي يجعل من هذه الآلام ظاهرة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها وكسر حاجز هذا الصمت
بالرغم أن مرضًا، مثل تكسرات الدم، يصنف بأنه مرض وراثي، إلا أن نعمان يشير إلى أنه تزوج من غير الأقارب
مستغربًا من إصابة بناته به، وهو استغراب يجيب عنه مختصون وخبراء في هذا المجال
الباحث في أمراض الدم الوراثي بجامعة لحج، الدكتور سلطان محمد، قال: إن الإنيميا المنجلية والثلاسيميا لا تحدث فقط بزواج الأقارب
وأضاف لـ«المشاهد»: بل تحدث أيضًا إذا تزوج رجل حامل بجينات المرض بامرأة حاملة بالمرض، سواءً كانا الزوجين أقارب أو غرباء
مشيرًا إلى أن هذه الأمراض يطلق عليها اسم “أمراض حوض البحر الأبيض المتوسط”
موضحًا أن الحامل للمرض -ذكرًا أو أنثى- لا تظهر عليه أعراض الإصابة، ولا يعاني مضاعفات صحية، ويمارس حياته بشكل طبيعي
ويقول الدكتور سلطان أن أسباب وعوامل تزايد حالات الإصابة بالمرض ترجع إلى عدم إجراء فحوصات طبية للمقبلين على الزواج
مجددًا الإشارة إلى أن الإصابة بهذا المرض، أو غيره من الأمراض الوراثية، لا يشترط وجود صلة قرابة بينهما من عدمه
وحذر الباحث في المجال الصحي، من أن استمرار هذه السلوكيات من المُقبلين على الزواج، قد يتسبب بكارثة صحية
مبيّنًا أن هذه المشكلة قد تتحول إلى جائحة صحية خطيرة للغاية تهدد حياة الأجيال المقبلة لا محالة
حد قوله
الدكتور سلطان محمد: الإنيميا المنجلية والثلاسيميا لا تحدث فقط بزواج الأقارب
بل تحدث أيضًا إذا تزوج رجل حامل بجينات المرض بامرأة حاملة بالمرض، سواءً كانا الزوجين أقارب أو غرباء
”داعيًا السلطات الصحية والمسؤولة عن التثقيف الصحي برفع مستوى الثقافة الصحية، من خلال التوعية بمخاطر أمراض الدم الوراثية
بالإضافة إلى تفعيل الرسائل الإعلامية الموجهة للمجتمع في هذا المجال، وعقد دورات صحية لخلق وعي مجتمعي شامل بمخاطر الأمراض الوراثية
كما دعا الدكتور سلطان إلى الكف عن عشوائية الزواج دون إجراءات صحية مسبقة تحول دون إصابة الأطفال بالوباء مدى الحياة
من جانبه، انتقد أستاذ الشريعة والقانون بجامعة لحج، الدكتور فهمي الهبوب، قانون الأحوال الشخصية اليمني الصادر سنة 1999
وأبدى الدكتور الهبوب أسفه من عدم تطرق القانون اليمني في نصوصه إلى وجوب إجراء الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج
وقال لـ«المشاهد» إن هذه الإجراءات تجعل طرفي الزواج على بينة من أمرهم؛ حفاظًا على صحة أطفالهم من أمراض الدم الوراثية
وكشف الهبوب أنه لا حلول ناجعة في اليمن، إلا أضافة الجهات التشريعية فقرة مُلزمة إلى قانون الأحوال الشخصية
مقترحًا أن تنص هذه الفقرة على اتخاذ تدابير تقي الطفل اليمني من الإصابة بأمراض الدم الوراثية
يتناول مدير مركز رعاية مرض الثلاسيميا والدم الوراثي بمدينة صنعاء (شمال اليمن)، الدكتور مختار اسماعيل، قضية الإحصائيات والأرقام المتزايدة للمرضى
ويقول إن مرض الثلاسيميا في تزايد مستمر باليمن نتيجة الزواج دون إجراء فحوصات طبية
معتبرًا أن هدف تلك الفحوصات هو التأكد من خلو الطرفين من أي دلائل أو احتمالات إصابة المواليد بأمراض الدم الوراثي
وكشف إسماعيل خلال حديثه مع «المشاهد» عن أن المرض ليس له أدويه للشفاء منه بشكل تام
مشيرًا إلى أن كل ما هو موجود حاليًا هي مسكنات تخفف آلام المريض المصاب فقط
لافتًا إلى أن الاحصائيات تشير إلى تسجيل ما يقارب 1000 حالة جديدة سنويًا باليمن
كما تطرق إلى أعداد المصابين المسجلين تراكميًا بالجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا ومركز الدم الوراثي بمحافظتي صنعاء والحديدة فقط
حيث وصل العدد التراكمي للمصابين المسجلين لدى مراكز الجمعية في صنعاء، والحديدة حتى أواخر 2024، إلى أكثر من 11 ألف حالة إصابة بين الأطفال دون سن 18، حسب إسماعيل
في المقابل، ذكرت إحصائيّة لوزارة الصحة في صنعاء، أن أعداد الحالات الجديدة في 2022 وصلت إلى أكثر من ألف حالة، قرابة النصف منهم في الحديدة
في ظل وضع صحي خطير بالنسبة للأمراض الوراثية، شهدت محافظة لحج، مبادرات محلية من قبل كيانات مجتمعية؛ لمواجهة هذه الأمراض
وأعلن عدد من الناشطين وقيادات مجتمعية بمديرية طور الباحة، بمحافظة لحج، في فبراير الجاري، إشهار جمعية “الرحمة الخيرية لمرضى الأنيميا”
وقال أمين عام الجمعية عبد القوي سعيد لـ«المشاهد» إن إشهار الجمعية الخاصة لمرضى الأنيميا (تكسرات الدم) يحمل غايات توعية صحية
وأضاف أن أبرز أهداف الجمعية هو نشر الوعي الصحي للحد من تزايد المصابين بالمرض، بالإضافة للاهتمام بالمرضى ومساعدتهم طبيًا
ويأتي إشهار الجمعية الخيرية بعد التماس المجتمع المحلي في مديرية طور الباحة إلى تزايد أعداد الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية
ونادى ناشطون وإعلاميون يمنيون بضرورة تعميم هذه التجربة التوعوية على كافة أنحاء اليمن؛ بهدف كبح جماح انتشار الأمراض الوراثية بالبلاد
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير