لماذا تزدهر المقاهي اليمنية في الولايات المتحدة؟ - [ترجمة خاصة]
منذ 3 ساعات
كتب: زارين سيد- في الافتتاح التجريبي الأخير لمقهى شبام كوفي في ضاحية غلينديل هايتس، تدفق الزبائن واصطفوا عند المدخل المحاط بالحبال الحمراء، يحدّقون بدهشة في التصميم الداخلي الفاخر للمكان، حيث الأرضيات الرخامية والكتابات العربية على الجدران
بعض الزبائن بدأوا بالتقاط الصور حتى قبل أن يصلوا إلى الباب الرئيسي
فيما سأل مراهق أحد الموظفين الذين كانوا ينصبون الكراسي عمّا إذا كان المقهى اليمني بحاجة إلى موظفين جدد
ما كان في السابق فرعًا لبنك تشيس بجوار مطعم تاكو بيل في ساحة تجارية مزدحمة على شارع نورث أفنيو، تحوّل الآن إلى مقهى أنيق يقدّم قهوة الهيل واللاتيه بالفستق لزبائن متحمسين لأن يصبحوا رواداً دائمين له
قال معِز بيغ، الشريك المالك للمقهى الجديد وأول فرع لسلسلة شبام كوفي (التي انطلقت من ديربورن بولاية ميشيغن) في ولاية إلينوي: الناس ظلوا يسألون على وسائل التواصل الاجتماعي متى سنفتح، وقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً، لكننا أردناه أن يكون مثالياً
تجارة القهوة اليمنية مزدهرة الآن – ومهما كثر عدد المقاهي فالناس يظلون متحمسين
ازدهار لافت في ضواحي شيكاغوتشهد ضواحي شيكاغو، وخاصة لومبارد ومناطق أخرى ذات كثافة متزايدة من الجاليات المسلمة الحديثة، طفرة ملحوظة في المقاهي اليمنية
هذا الازدهار يعكس تصاعد الطلب على أماكن للتلاقي الاجتماعي بعيداً عن الكحول، لكنها تمنح في الوقت نفسه أجواء ليلية نابضة بالحياة
يقول بيغ: إنها بمثابة مكان ثالث بالنسبة لنا
نحن لا نذهب إلى الحانات، لكن هذه المقاهي مزدهرة لأنها بمثابة حانات حلال
مصطلح المكان الثالث صاغه عالم الاجتماع الأميركي راي أولدنبرغ للإشارة إلى أماكن خارج المنزل والعمل يلتقي فيها الناس ويتواصلون اجتماعياً
ومع أن وصف المقاهي اليمنية بهذا المصطلح جديد نسبياً، إلا أن الفكرة ليست مفاجئة: فالناس يريدون مكاناً جميلاً وآمناً يقضون فيه وقتاً ممتعاً
والقهوة والشاي الرائعان يمثلان قيمة مضافة
الناس يشعرون بالانتماء بسبب التجربة – إنها أماكن للعائلات مع الأطفال، ولمن يريدون العمل على أجهزتهم المحمولة، وللشباب الذين يلتقون أصدقاءهم
لا أحد يشعر بأنه غريب، يضيف بيغ
تفاصيل فريدة: قاعات وصلاة ومناسباتيؤكد بيغ أنه أراد أن يقدم ما كان مفقوداً في السوق: مساحة داخلية واسعة، وموقف سيارات يستوعب الإقبال الكبير
ويضم المقهى أيضاً غرفة صلاة، ومكاناً مخصصاً للوضوء، فضلاً عن غرف قابلة للحجز لإقامة حفلات ميلاد أو مؤتمرات أو اجتماعات
ويقول: هذا أمر لا يمتلكه أحد غيرنا، وهو فريد للغاية
الناس يحجزون هذه الغرف للمناسبات المختلفة
(شبام) أصبح أشبه ببيت للكثير من الناس
تبلغ الطاقة الاستيعابية القصوى للمقهى 120 شخصاً في الداخل، مع مساحة إضافية لما يقرب من 100 شخص في الخارج
ويعلّق بيغ ضاحكاً: حتى هذا قد لا يكون كافياً
إرشاد خانلوذي، صهر بيغ وشريك آخر في ملكية الفرع الجديد، يقول إنه يشعر بارتياح كبير لرؤية الشبان والكبار يجلسون باطمئنان في المكان الذي استثمر وقتاً وجهداً كبيرين في إنشائه
ويضيف: أحب أن أرى هذا المشهد – هل تصدق أن هناك نحو 200 شخص هنا، داخل المقهى وخارجه؟كان ذلك في ليلة سبت امتدت حتى الساعات الأولى من صباح الأحد (الساعة 1:30 فجراً)، في وقت كانت بقية المتاجر مغلقة والهدوء يخيّم على المنطقة، فيما يضيء المكان بزواره وأضوائه
بديل عن الحانات والنوادي الليليةالمقاهي اليمنية لاقت صدى كبيراً في أوساط الجاليات المهاجرة التي تبحث عن أماكن للتنزه ليلاً، لكن بعيداً عن الحانات والنوادي
أماكن ما زالت تحافظ على الأجواء الجمالية والموسيقى، لكن بدرجة تسمح بالمحادثة والراحة
وخلال النهار، تتحول الأجواء في مقهى شبام
تقول الباريستا يمانة كربي في أحد أيام الخميس:هذا هو الهدوء في أقصى حالاته
في البداية كان الأمر جنونياً، لا أعرف من أين جلبت الطاقة لأواكب كل ذلك
الزحام والحركة تحل مكانهما أجواء هادئة لطلاب الجامعات في عطلتهم، وشابات يلتقطن صوراً لمشروب التنين الوردي، وعاملين عن بُعد ينجزون أعمالهم في أجواء مضاءة وجميلة
يرتاد المكان أشخاص بملابس عصرية أو رسمية أو تقليدية، من السلوار قمِيص الهندي إلى الثوب العربي
كربي، وهي يمنية الأصل وُلدت ونشأت في مدينة حيدر أباد بالهند، تقول إنها فوجئت بكثرة المقاهي اليمنية في ضواحي شيكاغو، وهو أمر لم تعهده في بلدها الأم
البداية: قهوة هاوس الأصليةما بدأ هذا الازدهار فعلياً هو مقهى قهوة هاوس (Qahwah House)، الذي يوصف بأنه الأصلي في هذا المجال
أسسه إبراهيم الحسباني في ديربورن بولاية ميشيغن عام 2017، كأول مقهى يمني من نوعه في الولايات المتحدة، يقدم القهوة اليمنية التقليدية من المزرعة إلى الكوب
اليوم، تمتلك السلسلة أكثر من 23 فرعاً في سبع ولايات، مع طلبات يومية للحصول على امتيازات جديدة
ومنذ افتتاح فرعها الثاني في لومبارد عام 2021، انطلقت موجة من المقاهي اليمنية في منطقة شيكاغو
مقاهي أخرى مثل حراز كوفي هاوس تبنت النموذج نفسه، مع توسع سريع يشمل نيلز وأورلاند بارك وفرعاً مرتقباً في أورورا
يقول الحسباني: خطتنا منذ البداية كانت أن نضع القهوة اليمنية وتاريخها في الواجهة
فاليمن هو مهد القهوة، وهكذا نشارك ثقافتنا مع الجميع
بالطبع لا يمكن أن نفعل ذلك بمفردنا
الحسباني ينحدر من عائلة تمتد فيها زراعة البن لثمانية أجيال
ومنذ افتتاح قهوة هاوس، كان هدفه وضع اليمن على الخريطة وتعريف الناس بتاريخها العريق مع القهوة
نعرف ما تعنيه القهوة بالنسبة لنا – فهي ليست من 2017 أو من الأمس
لدينا 300 عام من الخبرة والمعرفة بالتربة والجودة والعملية، يقول الحسباني
ويضيف أنه فخور بأن كل مقهى يمني جديد ما زال يحافظ على الطابع الثقافي الأصلي وعلى مفهوم من المزرعة إلى الكوب
يجب أن تأتي بالقهوة من اليمن
إذا زادت أعداد المقاهي اليمنية فهذا يعني أننا سنحتاج إلى مزيد من البن، وسيساعد ذلك اقتصاد اليمن ويوفر فرص عمل جديدة
هذا كان مخططنا منذ البداية
ما بعد القهوة اليمنيةالطفرة في لومبارد لم تقتصر على المقاهي اليمنية فقط، بل شملت مقاهي أخرى مملوكة لمسلمين تتبنى ثقافة الكافيه بأساليب مختلفة، لكل منها هويته الخاصة